دمشق - سانا
يعود مركز أدهم اسماعيل للفنون التشكيلية لآخذ مكانه في الحراك الثقافي والتشكيلي السوري من خلال استنفار طاقاته والاستفادة من كل الامكانات البشرية والمادية الموجودة لديه لتوفير فرص تعليم الفن التشكيلي للموهوبين والراغبين بممارسة هذا الفن الراقي ومن كل الأعمار ومختلف السويات التعليمية.
وبما أن هذا المركز هو الأقدم في سورية من حيث الإنشاء والأهم من حيث تخريجه لأسماء مميزة في الساحة التشكيلية السورية كان لا بد أن تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة في الأزمة التي تمر بها سورية كغيره من المؤسسات الثقافية خاصة وأن أحد أهم أسباب هذه الأزمة هو البعد عن الثقافة وتهميش القيم الجمالية والفنية عند الأجيال الجديدة.
وعن الرؤية الجديدة لعمل مركز أدهم اسماعيل قال قصي الأسعد مدير المركز في حديث لسانا إن الأزمة التي نعيشها أفرزت منعكسات سلبية على الجميع وخاصة الأطفال الذين امتلأت ذاكرتهم بالتشوهات البصرية مما يرونه ويسمعونه سواء على أرض الواقع أو عبر وسائل الإعلام مبينا أن الطفل لا يمتلك القدرة على التحليل أو المناقشة فهو يعبر عما بداخله بالرسم أكثر من الكلام وهنا يأتي دور المركز.
وأضاف إن الرغبة في إخراج أطفالنا من هذه التشوهات والرواسب السلبية للأزمة دفعتنا لفتح دورات شتوية أثناء العام الدراسي ليتمكن الأطفال من الرسم عن المحبة والصداقة والطبيعة والأخوة والوطن فهذه المفاهيم التي نريد لأطفالنا أن يتفاعلوا معها بعفويتهم.
وأوضح الأسعد أن الدورة التي انطلقت مؤخرا وبرسم رمزي مدتها أربعة اشهر وستكون في كل فصل دراسي وبدوام يوم السبت من كل أسبوع كي لا تتعطل دراسة الطلاب وأن الإقبال كان كبيرا حيث وصل عدد المسجلين 49 طالبا وطالبة من عمر ست سنوات وحتى خمسة عشر عاما مقسمين على ثلاث فترات.
وسيتم فتح دورة للأطفال في الصيف لمدة شهر ونصف وبدوام ثلاثة ايام بالأسبوع مما سيفتح الباب لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الأطفال.
وعن طريقة التعاطي مع الأطفال وتعليمهم مبادئ الرسم قال مدير المركز إن الأطفال يتميزون بعفويتهم ونحن نتركهم ليعبروا عن أفكارهم بهذه العفوية من خلال التحريض الإيجابي والتنافسية ويتم التدخل بشكل غير مباشر لتصحيح اسلوبهم وتقنياتهم عن طريق العمل أمامهم ومن ثم لفت الانتباه لبعض الأساسيات والطفل بطبعه يحب التقليد فرويدا رويدا يتطور ويمتلك قدرات أكبر ويثبت موهبته.
وحول نظام الدراسة الأساسي في المركز والذي تبلغ مدته عامان يمتلك الطلاب خلالها التقنيات والمعارف الأساسية في الرسم والحفر والنحت أشار الأسعد إلى أنه تم قبول 59 طالبا وطالبة في بداية العام بزيادة الضعفين عما هو معتاد في كل دورة مما دفع الإدارة إلى توسيع أوقات الدوام من ثلاثة أيام في الأسبوع إلى الدوام اليومي وبتقسيم الطلاب إلى مجموعات في أوقات متنوعة مما فعل عمل المركز طيلة اليوم بدل تكثيف عمله لمدة ساعتين يوميا وهكذا يتم الاستفادة من كل طاقات المركز التدريسية والمكانية.
ولفت مدير مركز أدهم اسماعيل إلى أن الرؤية الجديدة للمركز تنطلق من المرونة وتوفير ما هو مطلوب من دورات للراغبين بتعلم الرسم بكل ما يمكن تقديمه من كوادر تدريسية وتجهيزات ومكان
للتعليم وفي كل الأوقات لتحقيق الاستفادة القصوى من كل الطاقات والتجهيزات الموجودة في خدمة رسالة المركز.
ولتشجيع الطلاب الأساسيين في المركز سيتم اقامة معرض مع نهاية كل دورة ومدتها ستة اشهر حيث سيضم هذا المعرض أفضل المشاريع الأسبوعية التي قدمها الطلاب أثناء دراستهم على أن يكون هناك تكريم للطالب الأول من كل دورة ما يخلق حالة من التنافس بين الطلاب ويشعرهم بأن هناك هدفا ينتظرهم في ختام دورتهم.
وقال الأسعد إن هناك مسابقة سنوية خاصة بالمركز سيتم الإعلان عنها لأول مرة في نهاية هذا الشهر حيث ستكون موجهة لكل الهواة والأكاديميين والطلبة والخريجين وذلك من خلال معرض يضم الأعمال المشاركة بالمسابقة وسيتم اختيار ثلاثة فائزين وتكريمهم ما يخلق حالة تنافسية وحراكا في الساحة التشكيلية السورية.
وأضاف إن هناك فكرة حول المسابقة تتجلى في الجمع بين الفن التشكيلي مع الشعر بحيث تتمحور فكرة المسابقة حول قصيدة معينة لشاعر محدد لتقديم عمل تشكيلي يحاكي هذه القصيدة ويقدم رؤية عنها مبينا أن هذه الفكرة لا تعتبر تقييدا للفنان فالأسلوب والتقنية وطريقة المعالجة متروكة للفنان وهذه الفكرة تقرب الرؤى نحو هدف محدد بما يتوافق مع الظروف التي نعيشها.
ولدى إدارة المركز افكار متعددة للاستفادة من البنى التحتية لوزارة الثقافة في المراكز الثقافية بحيث يتم افتتاح صفوف لتعليم الفن التشكيلي في هذه المراكز بكوادر تدريسية من المركز مما ينشر تعليم الفن التشكيلي جغرافيا لأوسع شريحة ممكنة ممن يرغبون بممارسة الرسم وتعلمه وبذات الوقت يفعل عمل هذه المراكز ويحقق التفاعل الايجابي بين الموءسسات الثقافية من جهة وبينها وبين المجتمع من جهة ثانية.
كما تسعى إدارة المركز للتعاون مع وزارة التربية والاستفادة من البنى التحتية لديها لفتح صفوف تعليم الرسم للراغبين بذلك على مبدأ مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين معهد صلحي الوادي للموسيقا ووزارة التربية.
وقال الأسعد إن الأولوية الآن يجب أن تكون للتعاون الجماعي بين كل الجهات والمنظمات والهيئات للاستفادة من كل الامكانات المتاحة لتصحيح مسار العمل بروءية مستقبلية تعالج الآثار السلبية للأزمة في سورية وبناء جيل قادر على نبذ الأفكار الظلامية ويعمل على بناء الوطن.
وأضاف إن المركز يعمل في هذه الظروف بكل طاقته لإيصال رسالته في الارتقاء بالذائقة الجمالية للمجتمع وطرح الفكر والثقافة بأسلوب فني يحمل الإحساس الإنساني لمعالجة منعكسات الأزمة الحالية التي نعيشها للتخلص من الرواسب السلبية والتشوهات البصرية لدى الصغار والكبار.
ويمتلك المركز كادرا تدريسيا يبلغ 17 مدرسا يتنوعون من حيث التحصيل الأكاديمي بين الدراسات العليا وخريجي كلية الفنون الجميلة أو خريجي المركز ذاته وكلهم يتمتعون بالكفاءة الفنية والمعرفية اللأزمة للقيام بواجب تقديم الفائدة لدارسي الفن التشكيلي وممارسيه.
ويتم حاليا دراسة تطوير نظام المركز الإداري والمالي لتوقيع عقود مع الاساتذة بحيث يحصلون على حقوقهم المادية وبالتالي يتم المحافظة على تواجدهم في المركز واستمراريتهم في العمل لخدمة رسالة المركز.
أرسل تعليقك