مع بدء العد التنازلي لموعد إسدال الستار على فعاليات دورة الألعاب الأولمبية الحالية (ريو دي جانيرو 2016) كثف الأمن البرازيلي من تواجده في كافة الشوارع والميادين المحيطة تحسبا لمفاجآت الساعات الأخيرة.
وعلى الرغم من الانتشار الأمني الكبير منذ بداية فعاليات الدورة والذي ظهر جليا في جميع الطرق والميادين المؤدية لأماكن إقامة الفعاليات وكذلك داخل المنشآت الرياضية نفسها مثل المتنزه الأولمبي في بارا والذي يستضيف معظم فعاليات الأولمبياد، شهد اليومان الماضيان تواجدا أكبر لقوات الأمن خاصة في أماكن تجمعات الجماهير.
كما تطوف المروحيات سماء ريو بشكل مستمر مع توجيه كاشفات ضوئية تجاه الطرق الرئيسية للكشف عن أي تحركات مريبة على الأرض.
وشهدت الأيام الماضية من فعاليات الدورة الأولمبية عددا من حالات السرقة والاعتداءات التي تعرض لها المشاركون في الأولمبياد والضيوف والزائرون ولكنها لم ترتق للدرجة التي يمكن معها إفساد أجواء الدورة.
وكانت معظم هذه الحالات من السرقة متعلقة بالإقامة في القرية الأولمبية التي استضافت معظم الرياضيين الذين خاضوا فعاليات أولمبياد ريو لكن المنظمين نجحوا سريعا في التغلب على هذه المشاكل وحلها قبل أن تتفاقم.
وظلت واقعة ادعاء السباح الأمريكي رايان لوكتي تعرضه لعملية سطو مسلح خلال تواجده في شوارع ريو للاحتفال بعد انتهاء فعاليات السباحة في هذه الدورة الأولمبية هي الواقعة التي تؤرق المنظمين حتى الآن.
وأشارت الشرطة البرازيلية إلى أن ادعاءات لوكتي مجرد افتراءات وأنه لم يتعرض وزميله لأي اعتداء أو سرقة وإنما اختلق هذه الرواية للتعتيم على اشتباكه مع أفراد من الشرطة في نفس اليوم الذي ادعى تعرضه خلاله للسرقة.
وبعيدا عن حقيقة رواية لوكتي أو حوادث السرقة التي كانت معظمها حوادث فردية لا ترتقي لمستوى الأزمات التي يمكنها تهديد الدورة الأولمبية، كانت أبرز الأحداث التي عكرت صفو أولمبياد ريو هي الاعتداء على حافلة معتمدة لدى المنظمين كانت تقل بعض الإعلاميين وذلك خلال مرورها بمنطقة قريبة من "مدينة الله" وهي من مناطق العشوائيات.
وأشار بعض الإعلاميين الذين كانوا في الحافلة إلى أنه سمع إطلاق رصاص فيما أكد المنظمون أن الاعتداء على الحافلة كان من خلال رشق بالحجارة وهو ما تسبب في تحطيم اثنتين من نوافذ الحافلة.
كما شهدت فترة الأولمبياد أكثر من حالة تفجير "تحت السيطرة" لحقائب وجدت متروكة بالقرب من أماكن إقامة بعض المنافسات فيما أكدت الشرطة أنها لم تكن تحتوي على متفجرات ولكن تم تفجيرها "تحت السيطرة" كنوع من الإجراءات الوقائية.
ورغم هذه الحوادث التي اتسمت بعددها الكبير وتأثيرها المتوسط على المتابعين لفعاليات الدورة، كان التواجد الأمني المكثف منذ بداية فعاليات الدورة بمثابة مصدر اطمئنان كبير للمشاركين في الأولمبياد سواء من الرياضيين أو المسؤولين أو الإعلاميين كما كان مصدرا لاطمئنان الزائرين والمشجعين الذين توافدوا على ريو من كل مكان.
وعلى الرغم من صفوف الانتظار الطويلة أمام نقاط التفتيش الخاصة بالملاعب والمنشآت الرياضية المختلفة، كانت عملية التفتيش الصارمة مصدر اطمئنان أيضا لاسيما مع زيادة حساسية أجهزة الكشف الالكتروني الموضوعة في بوابات الدخول.
وقال أكثر من إعلامي من المتابعين لأحداث الدورة الأولمبية في ريو إن هذه الإجراءات الصارمة تسعده أكثر مما تزعجه وإن اضطر إلى التوجه في وقت مبكر بعض الشيء إلى الملاعب التي تستضيف الفعاليات الأولمبية تأهبا لهذا الانتظار الطويل الذي كان من الممكن التغلب عليه بمزيد من البوابات.
وكان المنظمون واجهوا مشكلة قبل بداية فعاليات الدورة بسبب عدم التزام الشركة المتعهدة بتوفير أفراد التفتيش لهذه البوابات وهو ما دفع المنظمين إلى إلغاء التعاقد مع هذه الشركة بعدما كانت مطالبة بتوفير نحو ثلاثة آلاف فرد أمن فيما لم تستطع توفير أكثر من 500 فرد ليستعين المنظمون بعدها بعدد من المتطوعين ورجال الأمن السابقين وأفراد من القوات المسلحة.
وعن العملية الأمنية بأكملها والتواجد الأمني المكثف في كل مكان، قال الكاتب الصحفي المصري أشرف محمود إنه يرى أن المنظمين في البرازيل نجحوا في التحدي الأكبر وبدرجة امتياز نظرا لحالة الاطمئنان التي تسيطر على الجميع رغم التهديدات الهائلة التي سبقت الأولمبياد كما أن الأحداث التي وقعت لا تؤثر بشكل كبير على نجاح العملية الأمنية.
وأضاف؛ في تصريح خاص لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "عبقرية العملية الأمنية التي يطبقها منظمو ريو 2016 تكمن في أن المشاركين في هذه الدورة الأولمبية والإعلاميين لا يشعرون بأي تأثير سلبي على تحركاتهم. نرى الأمن في كل مكان لكنه لا يؤثر على عملنا وهو ما يدل على أن البرازيليين تفهموا جيدا المخاطر الأساسية التي كانت تهدد هذا الأولمبياد وتعاملوا معها بحنكة".
وقال الصحفي سمير بازي من الإذاعة الفنزويلية: "في الأوقات الطبيعية والظروف العادية، لا تبدو ريو مكانا آمنا تماما. سمعت كثيرا عن المشاكل الأمنية في ريو ولكن الحقيقة أن التواجد الأمني المكثف والإجراءات الصارمة تثير ارتياحا شديدا لدى المتواجدين في ريو حاليا.. وأتمنى أن تستمر العملية الأمنية بهذا النجاح حتى خط النهاية يوم الأحد المقبل".
وهكذا، ستكون الساعات الـ48 القادمة بمثابة الاختبار النهائي للمنظمين في البرازيل خاصة وأن هذه الساعات ستشهد أكثر من حدث كبير وجماهيري مثل نهائي مسابقة كرة القدم للرجال غدا السبت ثم الحفل الختامي بعد غد الأحد.
وإذا نجح البرازيليون في استكمال نجاح العملية الأمنية، سيكون هذا هو النجاح الأبرز لهم في التنظيم بعيدا عن المشاكل الأخرى في العملية التنظيمية.
أرسل تعليقك