بعد تسجيل درجات حرارة قياسية خلال شهر تموز (يوليو) في تونس والجزائر والمغرب، تشهد الدول الثلاث موجة من العواصف أدت إلى فيضانات، خاصة في المناطق الجبلية.
ومع دخول الجفاف في المنطقة عامه الثالث، ثارت مخاوف من مخاطر التغيرات المناخية في شمال أفريقيا.
فقد حذّر المعهد الوطني للرصد الجوي ووزارة الفلاحة في تونس من التقلبات المناخية التي تشهدها البلاد، بعد تقطّع السبل بسكان عدد من المدن والقرى، خاصة في المناطق الغربية المعروفة بمرتفعاتها وفي المناطق الساحلية، وسط البلاد.
وتخشى السلطات التونسية فيضان الأودية، خصوصاً وادي مجردة، أطول الأنهار التونسية، إذ يمتد من سوق هراس في الجزائر وحتى خليج تونس العاصمة.
وفي الجزائر، أفادت وكالة الأنباء الرسمية نقلاً عن مصادر طبية بأن خمسة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم وتشرد نحو 345 عائلة، منذ بداية الشهر الجاري، في ولاية تمنراست، جنوبي البلاد، جراء تشكل برك مائية خلفتها الأمطار الغزيرة.
وسجلت الجزائر درجات حرارة قياسية الشهر الماضي، بلغت 51.3 في ورقلة، جنوبي البلاد، وهي أعلى درجة سجلت في القارة الأفريقية هذا العام.
وفي المغرب، ذكرت وسائل إعلام محلية أن صفارات الإنذار دوّت في منطقة أوريكا الجبلية، غربي البلاد، لتحذير الأهالي والسياح من فيضان مياه الوادي.
وكانت منطقة أوريكا قد شهدت فيضانات فجائية في صيف 1995، راح ضحيتها العشرات.
أمطار تفوق التوقعات
ويقول الخبير في الطبقات الجوية في المعهد الوطني للرصد الجوي في تونس، هشام السكوحي، إن السبب الرئيسي للتقلبات الجوية التي تشهدها المنطقة يتمثل في “ارتفاع درجات حرارة مياه البحر المتوسط، إذ بلغت 28 درجة العام الجاري، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسب الرطوبة بشكل غير مسبوق”.
ويضيف السكوحي أن “سيناريو الأسبوع الأول من شهر آب (أغسطس) الجاري يبقى قائماً، لتوفر الظروف ذاتها”، موضحاً أن “معدلات الأمطار فاقت كل التوقعات”.
وعمت شبكات التواصل الاجتماعي صور وتسجيلات من تونس والجزائر والمغرب تظهر تسبب الفيضانات في قطع طرق وانهيار جدران وتوقف حركة النقل.
بنية تحتية متهالكة
وتواترت تعليقات بشأن درجة تآكل البنية التحتية، التي يعود بناء بعضها إلى حقبة الاستعمار الفرنسي، أي قبل قرن أو أكثر، في بعض الأحيان.
وبدت السدود في الدول الثلاث غير قادرة على استيعاب كميات مياه الأمطار الغزيرة التي هطلت على المنطقة، رغم دخول الجفاف في شمال أفريقيا العام الثالث على التوالي.
وتشهد منطقة شمال أفريقيا هطول الأمطار صيفاً بمعدل لا يتجاوز في السنوات العادية 30 ملليمتراً. لكنّ الموجة الأخيرة شهدت هطول أكثر من 90 ملليمتراً، في عدد من المناطق.
ويقول خبير الموارد المائية، حبيب العايب، إن “الفيضانات لها جانب إيجابي واحد يتمثل في فضح حجم الفساد، إذ يكفي يوم واحد من الأمطار للوقوف على حجم التلاعب بالمال العام في تشييد الطرقات وحماية الأراضي الزراعية”.
ويضيف العايب، أن تشكل البرك المائية بشكل هائل هو “نتيجة طبيعية لتراجع مساحة الغابات”، محذراً من أن “وتيرة الاضطرابات الجوية باتت أسرع من أي وقت مضى”، جراء خيارات وسياسات أضرت بالطبيعة بشكل “مثير للقلق”.
خطر التقلبات المناخية
ويشدد السكوحي، على أن حالة الطقس في منطقة جنوب البحر المتوسط باتت شديدة التقلب، تحت تأثير التقلبات المناخية، أكثر من أي منطقة أخرى.
ويتوقع المعهد الوطني للرصد الجوي أن تتواصل تقلبات الطقس، خاصة إذا هبت رياح باردة من الضفة الشمالية للبحر المتوسط.
ويحذر السكوحي من المخاطر التي تحيط بالمناطق الجبلية والمنحدرات، حيث تكون تداعيات الفيضانات أخطر بكثير من المناطق المسطحة.
وقد حذرت تقارير دولية في السابق من أن التقلبات المناخية قد تجعل مناطق في شمال أفريقيا غير صالحة للحياة خلال العقود المقبلة، بما في ذلك المدن الساحلية الكبرى.
أرسل تعليقك