القاهرة ـ وكالات
استعاد أهالي محافظة الأقصر المصرية ذكرى أول اضراب عمالي في تاريخ منطقة دير المدينة بالبر الغربي وقع منذ أكثر من 3500 عام، وذلك في وقت تشهد مصر احتفالات بعيد العمال العالمي.
ويقول المشرف العام على آثار الأقصر، منصور بريك، إنه "في العام الـ29 من حكم الملك رمسيس الثالث، نفذ العمال إضرابا للمطالبة بصرف الأجور المتأخرة ومحاربة الفساد".
ويضيف لـ"سكاي نيوز عربية" أن هذا التحرك نجح في تحقيق أهدافه بعد أن استجاب الفرعون المصري لمطالب العمال في محاولة لإنهاء "أول إضراب في التاريخ" المصري.
تفاصيل الإضراب غير المسبوق
وعن تفاصيل الإضراب، يقول عالم الاثار، أحمد صالح، "في اليوم العاشر من الشهر السادس مر العمال المتظاهرون على نقاط حراسة المقبرة"، في طريقهم إلى "ناحية معبد الملك تحتمس الثالث".
ونفذ العمال اعتصاما خلف المعبد ما دفع مسؤولي "إدارة جبانة طيبة الغربية" إلى محاولة "اقناع العمال المتظاهرين بالدخول إلى المعبد لمناقشة مطالبهم"، ولكن العمال أصروا على موقفهم، وفقا لرواية صالح.
ويضيف قائلا إن المتظاهرين التفوا "حول السور المحيط بمعبد الرامسيوم، ووصلوا إلى السور الجنوبي"، حيث حاول "الكاتب بنتاورت" ثنيهم عن متابعة تحركهم عبر إعطائهم "55 كعكة".
إلا أن العمال عادوا إلى "معبد الرامسيوم ثانية واعتصموا بعد جدال مع كهنة المعبد، ودخلوا داخل فناء المعبد"، حيث وعدهم بنتاورت ورئيس الشرطة منتومس برفع مطالبهم إلى عمدة طيبة.
وبعد أن رفض عمدة طيبة الاستجابة إلى مطالب المعتصمين، استمر العمال باحتجاجاتهم الرامية إلى "توفير المأكل والمشرب والملبس"، وطالبوا بعرض مطالبهم على "فرعون مصر رمسيس الثالث أو وزيره تو".
وفي اليوم الثالث عشر، "حدث أمر غير متوقع، إذ أن رئيس الشرطة منتومس طلب من العمال المتظاهرين التجمع من أجل قيادتهم للاعتصام في معبد سيتي الأول بالقرنة"، حسب عالم الآثار الذي فسر هذه الخطوة على أنها تعاطف من قبل رئيس الشرطة مع مطالب العمال.
بيرة وقمح لثني العمال عن تحركهم
وإزاء هذا التطور، "حاولت الإدارة إيجاد حلول موقتة، فقررت صرف نصف زكيبة قمح لكل واحد من العمال المتظاهرين، كما أعطت لهم 50 إناء بيرة".
ووفقا لصالح، فإن هذه المحاولة لم تثن العمال عن المضي قدما في اعتصامهم، بل ابتكروا أسلوبا جديدا للمطالبة بحقوقهم، وذلك من خلال التظاهر والاعتصام ليلا وهم يحملون المشاعل.
في اليوم الـ28، كان الوزير "تو" عائدا من مهمة جمع تماثيل الآلهة من المعابد المحلية جنوبي الأقصر تحضيرا للاحتفال بعيد تتويج الملك الذي سيقام في منف، العاصمة القديمة لمصر.
ويتابع عالم الآثار سرد تفاصيل هذا الإضراب، قائلا إنه أثناء مرور الوزير بالأقصر عرض عليه رئيس الشرطة الجديد، نب سمن، "مطالب العمال المتظاهرين".
وتوصل الوزير "تو" إلى "حل موقت، وهو صرف نصف أجر من متأخرات العمال، وطلب من الكاتب حوري توزيعه عليهم"، إلا أن المتظاهرين تابعوا تحركهم، واعتصموا أمام "معبد الملك مرنبتاح"
و"عندما حاول عمدة طيبة مناقشتهم، صرخوا فيه، ما جعله يهرب ويرسل لهم الجنايني منيوفر، ومعه 50 زكيبة قمح ليوزعها عليهم حتى يقرر الفرعون رمسيس الثالث" صرف كامل مستحقاتهم.
اتهامات "خطيرة"
ويقول صالح إنه "بعد أيام من التظاهر، قام زعيم العمال، بن أنوكي، بعرض مطالب العمال والمشاكل التي تحدث في الجبانة"، من دون علم الفرعون.
واتهم بن أنوكي اثنين من المسؤولين المهمين، وهما وسرحات وبنتاورت، بـ"سرقة أحجار من مقبرة الملك العظيم رمسيس الثاني وثور مرقط وعليه علامة معبد الرامسيوم ومجامعة 3 سيدات متزوجات".
ويختم عالم الآثار، أحمد صالح، روايته بالقول إن بن أنوكي "لمح بتستر الوزير حوري على هذه الجرائم، وطالب العامل بعرض المطالب والاتهامات على رمسيس الثالث أو وزيره تو"، و"هو ما حدث بالفعل، واستجاب له الحكام ونجح أول إضراب في التاريخ في تحقيق أهدافه".
أرسل تعليقك