غرداية - و ا ج
يحيي سكان ميزاب (غرداية) بحلول عيد عاشوراء (العاشر من محرم حسب التقويم الهجري) عادات متوارثة عن الأجداد التي تعبر عن أصالة التراث الإجتماعي والثقافي المميز الذي تكتنزه منطقتهم.
و تحمل هذه المناسبة الدينية العظيمة بالنسبة لعديد العائلات بقصور ميزاب دلالة روحية وثقافية واجتماعية قديمة لكنها لازالت راسخة على مر العصور على غرار حملات تنظيف المقابر .
و تشمل هذه العملية ذات المغزى الإجتماعي التي تقام يوم عاشوراء إزالة الأوساخ ورفع كل النفايات التي تلوث محيط هذه المواقع "المقدسة" على غرار الأكياس البلاستيكية وغيرها .
كما يتم تنقية الأضرحة بازالة الحشائش الطفيلية وتعويضها بشجيرات نخيل يتم وضعها على الضريح لتعيين الفقيد وتزين محيط قبره. وغالبا ما تكون زيارة المقابر مصحوبة بتوزيع التمور والخبز على المارة وهي من العادات الطيبة المتوارثة عن السلف الصالح والتي حافظ عليها المجتمع كما يؤكد عمي أيوب الشيخ الطاعن في السن الذي يأبى أن يكون الزوال مصير هذه العادات ذات البعد الروحي .
ويعبر عمي أيوب بقوله "أسعد في كل مناسبة بدعوة أبنائي وأحفادي للمشاركة في تكريس هذه العادات الطيبة التي تحمل بين طياتها أسمى معاني التآزر والتضامن التي تقوي الروابط الأسرية وتنمح نفسا جديدا للعادات المتوارثة" .
واعتبر من جهته حاج بكير أن عاشوراء مناسبة ملائمة للإلتفاف حول الجيران والسؤال عن حالتهم وتقاسم أوقات طيبة رفقتهم وهي يوم يفضل فيه المؤمنون الإيثار والإحسان والهبة والعطاء.
و قد صمم النسيج العمراني لقصور وادي ميزاب بطريقة تسمح بلم شمل العائلات الميسورة والمحتاجة جنبا إلى جنب مما يسمح بتجسيد أواصر ثقافة التضامن الإجتماعي والإسلامي" حسب ما ذكر ذات المتحدث.
كما يغتنم عديد العائلات هذا الحدث الديني المقدس لتأدية فريضة الزكاة إحدى أركان الدين الإسلامي الحنيف التي تهدف إلى إعانة الفقراء والمحتاجين . وفي ما يتعلق بفن الطبخ فإن عاشوراء وهو اليوم الذي أنجى فيه الله سبحانه وتعالى نبيه موسى عليه السلام من كيد فرعون مناسبة للتمتع بأكل أشهى الأطباق التقليدية التي يشتهر بها سكان قصور ميزاب ومن بينها الطبق الذي يطلق عليه بالأمازيغية "إيباون"(الفول) و "أوشو تيني" وهو كسكسي معد بمرق التمر وباللحم المجفف بالملح الذي تحتفظ به العائلة الميزابية بعد عيد الضحى المبارك .
كما أن عاشوراء تمثل أيضا عيدا للأطفال حيث جرت العادة أن تقوم الأمهات ليلة عاشوراء بتكحيل عيون الأطفال حتى تبدو براقة لامعة في هذا اليوم المبارك. و يفضل آخرون صوم هذا اليوم الذي يسبق عاشوراء المعروف ب"تاسوعة" (التاسع من شهر محرم ) ويوم عاشوراء (العاشر من محرم) تبعا للسنة النبوية المطهرة.
أرسل تعليقك