باريس ـ العرب اليوم
دشن اليوم الثلاثاء الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، نصبين تذكاريين بمسجد باريس الكبير تخليدا لما قدمه الجنود المسلمون من تضحيات لفرنسا خلال الحربين العالميتين. وقال هولاند إن فرنسا لن تنسى أبدا دماءهم التي سالت لأجلها وأسماؤهم ستحفظ دائما في الذاكرة الجماعية للفرنسيين.
تزامنا مع الذكرى المئوية لاندلاع الحرب العالمية الأولى 1914-1918 واعترافا بما قدمه الجنود المسلمون من تضحيات من أجل فرنسا، دشن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الثلاثاء 18 فبراير/شباط في مسجد باريس الكبير نصبين تذكارين تخليدا "للجندي المسلم" وسط أجواء احتفالية حضرها عدة شخصيات سياسية منهم وزير الداخلية مانويل فالس ورئيس الجمعية الوطنية الفرنسية كلود بارتلون إضافة إلى ممثلي الجالية المسلمة في فرنسا والجمعيات المدافعة عن ذاكرة وتاريخ قدامى المحاربين المسلمين ووفود من جزر القمر وجيبوتي والسنغال.
وحرص فرانسوا هولاند في خطابه على تقديم خالص الشكر للمسلمين الذين ضحوا بحياتهم وقدموا دماءهم لكي تصبح فرنسا حرة قائلا: " لقد جاء رجالمن مناطق عدة من العالم، غالبيتهم كانوا مسلمين، لكي ينقذونا وينقذوا فرنسا. هذه هي الحقيقة التي أريد تأكيدها اليوم لكي لا ينساها أحد ولا ينكرها أحد".
" كونوا فخورين بما قام بهم آباؤكم وأجدادكم" فرانسوا هولاند
وأضاف:" أريد أن أخاطب مباشرة أولاد وأحفاد هؤلاء الجنود الذين سقطوا في ميدان الشرف لأقول لهم كونوا فخورين بما قام به أجدادكم وآباؤكم الذين كانوا يتميزون بشجاعة خارقة للعادة. فرنسا لن تنساهم ولن تنسى دماءهم التي سالت لأجلها وأسماؤهم ستحفظ دائما في الذاكرة الجماعية".
وبالإضافة إلى هذين النصبين التذكاريين اللذين وضعا على أحد جدران حديقة المسجد، سيتم لاحقا وضع أجهزة تفاعلية تسمح بمعرفة أسماء الجنود الذين قتلوا خلال الحربين العالميتين ومعلومات أخرى عن حياتهم وكفاحهم. وتهدف هذه الخطوة، حسب فرانسوا هولاند، إلى إخراج هؤلاء المقاتلين من عالم النسيان الذي طواهم طيلة سنوات لكي تصبح في المستقبل أسماؤهم معروفة من قبل أولادهم وأحفادهم ومن قبل جميع الفرنسيين
وأشار هولاند أن الغالبية العظمى من الجنود الذين شاركوا في الحربين جاءوا من الجزائر 175000 جندي- التي كانت يومها مستعمرة فرنسية قتل منهم 25000 شخص. فيما وصل عدد الجنود التونسيين إلى 60.000 جندي والمغاربة إلى 37.000، إضافة إلى 180.000 جندي جاءوا من دول أفريقية أخرى، كمالي والسنغال وجزر القمر وجيبوتي.
وأكد الرئيس الفرنسي أن الجمهورية الفرنسية لن تنسى أبدا الذين ضحوا بحياتهم من أجلها، داعيا إلى تجسيد روح المحبة والأخوة والتضامن بين جميع الفرنسيين، مهما كانت أصولهم ومعتقداتهم الدينية والعيش في إطار مبدأ العلمانية والاحترام المتبادل.
"مبادرة جيدة لكنها تأتي متأخرة بعض الشيء"
وقد توالت ردود الفعل إزاء خطاب فرانسوا هولاند حيث اعتبر صالح بلوطي، رئيس الجمعية الوطنية لأبناء المحاربين المسلمين القدامى ، أن المبادرة الرئاسية " إيجابية" لكنها تأتي متأخرة بعض الشيء. وقال لفرانس24:" يجب ألا ننسى أن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي جاء هو أيضا إلى مسجد باريس في مارس /آذار 2012 الماضي من أجل تدشين نصب تذكاري تكريما للمسلمين".
وأعرب بلوطي عن أمله أن تنظر مؤسسات الجمهورية الفرنسية إلى أولاد الجنود المسلمين بشكل خاص والمهاجرين بشكل عام كما تنظر إلى باقي المواطنين الفرنسيين ولا تطلب منهم أن يبذلوا جهودا إضافية لكي يندمجوا في المجتمع الفرنسي. " إنهم فرنسيون بكل معنى الكلمة وآباؤهم ضحوا بأنفسهم من أجل العلم الفرنسي" يضيف المتحدث.
" نريد أفعالا ولا أقوالا"
من جهته، دعا المؤرخ الفرنسي من أصل جزائري بنجامين ستورا إلى تشجيع كل مبادرة تاريخية تدخل في إطار تكريم أية فئة من فئات المجتمع الفرنسي. ورغم اعترافه بأن مبادرة تكريم الجنود المسلمين خلال الحرب العالمية الأولى والثانية جاءت متأخرة قليلا، إلا إنها تعتبر خطوة إضافية نحو كشف ما قدمه الأجانب من تضحيات مختلفة لفرنسا حسب تعبيره
لكن بالنسبة لحسينة صحراوي مديرة مجلة "سلامة" التي تهتم بشؤون المهاجرين المغاربة بفرنسا فإن المهاجرين وأبناءهم تعبوا من الخطابات والتشريفات، فهم ينتظرون فقط الأفعال. وقالت لفرانس 24: " ينبغي الانتقال من الأقوال إلى الأفعال.
وبالرغم من إنها تنظر بشكل إيجابي إلى مبادرة فرانسوا هولاند، إلا إنها تدخل برأيها في إطار الحملة الانتخابية التي ينظمها الحزب الاشتراكي بمناسبة الانتخابات المحلية التي من المتوقع أن تكون نتائجها كارثية لهولاند وحكومته حسب حسينة صحراوي
المصدر: أ.ف.ب
أرسل تعليقك