القاهرة ـ وكالات
عدم استبعاد الخيار النووي السلمي مصدراً للطاقة البديلة، وإنشاء وكالة عربية متخصّصة بأنواع هذه الطاقة. كانا أبرز التوصيّات التي خلص إليها مؤتمر متخصّص استضافته مدينة أسيوط (جنوب مصر) ورفع شعار «مستقبل الطاقة الجديدة والمتجددة في الوطن العربي» أخيراً. وشارك في تنظيم المؤتمر «مركز دراسات المستقبل» في جامعة أسيوط، و»الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا» والجامعة العربية.
ودعا المؤتمر الدول العربية إلى إنشاء محطات لتخزين الطاقة، ووضع استراتيجية عربية للطاقة المتجدّدة، وإصدار دليل إرشادي عن بناء مركز متخصّص في المعلومات عن الطاقة. وحثّ المؤتمر الدول العربية على تبادل الخبرات بشأن طاقتي الشمس والرياح، وتشجيع الاستثمار العربي والأجنبي والمشاريع المشتركة بين القطاعين العام والخاص في الطاقات البديلة وتطويرها.
وأشار خبراء شاركوا في المؤتمر إلى ضرورة سنّ قوانين خاصة بالطاقة المتجدّدة وحماية الابتكار، إضافة إلى التكامل العربي في الطاقة مع التركيز على استخدام الطاقة المتجدّدة في مشاريع التنمية. ودعوا إلى تبديل مصادر الطاقة التقليدية في المنشآت الصناعية بالمصادر البديلة مع الالتزام بالمعايير البيئية والاتفاقيات الدولية بشأنها. وحثّوا على التطلّع إلى الخبرات الدولية الناجحة في الطاقة المتجدّدة، خصوصاً تجارب اليابان والهند والبرازيل، عند السعي إلى الاستفادة من إمكانات المناخ في توليد الطاقة عربيّاً. وشدّدوا على ضرورة صنع قاعدة بيانات عن هذه المواضيع، وكذلك وضع دليل بالعلماء العرب من المتضلّعين بشؤون الطاقة بهدف تفعيل التعاون بينهم لإعداد الدراسات في هذا المجال، ورفعها إلى صُنّاع القرار. وحثّ المشاركون في المؤتمر على نشر الوعي المجتمعي بأهمية تلك الطاقة، وتشجيع الجامعات ومراكز البحوث العربية على إعداد دراسات بشأنها، إضافة إلى تخصيص جائزة لأفضل بحث عربي عن الطاقة البديلة.
شارك في المؤتمر ما يزيد على 100 خبير جاؤوا من مصر وليبيا والسودان وقطر واليمن والمغرب واليابان وألمانيا والعراق. وناقش هؤلاء قرابة 100 بحث علمي في الطاقة البديلة.
ووفق مدير «مركز دراسات المستقبل» الدكتور محمد إبراهيم منصور، سعى المؤتمر إلى توصيف الوضع الراهن لسوق الطاقة، والتعرّف إلى الفجوات فيه، توطئة للإجابة عن سؤال محوري حول حقبة ما بعد النفط. وأوضح منصور أن المؤتمر حاول أيضاً التعرّف إلى الفرص والتحديات التي تواجه إمدادات الطاقة في الوطن العربي حتى منتصف القرن الحادي والعشرين، ودوافع التوجّه نحو مصادر الطاقة البديلة في الشرق الأوسط، والتعرّف إلى مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة عربيّاً، إضافة إلى صوغ سيناريوات متنوّعة عن مستقبل الطاقة في الدول العربية.
في سياق مماثل، أكّد الدكتور مصطفى كمال رئيس جامعة أسيوط، أن مصر تواجه صعوبات في أنواع الطاقة المتجدّدة خصوصاً بعد الثورة، ما يوجب الانتقال إلى عصر جديد في الطاقة البديلة. وأوضح أنه بحلول العام 2050 سيوفر العرب لدول الاتحاد الأوروبي قرابة 20 في المئة من حاجاتهم في الكهرباء من طاقة الشمس. وطالب كمال العرب بوضع حدود للنهم على النفط عالمياً.
وأشار رئيس «الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا» الدكتور أحمد بهاء الدين خيري إلى أهمية التفكير في حقبة ما بعد النفط، والأشكال المتنوّعة لاستخدامات النفط، وعلاقة الطاقة بالأمن العربي، والفرص الكامنة في طاقات الشمس والرياح والذرّة والبيولوجيا، إضافة إلى الآفاق السياسية والتشريعية المتّصلة بهذه الطاقات، وكذلك أمدية التعاون الدولي في إمداداتها.
وقدّم الخبير اليمني عبد الله محمد النهاري ورقة علميّة عنواتها «الطاقة ومصادرها المتجدّدة في الوطن العربي: مظاهر الأزمة وآفاق المستقبل» عرض فيها تفاصيل الأزمات الكامنة المرتبطة بقطاع الطاقة في الوطن العربي، متوقّعاً أن تستمر هذه الأزمات في التفاعل ضمن مسار مرحلي خامل ومتراكم غير ظاهر غالباً. ولاحظ النهاري أن الدور الذي تلعبه العوامل الاقتصادية والسياسية، يساهم إلى حدّ كبير في إعاقة تبني خيار اللجوء إلى موارد الطاقة البديلة والمتجدّدة. وتوقّع أن يستمر هذا الإهمال نظراً إلى غياب التخطيط الاستراتيجي والتعاون الحقيقي الفاعل بين الأقطار العربية، وكذلك ضعف الرؤية القومية في قضية أمن الطاقة ومصادرها. وبمرارة واضحة، تناول النهاري مسألة ضعف مصادر التمويل لمشاريع الطاقة البديلة عربياً، على رغم توافر فوائض مالية هائلة لدى الدول العربية، خصوصاً الدول النفطيّة التي ربما كانت معنيّة أكثر من سواها، بمسائل الطاقة ومستقبلها.
أرسل تعليقك