28  كانون الثاني 1979 يقلب موازين حياة الزهرة أمسكين
آخر تحديث GMT07:13:02
 الجزائر اليوم -
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

يومٌ خالدٌ في ذاكرة امرأة مغربية

28 كانون الثاني 1979 يقلب موازين حياة "الزهرة أمسكين"

 الجزائر اليوم -

 الجزائر اليوم - 28  كانون الثاني 1979 يقلب موازين حياة "الزهرة أمسكين"

السيدة الزهرة أمسكين
العيون ـ هشام المدراوي


لم تكن "الزهرة أمسكين" تظن يومًا بأنّ رحلة اعتيادية لزوجها وأبناءها في ضواحي طانطان المغربية، سوف تقلب موازين حياتها رأسًا على عقب، بعد أنّ حاصرت مليشيات تابعة للبوليساريو السيارة التي كانت تقلهم، وسط وابل من الرصاص الحي، وهي العملية التي سوف تؤدي إلى اختطاف ابنها "محمد"، لتنطلق بذلك رحلة طويلة من المعاناة.

وبعدما ساءت حالتها الصحية وتدهورت نفسيتها بشكل خطير، إذ لم تتمالك نفسها بعد توصلها بخبر اختطاف ابنها ذات 13 ربيعًا لتُصاب على إثر ذلك بوضع نفسي خطير للغاية، كلّف العائلة أموالاً طائلة من دون أنّ يؤدِ ذلك إلى تحسن حالتها، ورغم مرور كل تلك المدة الزمنية الطويلة على حادث اختطاف ابنها، إلا أنّ ذلك لم يكن لينسها معاناتها بعدما بعثرت مليشيات أوراق حياتها وحوّلت أيام عائلتها إلى أيام ضنكه بدون لون أو رائحة، سوى أحزان ومآسي لا تنتهي.

 

 وبالرغم من أنّ عوامل الدهر قد أجهزت على كثير من معالم الحياة بداخل جسمها، إلا أنّ "الزهرة أمسكين" لا زالت تتذكر بكثير من الحرقة والأسى تاريخ 28  كانون الثاني/ يناير 1979، الذي سيبقى يومًا خالدًا لا محالة في ذاكرة هذه المرأة، بعد أنّ تحولت رحلة اعتيادية كان يقوم بها زوجها واثنين من أبنائها بين "طانطان" ومنطقة "أفراء" المتموقعة شمال المدينة على الطريق الوطنية رقم 1 المؤدية إلى "كلميم" "بوابة الصحراء" إلى لحظة رعب حقيقية كانوا خلالها في صراع مُحقق مع الموت.

بعد أنّ تمّت محاصرة السيارة التي كانوا يستقلانها وذلك في حدود الساعة الواحدة بعد الزوال عند العلامة الكيلومترية 40، حيث تعوّد الأب على إشراك أبناءه في مختلف تحركاته سواء بداخل المدينة أو خارجها.

لقد كانت لحظة عصيبة للغاية، تلك التي مرّ منها كل من زوجها وابنيها بعد أنّ وجدوا أنفسهم هدفًا لوابل من الذخائر الحيّة من طرف أفراد تابعين لمليشيات البوليساريو، اللذين لم يبالوا بتواجد طفلين صغيرين على مثن السيارة التي انخرطوا في استهدافها، مّا اضطر  معه الأب المصدوم إلى إيقاف محرك السيارة أملاَ في أنّ يكون ذلك محفزًا لثني المهاجمين عن الاستمرار في عدوانهم غير المبرر، الذي استهدف سيارة مدنية، والتي لم يكن قد استكمل الزوج بعد من أداء ثمنها، غير أنّ توقيفه للسيارة لم يشفع له لدى مهاجميه اللذين استمروا في إمطار السيارة بوابل من الرصاص الحي الذي اخترق هيكل السيارة مُخلفًا أضرار مهمة بها، الشيء الذي أدرك معه بأنّ الأمر صار جديًا وأنه في سباق مع الزمن في محاولة من أجل الفرار من موت صار يتهدده بمعية ابنيه من كل الاتجاهات.

ليطلق ساقيه للريح، بعد أنّ أيقن من استحالة النجاة بابنيه، لكن أحد الابنين صار على نفس خطى والده لينجو بأعجوبة في حين تعذر على الابن الثاني مغادرة السيارة التي تمّ تطويقها من طرف عناصر المجموعة المهاجمة، فيما تكلفت عناصر أخرى بمطاردة الأب وابنه الصغير، ما أفضى إلى إصابته بعدما اخترقت إحدى الرصاصات جسمه، دون أنّ تقف سدًا أمامه في محاولته الانعتاق من شبح الموت الذي كان يطارده من كل الاتجاهات ، لتشاء الأقدار الإلهية أنّ يكتب له عمر جديد بعد أنّ ساعدته الأحجار الكبيرة التي كانت تعرف بها المنطقة آنذاك، من الاحتماء بمعية ابنه الذي لم يكن يتجاوز آنذاك ربيعه السابع، ما حال دون تمكن مطارديهما من ضبط تحركاتهما، في تلك اللحظة بالذات ظن الجميع بمن فيهم الابن (محمد) الذي لم يتمكن من الفرار، بأنّ الفارين قد لقيا مصرعهما فنزلت الدموع من عينيه الضيقتين حسرة على فقدانه لهما، ليتم اقتياد (محمد) مكبلاً على مستوى الأرجل واليدين إلى وجهة مجهولة.

وبعد أنّ عاود السكون إلى المكان الذي كان قبل دقائق معدودة شبيها بساحة حرب حقيقية، خرج الأب وابنه من خلف الأحجار، ورغم الجرح الغائر الذي كان ينزف بشدة من جسمه إلى أن ذلك لم يمنعه من التقدم أكثر  فأكثر نحو المكان الذين توقفت فيه في وقت سابق السيارة أملاً في العثور على ابنه (محمد) الذي لم يجد له أثر كما لم يجد أثر أيضًا لسيارته التي اختفت عن الأنظار ولم يعدّ لها أثر يذكر، ليدرك أنّ مهاجميه قد خطفوا ابنه (محمد) الذي كان يعول عليه كثيرًا من أجل حمل المشعل من بعده.

وبعد وصول الخبر إلى الزوجة لم تقوى على تحمل خبر اختطاف ابنها لتصاب بوضع نفسي خطير للغاية، لم ينفع معه علاج وتطورت مضاعفته لتجهز على كثير من الأمور بداخلها بعد أنّ دخلت غمار مرحلة نفسية صعبة للغاية، كلّفت العائلة أموالاً طائلة، نظرًا لطول العلاج من جهة، وغياب مُتخصّصين أكفاء في المجال بالمدينة وأحوزها، الشيء الذي تطلب من العائلة القيام بتنقلات مارطونية إلى خارج المدينة، طلبًا للعلاج حيث كانت الأقاليم الجنوبية برمتها آنذاك لا زالت لم تعرف بعد انتعاشًا على مستوى الطب النفسي الذي بقي رهين بالأساس بداخل المدن المركزية، في حين ظلت الهوامش خارج التغطية في تلك الفترة بالذات.

وما زاد الوضع سوءً وضعية الزوجة، كون أنّ المعطيات التي كانت متوفرة آنذاك بخصوص وضعية الابن ضعيفة للغاية، حيث تضاربت الأنباء بخصوص إمكانية عيشه خاصةً مع توالي كثير من المعلومات عن تصفيات جماعية أقدمت عليها مليشيات البوليساريو في صفوف المختطفين اللذين تمّ التنكيل بهم بطريقة وحشية، ضاقوا خلال مختلف أطوار الرحلة التي أعقبت عملية الاختطاف كل أشكال التعذيب والتنكيل على يد جلادين كان همهم الأوحد حينها الاستمتاع بأصوات الأنين والصراخ اللذين كانا ينبعثان من داخل أجساد تم ربطها وجرها على شاكلة الدواب في ضرب سافر لآدمية هؤلاء المدنيين العزل الذين لم يكونوا يظنون يوما بأنهم سوف يختطفون من داخل منازلهم و من قلب شوارع مدينتهم.

ورغم تجند العائلة من أجل معرفة مصير ابنها عبر طرق مختلف الأبواب، إلا أنّ الأوضاع ظلّت على حالها لعشرات السنين، عاشت  على إيقاعها الأم أيامًا سيئة زاد من حدتها المرض المفاجئ الذي ضربها؛ اذ لم تقوى على تحمل خبر اختطاف فلذة كبدها (محمد) الذي كان العين التي ترى بها، ويحظى بمكانة متميزة لديها من دون بقية إخوانه، لما لا وهو الذي كان المعوّل عليه من أجل حمل مشعل المسؤولية لمساعدة والديه على مصاعب الحياة المختلفة، إلا أنّ الجرم الذي كان ليس غريبًا على مليشيات البوليساريو أجهز على ذلك الحلم، لتنقلب الأمور رأسًا على عقب وتحرم عائلة بأكملها من السعادة التي صارت شيئًا غريبًا ولا وجود له بداخل منزل لم تعود فيه سمة دالة على الحياة، اللهم زوجًا حزينًا وأما تصارع المرض وتنمحي ذاكرتها بشكل تدريجي.

ورغم عودة (محمد) في وقت لاحق، بعد فراره من براثين الأسر الذي فرضته عليه مليشيات البوليساريو، لا أنّ ذلك لم يكن ليعيد السعادة أو العافية لقلب أمه، التي صارت تسبح في بحر مرضها من دون أنّ يتمكن الأطباء من تخليصها من الداء، الذي أصابها، حيث لا زالت الآثار المعنوية والمادية تراوح مكانها، في حين أنّ الجلادين الذين ارتكبوا هذا الجرم البشّع لا زالوا يعتون في الأرض فسادًا بتواطؤ مفضوح مع جهات إقليمية التي كانت لها اليد الكبرى، فيما وقع لمختطفي 1979 في"طانطان" والذي قلب حياتهم رأسًا على عقب.

28  كانون الثاني 1979 يقلب موازين حياة الزهرة أمسكين

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

28  كانون الثاني 1979 يقلب موازين حياة الزهرة أمسكين 28  كانون الثاني 1979 يقلب موازين حياة الزهرة أمسكين



GMT 11:20 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

موديلات متنوعة من أحذية الشاطئ هذا الصيف
 الجزائر اليوم - موديلات متنوعة من أحذية الشاطئ هذا الصيف

GMT 12:03 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الراغب يطالب الجمعية العمومية بانتخاب "الخطيب"

GMT 04:39 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

وولف يسخر من إنكار طوني بلير حول اتصالات ترامب مع الروس

GMT 15:53 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

جراحون يعيدون وصل ذراعي امرأة قطعا في حادث قطار

GMT 02:14 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة أميرة فتحي تتعاقد على بطولة مسلسل "فاتحة خير"

GMT 01:28 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مكياج بألوان الطبيعة يوقظ البشرة الشاحبة

GMT 05:43 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

فيراري تطلق سيارة 812 سوبر فاست الجديدة كليًا

GMT 20:41 2017 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

فؤاد المهندس .. صاحب المدرسة الخاصة

GMT 00:32 2017 الخميس ,06 تموز / يوليو

عبد الرحيم الشمري يؤكد انتقال 97 % من النازحين

GMT 06:18 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

اختيارات مميّزة لغرف النوم تزيدها راحة وفخامة
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria