المنامة ـ بنا
دشّنت معالي وزيرة الثّقافة الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة مساء السّبت، معرض (قلعة البحرين عبر العصور) الذي أعدّه كلّ منّ الفنّانة ماري فرانسيس روي ومصمّم الصّوت العازف لوي مارتينز وشاركت فيه الفنّانة اليابانيّة شيهارو شيوتا، وذلك بحضور سعادة السفير الفرنسي لدى المملكة ونخبة من المثقفين والمهتمين.
ورحبّت معالي الوزيرة بالحضور وشكرت فريق العمل قبل انطلاق الفعاليات، كما خصت بالذكر الدكتورة نادين بقسماطي فتوح مستشارة المتاحف وقطاع السياحة وإدارة الآثار التراث وإدارة موقع قلعة البحريّن، فيما تحدثت الفنانة ماري فرانسواز روي عن أهمية إعطاء الحياة للمكان، خصوصاً مع ما يملكه من إرث تاريخي وإنساني مهم للمنطقة كما شكرت معالي وزيرة الثقافة على الثقة التي أولتها لفريق العمل المشارك.
المعرض الذي يجيء في سياق احتفالات وزارة الثّقافة ببرنامج (الفنّ عامنا) لسنة 2014م، قدّم تركيبات فنّيّة تفاعليّة، تهدف إلى تعزيز تجربة زوّار موقع قلعة البحرين، وإحياء تفاصيل المكان التي تخبّئها جدران القلعة كأسرارٍ إنسانيّة جديرة بالاكتشاف.
وبهذه المناسبة أوضحت معالي وزيرة الثّقافة: (اليوم نحن أمام تركيبتين جميلتين رغم بعدهما الزّمني: موقع قلعة البحرين والقلعة بتفاصيلهما الحضاريّة والتّاريخيّة والإنسانيّة، والأعمال الفنّيّة التي تعيش سياقها الزّمنيّ الحديث ولكن باتّصال بالمكان. هذا الموقع الإنسانيّ العالميّ يمثّل اليوم تجربته المغايرة في لقاء التّاريخ بالفنّ، العمران كفنّ مكانيّ في انسجان مع الفنون التّركيبيّة الحديثة)، مبيّنةً: (هذه التّجربة تمثّل دور الفنون في إيجاد صوتٍ للتّاريخ، ما يخبّئه عمران المكان من أسرار ومعلومات وتفاصيل سيفصح عنها الفنّ من موقع قلعة البحرين).
قلعة البحرين عبر العصور، يمثّل أعمالاً تركيبيّة فنّيّة وتفاعليّة، تتكوّن من ستّة مجسّمات زجاجيّة منقوشة وثلاثة تركيبات فنّيّة، أبدعتها الفنّانة الفرنسيّة ماري فرانسيس روي ومهندس الصّوت الفرنسيّ لوي مارتينيز، بالتّعاون مع الفنّانة اليابانيّة شيهارو شيوتا. المجسّمات السّتة تمّ وضعها في الفناء السّفليّ من القلعة، وتتضمّن جميعها معلوماتٍ عامّةً للزّائرين عن تاريخ الموقع وحكاية تطوّره والمراحل المختلفة التي شهدها على مرّ العصور. أمّا التّركيبات الفنّيّة الأخرى فقد وُضِعَت داخل غرفٍ مختلفة من القلعة، وهي تمثّل تأويلاً فنّيّاً للموقع باستخدام تقنيّاتٍ متطوّرةٍ وحديثة.
العمل التّركيبيّ الفنّيّ الأوّل للفنّانة ماري بعنوان (بئر إنكي) والتّركيب الصّوتيّ للفنّان لوي، ويستدعي العمل الأسطورة السّومريّة التي تقول أنّ اليابسة والبحر يطفوان على محيطٍ من المياه العذبة يدعى "أبسو"، وكان يعتقد أنّ هذا العالم الخفيّ تحت الأرض أساس الكون، وموطن الآلهة، ومصدر بحار وأنهر العالم، وأنّه تحت حراسة "إنكي"، إلهة المياه العذبة والحكمة. وتعتبر أسطورة "إنكي ونينهورساج" من أهمّ أساطير حضارة الرّافدين، وهي تحكي قصّة خلق العالم، وتقول أن "إنكي" وهب المياه لأرض دلمون (البحرين قديماً). من خلال هذا العمل، سيعيد البئر إلى الأذهان الرّابط الأسطوريّ الغامض بين "بحريّ" دلمون، وهو إشارةٌ إلى الآلهة إنكي وتأويلٌ فنيّ للأسطورة.
العمل التّركيبيّ الفنّيّ الثّانيّ للفنّانان أيضًا حول (المدبسة)، ويشيران من خلاله إلى أهمّيّة المدبسة قديمًا وكونها عنصرًا أساسيًّا ذي أثر اقتصاديّ عميق في الجزيرة الأم. وقد كانت المدبسة عنصراً أساسيّاً في الحرف التقليديّة والمنزليّة بمنطقة الخليج العربيّ، وظلّت تُسخدم لصنع دبس التّمر في البحرين حتّى عهدٍ قريب، وقد خُصّصت غرفٌ مربّعةٌ أو مستطيلة الشّكل لهذه الصّناعة، وكانت تُحفر أرضيّاتها بقنواتٍ متوازيةٍ مطليّةٍ بعناية حتى تكون ملساء. وكانت توضع التّمور في أكياسٍ أو تكوّم مباشرةً على الأرض، ومن ثمّ تبدأ تلك التّمور بإفراز عصارتها نتيجةً لحرارة الغرفة والثّقل النّاتج عن الثّمار النّاضجة، وكانت القنوات تسوق العصارة إلى وعاءٍ لتجميعها ومن ثمّ كان يتمّ نقلها إلى جرار.
أمّا العمل الأخير (خيوط الذّاكرة) فللفنّانة اليابانيّة شيهارو شيوتا بالتّعاون مع الفنّانين ماري ولوي، وتشير من خلاله شيهارو إلى تاريخ تجارة النّحاس التي ساهمت في ازدهار دلمون وعاصمتها موقع قلعة البحرين لقرونٍ طويلة، إذ منذ العصر البرونزيّ، كان موقع قلعة البحرين من أهمّ المحطّات التجاريّة الواقعة بين حضارتيّ الرّافدَين ووادي السِّند، وذلك بفضل موقعه الجغرافيّ الاستراتيجيّ ومقوّماته الطّبيعيّة الاستثنائيّة.
توجد أدلّةٌ على وجود تجارة النّحاس مع "أرض ماجان" (عُمان) تعود إلى العام 2200 قبل الميلاد، وذلك تزامناً مع استيطان موقع قلعة البحرين للمرّة الأولى، حيث عُثر خلال التّنقيبات الأثريّة على ورشةٍ كبيرةٍ للنّحاس بمساحة 500 متر مربّع. وقد شكّل النّحاس، مع الأخشاب والأحجار الكريمة، أهمّ صادرات دلمون إلى حضارة الرّافدين، حتّى أنّ بعض النّصوص القديمة كانت تطلق عليه اسم "نحاس دلمون".
الجدير بالذّكر أنّ المعرض يستمرّ حتّى أواخر شهر أبريل من عام ????، وقد قامت بتنفيذه شركة أوجيه الدّوليّة التي لها باعٌ طويلٌ في المشاريع المعماريّة، من بينها فرع جامعة السّوربون ومتحف اللّوفر في أبو ظبي، منتجعات الفور سيزنز في مراكش، وأعمال التّجديد والتّرميم لفندقيّ الرّيتز وجورج الخامس في باريس. وتتعامل الشّركة مع مكاتب للهندسةٍ المعماريّةٍ مرموقةٍ عالميّاً مثل فوستر وشركاه، سنوهيتا، بورتزمارك، جان نوفيل، وفرانك غيري.
أرسل تعليقك