أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد، وهي مبادرة عالمية فريدة من نوعها تهدف لتسخير هذه التكنولوجيا الواعدة لخدمة الإنسان وتعزيز مكانة دولة الإمارات ودبي بصفتها مركزاً رائداً على مستوى المنطقة والعالم في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول العام 2030.
وأكد سموه جدية دولة الإمارات و سعيها المتواصل في تحقيق الريادة العالمية وصناعة المستقبل من خلال الاعتماد على الابتكارات المستقبلية وتوظيف الطاقات والعقول البشرية المبدعة لإطلاق المبادرات الهادفة إلى خدمة المجتمع الإنساني بأسره.
وقال: “رؤيتنا للتطوير تنطلق من الفهم العميق لاحتياجات المستقبل وتقديم الأفكار الاستباقية، لأننا نريد أن نكون في المركز الأول عالمياً، ومنهجيتنا في التطوير ترتكز على إطلاق المبادرات التي يمكن تطبيقها في أي مكان حول العالم وخلق نموذج عالمي يضيف قيمة ليس فقط لاقتصادنا وإنما للاقتصاد العالمي”.
وأردف: “المستقبل لا ينتظر المترددين ولا المتباطئين، واليوم نستكمل خطوات بدأناها في تعزيز اقتصادنا الوطني وتنافسيتنا العالمية، أطلقنا قبل أيام قليلة أجندة المستقبل، وبدأنا ترجمتها من خلال مبادرات واستراتيجيات تضيف قيمة لحياة الإنسان ولاقتصادنا الوطني”.
وقال سموه في ذات السياق: “تقدم دولة الإمارات العربية المتحدة للعالم اليوم أول استراتيجية متكاملة وشاملة لتسخير التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد لخدمة الإنسانية، ليس هذا فقط، بل وضعنا الخطط العملية ورسمنا الأهداف لتحويلها إلى واقع، واقع يساهم في تقدم وازدهار العالم والحفاظ على تراثنا ومروثنا الإنساني”.
وشدد سموه: “سيكون المستقبل قائمًا على الطباعة ثلاثية الأبعاد وستدخل هذه التكنولوجيا في جميع تفاصيل حياتنا، ابتداء من البيوت التي نسكنها و الشوارع التي نسير عليهاً والسيارات التي نقودها والملابس التي نلبسها وانتهاء بالطعام الذي نتناوله.
وأضاف: “ستخلق هذه التكنولوجيا قيمة اقتصادية تصل إلى مليارات الدولارات خلال الفترة القادمة ولابد لنا من حصة في هذا السوق العالمي المتنامي، كما ستعيد هذه التكنولوجيا هيكلة الاقتصادات وأسواق العمل، فلن تكون هناك حاجة للعمالة قليلة المهارة بالقدر الذي نشهده اليوم وخاصة في قطاعات الصناعة والتشييد، كما أنها ستعيد تعريف الإنتاجية، فالوقت المستغرق في طباعة المباني أو المنتجات لا يساوي 10% من الوقت المستغرق في البناء أو الإنتاج بالطرق التقليدية”.
وقال سموه: “هدفنا يتمثل في أن تكون 25% من مباني دبي مصنوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول العام 2030 وسترتفع هذه النسبة مع تطور التكنولوجيا عالمياً ونضوجها، وكذلك نمو طلب الأسواق التي ستدرك أهمية هذه التكنولوجيا في إعادة ابتكار قطاع التشييد والبناء من خلال خفض التكلفة وتقليل المدة المستغرقة في تنفيذ المشاريع وتقليل عدد العمالة، وكذلك تقليل نسبة المخلفات الناتجة من البناء والمضرة بالبيئة. كما سيتم التركيز على قطاعات حيوية أخرى مثل الطب والمواد الاستهلاكية والتي ستتيح لهم هذه التكنولوجيا حرية التصميم والتنفيذ للبضائع والمنتجات بأسعار تنافسية”.
وأضاف: “نطمح للدولة وعبر استراتيجية الطباعة ثلاثية الأبعاد أن تصبح خلال السنوات المقبلة مركزاً عالمياً لتطوير هذه التقنية وتوفير عمليات البحث والتطوير التي تمكن من توفير أفضل فرص الابتكار والتطبيق الأمثل لها عالمياً. هدفنا هو الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للناس، وسنكون سباقين في تطوير تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد وتسخيرها لصالح خدمة المجتمع بأكمله“.
ودعا سموه جميع الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص والجامعات ومراكز البحث والمؤسسات الأكاديمية للعمل كفريق واحد من أجل إرساء نموذج عالمي تبدعه أيادي إماراتية ليكون بمثابة منصة للمبتكرين من جميع أنحاء العالم في هذه التقنية المستقبلية.
3 قطاعات رئيسية و5 محاور للاستراتيجية
وستركز استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد التي تهدف لجعل دبي عاصمة عالمية لتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول عام 2025 على 3 قطاعات رئيسية وهي: البناء والتشييد، المنتجات الطبية، والمنتجات الاستهلاكية وذلك بالاعتماد على ميزات إمارة دبي التنافسية والمستقبلية.
وسيتم التركيز في قطاع التشييد والبناء على منتجات الإضاءة، القواعد والأساسات، مفاصل البناء، المرافق والمنتزهات، مباني الحالات الإنسانية والمباني المتنقلة إضافة إلى المعارض والمخازن والفلل السكنية حيث يتوقع أن تبلغ قيمة قطاع التشييد والبناء المطبوع بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد في دبي حوالي 3 مليار درهم بحلول عام 2025، حيث سيتم زيادة نسبة الطباعة ثلاثية الأبعاد في مباني دبي بشكل تدريجي وبنسبة 2% بداية من عام 2019 و المحتمل زيادة هذه النسبة بحسب سرعة تطور التكنولوجيا واعتماديتها في المستقبل.
وضمن قطاع المنتجات الطبية سيتم التركيز على طباعة أطقم الأسنان، طباعة العظام والأعضاء الاصطناعية، النماذج الطبية والجراحية وأجهزة السمع، حيث يتوقع أن يصل حجم سوق المنتجات الطبية المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في دبي حوالي 1.7 مليار درهم بحلول عام 2025.
أما ضمن قطاع المنتجات الاستهلاكية فسيتم التركيز على الأدوات المنزلية، البصريات، الأزياء والمجوهرات، ألعاب الأطفال والأطعمة السريعة، كما يتوقع أن يصل حجم سوق المنتجات الاستهلاكية المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في دبي حوالي 2.8 مليار درهم بحلول 2025.
كما تتمحور الاستراتيجية حول 5 محاور رئيسية وهي: البنية التحتية، البنية التشريعية، المواهب، التمويل، وطلب السوق.
حيث سيتم العمل ضمن محور البنية التشريعية على وضع إطار تنظيمي وتشريعي لاستخدام التكنولوجيا ضمن القطاعات المختلفة. كما سيتم تحديد المواصفات للمواد التي سيتم استخدامها في الطباعة ضمن القطاعات والاستخدامات المختلفة، وسيتم العمل من خلال البنية التحتية على توفير بنية تحتية مجهزة وداعمة لأنشطة البحث والتطوير والتصميم والتصنيع المرتبطة بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد، وجاذبة لأكبر الشركات العالمية في هذا المجال.
وسيتم التركيز من خلال محور المواهب على بناء قدرات المواهب المحلية من باحثين ومصممين ومبتكرين وجلب أفضل العقول المبتكرة حول العالم في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد، أما بالنسبة لمحور التمويل فيستم توفير بدائل تمويلية توفر الدعم والاستثمار الضروري لتطوير التكنولوجيا وتوسيع نطاق تطبيقها.
وفيما يتعلق بمحور طلب السوق، فسيتم تشجيع تطبيق التكنولوجيا ضمن القطاعات المختلفة مما يساهم في دفع أسعار منتجاتها إلى مستويات تنافسية مع الحفاظ على جودتها.
شركاء رئيسيين وتضافر للجهود لتحقيق أهداف الاستراتيجية
وستقوم على تنفيذ الاستراتيجية جهات رئيسية منها : بلدية دبي ، هيئة الصحة بدبي و شركة دبي القابضة حيث تهدف استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد إلى تنسيق جهود المؤسسات الحكومية وشراكات القطاع الخاص لتوحيد الرؤى المستقبلية لمسيرة تطور دبي، وتوظيف الخبرات المحلية والعالمية المبتكرة. كما ستقوم مؤسسة دبي للمستقبل بالمساهمة بدور كبير في تنظيم هذه الجهود ووضعها في إطار الخطط المرسومة لتحقيق الاستراتيجية.
مبادرات فعالة ومبتكرة
كما تعتبر بلدية دبي من أهم الجهات الحكومية المعنية بتنفيذ استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وذلك لجعل 25% من أبنية دبي مطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول العام 2030 من خلال دراسة استخدام التقنيات المتوافرة في الوقت الحالي محلياً وكيفية استقطاب الشركات العالمية الرائدة في هذا المجال، فضلاً عن تحليل الآلية الأمثل لإنجاح عملية التحول من طرق البناء التقليدي إلى البناء باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
وتتجسد مشاركة بلدية دبي في تحقيق مستهدفات الاستراتيجية من خلال إطلاق وتنظيم العديد من المشاريع والمبادرات الرئيسية عبر 4 مراحل. حيث تتضمن مرحلة التأسيس إعداد دراسة شاملة لصناعة الطباعة ثلاثية الأبعاد خصوصاً في مجال المباني وآليات الاستقطاب، والمساهمة في وضع الأنظمة والتشريعات المنظمة لعملية التسجيل والتأهيل و الترخيص والتنفيذ ومتابعة الرقابة والتعديل، بالإضافة إلى التنسيق مع المتعاملين والدوائر الحكومية و المطورين و المصنعين و شركات تقنية المعلومات ونشر ثقافة التغيير .
وتهدف مرحلة التأهيل إلى تنظيم مشروع وضع الكودات الخاصة بصناعة طباعة المباني من المواد والنظم والمواصفات والأجهزة الفنية ومعايير الاستدامة والصيانة، بالإضافة إلى اعتماد وتسجيل وتصنيف وتثقيف المهندسين والشركات المحلية والدولية، والعمل على تجهيز المختبرات للفحص والقياس والاعتماد المحلي والدولي، وإعداد الكوادر و الأنظمة الإلكترونية للقيام بعمليات الترخيص والرقابة على التنفيذ والتفتيش المستمر.
وتبدأ المرحلة الثالثة وهي مرحلة التنفيذ عبر إطلاق المشروع التجريبي الأول مع دبي القابضة، واستقطاب المطورين لتبني مشاريع تجريبة أخرى، فضلاً عن استقطاب القطاع الخاص و الاستشاريين لتبني عمليات التحول نحو طباعة المباني من خلال مجموعة من الحوافز ذات الأثر المباشر . أما مرحلة التطوير فتشمل عمليات التقييم من خلال عدة مقاييس ومؤشرات أداء تغطي كافة المراحل السابقة والعمل على تطويرها، وصياغة اتفاقيات عمل مع المطورين الرئيسيين لتطوير قطاع تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتعزيز الانتشار المحلي والإقليمي والدولي.
كما ستستهم هيئة الصحة بدبي في تنفيذ مخرجات الاستراتيجية ضمن قطاع المنتجات الطبية من خلال خلق البيئة الملائمة ووضع الضوابط، المواصفات والاشتراطات لتطبيق التكنولوجيا في القطاع الطبي إضافة إلى الترويج لدبي كمركز عالمي للمنتجات الطبية المطبوعة بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد، وأخيراً بناء الشراكات العالمية مع اللاعبين الرئيسين للتكنولوجيا في القطاع الطبي .
كما ستلعب شركة دبي القابضة دوراً جوهرياً في تنفيذ ودعم استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد من خلال مدينة متكاملة تضم مختبر ومركز لاحتضان والمبتكرين والمصممين والمبدعين، ، بالإضافة إلى تنظيم الدورات التدريبية وورش العمل. هذا بالإضافة جذب الشركات العالمية المتخصصة في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد وتقديم الدعم والتسهيلات اللازمة لها لنمو أعمالها بما ينعكس إيجاباً على نضوج هذه التكنولوجيا .
مؤتمر دبي العالمي للطباعة ثلاثية الأبعاد
كما سيتم من خلال الاستراتيجية تنظيم مؤتمر عالمي للطباعة ثلاثية الأبعاد ليشكل منصة عالمية لبحث أخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في هذا المجال إضافة إلى استشراف مستقبلها ، وسيركز المؤتمر على جذب أهم اللاعبين الرئيسيين في هذا القطاع الناشئ من مصممين و مصنعين و مطوري تكنولوجيا وكذلك ممثلي الجهات التنظيمية تحت مظلة واحدة لمناقشة مستجدات الطباعة ثلاثية الأبعاد ، المواد المتقدمة والمستخدمة في الطباعة ، التصاميم العملية والمستقبلية ، الجوانب التنظيمية والتشريعية إضافة إلى اكتشاف الأسواق والقطاعات الواعدة والتي يمكن أن تطبق فيها هذا التكنولوجيا المستقبلية .
أجندة المستقبل وترجمتها العملية
وتندرج المبادرة تحت برنامج مدن المستقبل والذي يهدف إلى إطلاق استراتيجيات ومشاريع تخصصية ذات طابع مستقبلي تحقق الأسبقية العالمية لدولة الإمارات وتضيف قيمة اقتصادية واجتماعية ، حيث يعتبر برنامج مدن المستقبل أحد البرامج المنبثقة من أجندة دبي للمستقبل والتي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ، رئيس مجلس الوزراء ، حاكم دبي ، رعاه الله ، بداية الأسبوع الجاري.
مستقبل قطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد
ومن المتوقع أن تبلغ قيمة قطاع سوق تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على مستوى العالم نحو 120 مليار دولار بحلول العام 2020، ونحو 300 مليار دولار بحلول العام 2025، وذلك بفضل الزيادة في أنشطة الأبحاث وتطوير المنتجات، وازدياد الحاجة إلى مزيد من الإبداع في عملية التصميم، وسهولة
الإنتاج والتصنيع في مختلف القطاعات بفضل استخدام هذه التقنية المتقدمة القادرة على صنع أي جسم صلب من نموذج رقمي يتم تصميمه على أجهزة الحاسوب وإحداث نقلة نوعية في عالم الصناعة.
وتشير التقارير إلى دور تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في توفير تكلفة البناء بنسبة تتراوح بين 50% إلى 70%، وتكلفة العمالة بنسبة تتراوح بين 50% إلى 80%، إضافة إلى تقليل نسبة النفايات الناجمة عن عمليات الإنشاء بنسبة تصل إلى 60%، مما ينعكس إيجاباً على المردود الاقتصادي للقطاع ويساهم في تحقيق استدامة البيئة والموارد.
وتخصص دول أمريكا الشمالية واليابان وألمانيا والمملكة المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة ميزانيات ضخمة في مجال تطوير تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في مختلف المجالات كالطب والصناعة والسيارات والطيران.
أرسل تعليقك