البحر الأحمر- صلاح عبدالرحمن
أصدر "مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف"، تقريره بشأن وضع الأقليات وحرية العقيدة في مصر، بعنوان "تاريخ مطمس..ثقافة مهمشة...واحتقان دائم".
واستعرض التقرير، الأزمات والتحديات التي تعاني منها الأقليات الدينية، العرقية والمذهبية في مصر، ملقيًا الضوء على الأبعاد الاجتماعية والثقافية والتاريخية والتعليمية والسياسية، التي تؤدي إلى الانتقاص من حقوق الأقليات وتهميش دورهم التاريخي وطمس هويتهم، فيما اعتمد التقرير في طياته، على تحليل وضع الأقليات في الدستور المصري 2012، كجانب تشريعي قانوني، وكذا وعود الرئيس السابق محمد مرسي، مقارنة بالسياسات التي اتبعها، في ما يتعلق بقضايا الأقليات المختلفة.
وقام التقرير، بعمل مقابلات شخصية مع ممثلين للطوائف المختلفة، تلاها عقد مائدة مستديرة لجميع ممثلي الطوائف والأقليات المختلفة في مصر، تم فيها طرح القضايا المشتركة بشأن وضع الأقليات في مصر، ومناقشة مسودة أولية للتقرير، وانتهت أعمال المائدة والتقرير إلى مجموعة من التوصيات إلى القطاعات المختلفة، التشريعية، الإعلامية، التعليمية، التنموية، الأمنية والثقافية.
وسيقوم "مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف" بإرسال نسخة من التقرير إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، وكذلك إرسال التوصيات كافة المتعلقة بالتشريعات والدستور إلى لجنة الخمسين المكلفة بالتعديلات الدستورية على دستور 2012.
وتتركز أهم توصيات التقرير على التالي:
- في ما يتعلق الدستور والتشريعات: تغيير المواد المتعلقة بحرية العقيدة في الدستور المصري، والتأكيد على المواطنة والمساواة بين المواطنين بغض النظر عن الدين، الجنس، العرق، واللون، داخل الدستور المصري، وتخصيص نسبة لتمثيل الأقليات المختلفة داخل المجالس النيابية المختلفة، الهيئات ومؤسسات صنع القرار المختلفة والتأكيد على معيار الكفاءة وتكافؤ الفرص في مسألة تولي المناصب العامة، إدراج مواد في الدستور تتعلق بتنمية سيناء وصعيد مصر، بحيث يتم وضع خطة تنموية شاملة طويلة الأمد لهذه المناطق، وضمان حقهم في التنمية، وإنشاء هيئة عليا لتنمية منطقة النوبة بحيث تعمل على الجانب التنموي الاقتصادي، على أن تكون أكثر مرونة في التعامل مع هذا الملف، بعيدًا عن التعقيدات الروتينية الحكومية، وإدراج مادة في الدستور المصري تتعلق بالاحتفاء بتراث وتاريخ الأقليات المختلفة في مصر، حفاظًا علي ثقافاتهم من الاندثار، وحفاظًا على روح الشخصية المصرية المتسامحة.
- في ما يتعلق بقطاع التعليم: تشكيل لجنة تبحث في المناهج التعليمية كافة، في المراحل المختلفة لفحصها ودراستها، مع عمل جلسات استشارية مع ممثلي الأقليات المختلفة لأخذ ملاحظاتهم بشأنها، وإعادة صياغتها وتنقيحها لكي تكون أكثر اتساقًا، ومراعاة لتعددية المجتمع المصري، واحترامًا للأقليات، فيما تقدم اللجنة نتائج أعمالها النهائية إلى وزارة التربية والتعليم، لكي يتم مراعاتها في إعادة صياغة المناهج الدراسية، ويتم ذلك بشكل دوري كل خمس سنوات، وتشكيل لجنة من خبراء نفسيين لدراسة الأثر النفسي على التلاميذ من المحتوى التعليمي الذي يقدم إليهم، ووضع رقابة على أداء الموظفين والمدرسين العاملين في المدارس المختلفة، لما يرتكبونه من انتهاكات وتمييز بين التلاميذ، ومراجعة السياسات التعليمية التي تفصل بين التلاميذ في حصص الدين، وهو ما يُعمق التمييز والاختلاف بين الأطفال منذ الصغر.
- في ما يتعلق بالقطاع الأمني: وضع سياسة وقائية لمنع والتعامل مع الحوادث والتحريض الطائفي، محاسبة المتورطين بها لتأكيد سيادة القانون ومساواة الجميع أمامه، إعادة النظر في السياسات الأمنية المتبعة في سيناء خصوصًا، نظرًا إلى ما يعانيه أهالي سيناء من مخاطر من جرائها، وإعادة النظر في ملف إعادة أهالي النوبة للتأكيد على بعد الأمن القومي في هذا الملف، وضرورته في تدعيم دور مصر الإقليمي في السودان بامتدادت النوبة في السودان.
- في ما يتعلق بالقطاع الثقافي: إنشاء مجلس للثقافات المحلية يعمل على حفظ وإحياء تراث الأقليات المصرية المختلفة، ويقوم بعمل خارطة تاريخية لهذا التراث، وإتاحة الفرصة للمواطنين كافة للتعرف على التراث عن طريق فتح الأماكن الأثارية التابعة للطوائف المختلفة للعامة من دون قيود أمنية أو تعقيدات، وإتاحة كتيبات تعريفية، وإصدار سلسلة دورية من وزارة الثقافة للتعريف بثقافات عدة في مصر وإنتاجها بأسعار رمزية، وتعزيز السياحة الثقافية في مصر في ربوعها كافة، لكي يتعرف المواطنين على الموزاييك المجتمعي، ويتم إثراؤه عن طريق المعرفة، وإنشاء مراكز ثقافية للأقليات المختلفة تحفظ تراثهم وتدرس لغتهم وتتيح للأفراد التعرف إليها عن كثب، وتدشين حملات توعية قومية عن حقوق الأقليات للوصول إلى أكبر عدد من المواطنين في هذا السياق.
- في ما يتعلق بالقطاع التنموي: خلق أفاق جديدة مع أهالي سيناء بحيث يعمل على إزالة ترسبات الماضي السيئة بين الطرفين، وذلك من خلال مصالحة حقيقية تبدأ باعتداد الحكومة بأحقية أهل سيناء في تملك أراضيهم ومنازلهم، وضخ مشاريع تنموية واستثمارية عمرانية في سيناء، وذلك حتى يجد البدو أعمالاً شريفة تكفيهم عن أعمال التهريب وتجارة البشر، التي قد يتورطون فيها نظرًا إلى سوء الأوضاع الاقتصادية التام في سيناء، وعدم إلغاء المعونة الخاصة لليهود في الموازنة، وعدم وضعها تحت بند سري، وإعادة أهالي النوبة إلى أراضيهم مرة أخرى وإعطائهم حق تملكها، ووقف تعامل الحكومة مع أهالي النوبة بشكل مادي، عن طريق تعويضهم بأموال مقابل التنازل عن أراضيهم وحقوقهم.
- في ما يتعلق بالقطاع الإعلامي: تشكيل هيئة لفحص السياسات الإعلامية ومدى تعميقها للصور الذهنية الجامدة بشان الأقليات المختلفة وتطوير خريطة عمل، يتم رسم السياسات الإعلامية باستخدامها لمحاولة كسر القوالب الجامدة وتصحيح المفاهيم التي ترسخت في أذهان المصريين عن بعضهم البعض، جرّاء المحتوى الإعلامي الذي اعتادوا عليه، والرصد الدائم لمحتوى المواد الإعلامية وما تبثه من خطاب تحريض وكراهية في بعض الأوقات، وإرسال توصيات دائمة إلى هذه القنوات لتحسين آدائها بما يتناسب مع معايير حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليًا، والعمل على محاسبة أي من الإعلاميين الذي يستخدم خطابًا فيه حضّ على الكراهية في المجتمع المصري، وتغيير المفاهيم التقليدية السلبية عن أهالي عن طريق الأعمال الدرامية، التي تلقى قبولاً ورواجًا أكثر عند المواطنين.
أرسل تعليقك