يستعد السجن القديم المكتظ في كيتو المشيد في القرن التاسع عشر لاستقبال نزلاء سعداء الحظ في ظل التحضيرات لتحويله الى فندق فخم في الوسط العائد للحقبة الاستعمارية في العاصمة الاكوادورية.
فقد اقفل سجن غارسيا مورنو، اكبر معتقلات كيتو المشيد سنة 1875 وكان يضم 270 معتقلا، ابوابه في نيسان/ابريل الماضي بعدما وصل الى شفير الانفجار بسبب اكتظاظه بأكثر من اربعة الاف سجين.
وقال الرئيس الاكوادوري رافاييل كوريا الذي اطلق مبادرة هذا المشروع "تصوروا كم ان الامر جميل: الانتقال من سجن الى فندق".
وسبق ان شهدت مونتيفيديو عاصمة اوروغواي خطوة مماثلة اذ تم تحويل سجن الى مركز تجاري فخم، كذلك الامر في بوسطن بالولايات المتحدة حيث تحول سجن الى فندق فخم.
واضاف الرئيس الاكوادوري وهو قائد اشتراكي من بين مشاريعه المعلنة مواجهة الاكتظاظ في السجون "افخم فنادق بوسطن هو السجن السابق في المدينة. لم اكن اعلم بذلك عند اقتراحي للفكرة".
وقبل وصول السياح، تم نقل نزلاء السجن السابق في كيتو الى مراكز حديثة "لاعادة التأهيل الاجتماعي" وهو الاسم الذي تفضل الحكومة اعتماده بدلا عن "سجن".
ومنذ اقفاله، تحول الموقع وهو مبنى مذهل يعود الى الحقبة الجمهورية، الى مركز لمعارض الصور الفوتوغرافية عن ظروف الاعتقال القاسية داخل السجون.
كما امكن زيارة الزنازين البالغة مساحتها اقل من ثمانية امتار مربعة حيث كان يتكدس حتى عشرة اشخاص. وقد نجح تاجر مخدرات فقط، عن طريق دفع رشاوى، بتغيير زنزانته ونقله الى غرفة تليق بفنادق الخمسة نجوم.
وفي الوقت الذي ستختار فيه الحكومة في الاشهر المقبلة الشركة المكلفة اعادة تأهيل السجن، ترتفع اصوات للمطالبة بالحفاظ على تاريخ هذا الموقع.
وبرأي المهندس والمؤرخ الفونسو اورتيز فإن هذه المبادرة يجب ان "تحلل بعمق" بهدف الحفاظ على "ذاكرة" هذا المكان الذي سجن فيه الكثير من المفكرين والسياسيين بينهم الرئيس السابق لوسيو غوتيريز (2003 - 2005) او ايضا الوي الفارو (1895 - 1901) الذي اغتيل خلال فترة اعتقاله.
وقال اورتيز لوكالة فرانس برس "يجب تحليل تاريخ هذا المبنى بكثير من الحذر. عند تحويله الى الفندق، سيتم تدمير بنيته الداخلية وبالتالي سيفقد روحيته".
وهذا المدافع عن التراث يقترح على الحكومة استلهام امثلة اخرى معروفة في اميركا اللاتينية، مثل سجن لوكومبيري المكسيكي الذي بات يؤوي المحفوظات الوطنية او سجن بوغوتا الذي تحول الى المتحف الوطني الكولومبي.
ويفكر سكان اخرون ممن لم يقتنعوا بالضرورة بجدوى بناء الفندق، بدوافع اكثر اقتصادية، كما الحال بالنسبة لغابرييلا باييز.
وتشعر هذه التاجرة بـ"الحنين للسجن" بسبب الزبائن الذين كانوا يبتاعون الاغراض منها في الحي خلال فترة الزيارات، لكن ايضا بفضل "الامن" الذي كان يوفره الشرطيون الموكلون حراسة الموقع.
لكن بحال تحول الى فندق ام لا، تؤكد السلطات ان ايام هذا المعتقل معدودة. وقالت وزارة العدل اخيرا ان "الفساد والوضع المتردي والاكتظاظ ومستويات العنف المرتفعة، كلها حتمت انهياره".
أرسل تعليقك