يحلم فنانو غزة بحفلات موسيقية صاخبة، غير ان احلامهم تصطدم بندرة الصالات والالات الموسيقية في القطاع الفقير الذي تسيطر عليه حركة حماس ولا تسمح فيه الا نادرا بتنظيم حفلات موسيقية او عروض راقصة.
ولكن ذلك لا يطفئ حماسة الفنانين في القطاع الصغير المحاصر حيث اكثر من 70 % من السكان هم دون الثلاثين عاما.
في قاعة صغيرة للعرض تتسع لمئتي شخص، يقول عازف الباص خميس ابو شعبان لمراسل وكالة فرانس برس "الغزيون عطشى للموسيقى، وعند تنظيم أي حفلة موسيقية يتوافد الناس لحضورها".
ولكن اخر حفلة موسيقية اقامتها فرقته "واتر باند" التي تعزف موسيقى "سوفت روك"، تعود الى اكثر من ستة اشهر، أما التي سبقتها فكانت قبل عام ونصف العام.
للتدريب والتسجيل وتصوير اشرطة الفيديو مصاعبها ايضا، اذ لا يجد الموسيقيون والراقصون ومغنو الراب امكنة مناسبة لهذه الامور، فيلجأون الى غرف صغيرة مجهزة، غالبا ما تكون في بيوتهم.
ومع صعوبة الحصول على تراخيص، كما يقول الفنانون، وندرة الاماكن المناسبة للعروض والتسجيلات والتصوير، والنقص في الاجهزة في القطاع الذي تحاصره اسرائيل منذ اكثر من عشر سنوات، يبدو ان احلام الفنانين المقيمين فيه ستبقى محدودة.
كان المركز الثقافي الفرنسي احد المتنفسات الاخيرة لشباب غزة البالغ عدد سكانها 1,8 مليون نسمة، وملجأ من تداعيات الحروب والخلافات السياسية الفلسطينية والبطالة التي يعاني منها ثلثا شباب القطاع، لكنه اقفل ابوابه بعد عدد من الهجمات.
وصارت غزة كذلك خالية من اي دار عرض سينمائي، فيما تصارع دور العرض المسرحي القليلة المتبقية وبعض الاستوديوهات للبقاء.
-الغناء في الحرب-
ازاء هذا الواقع، لا يبدو امام الموسيقيين في غزة سوى اللجوء الى الانترنت، حيث لا عوائق حتى في اوقات الحرب.
ففي صيف العام 2014، وفيما كانت غزة تتعرض لعملية عسكرية اسرائيلية مدمرة، قامت فرقة "واتر باند" ومغني الراب ايمن مغامس ببث اغان واشرطة فيديو على الانترنت سجلت بين الانقاض.
وعبر الانترنت ايضا، تعلم محمود سرادي (21 عاما) حركات رقص البريك دانس، محاكيا رقصات المهمشين في احياء السود في الولايات المتحدة.
ويرى كريم عزام (18 عاما) ان هذا الرقص هو افضل طريقة " للهروب من اليأس والضغط وكل شيء نتعرض له" في غزة.
لكن حلم المشاركة في مهرجانات دولية بدده حصار القطاع وعدم قدرتهما على المغادرة، حتى ان استحالة الوصول الى الضفة الغربية المحتلة حرمتهما من المهرجانات الوطنية.
- قيود داخلية -
اضافة الى هذه القيود، يضطر الفنانون الشباب ايضا الى التعامل مع المعوقات التي يفرضها عليهم المجتمع الغزي المحافظ، وحركة حماس الاسلامية التي تسيطر على القطاع منذ عشر سنوات.
ويقول عبد الرحيم زرعي (22 عاما) الذي يدير مركز فرقة "بي بوي فانك" للانشطة الترفيهية "اردنا فتح مركز خاص بنا في مدينة غزة، ولكن السلطات رفضت الطلب ثلاث مرات. وقالوا لنا: انتم راقصون، هذا ليس مركزا وليس فنا، هذا ملهى ليلي".
اثر ذلك، لجأت الفرقة الى منزل عائلة ثلاثة من اعضائها السابقين، كلهم هاجروا الآن الى اوروبا والولايات المتحدة، في ازقة مخيم النصيرات للاجئين. وهناك، يتدرب عشرات من المراهقين في المركز الموقت للفرقة.
وينقطع التيار الكهربائي ينقطع 16 ساعة يوميا، لكن ذلك لا يثني هؤلاء الشباب.
ويقول محمد اللوماني (35 عاما) وهو مهندس الكترونيات ويعزف في اوقات فراغه على الغيتار الكهربائي في فرقة "ووتر باند" ان السلطات تطلب منهم بالحاح ان يحصلوا على ترخيص للعمل.
ويقول "نعلم انه من اجل تنظيم حفلة موسيقية علينا ان نكافح ونتعب، لكن فرح الجمهور يعوض كل تعبنا".
وبحسب خميس (26 عاما) فإن "وضع الفنانين في غزة من أسوأ ما يكون، فهم ممنوعون من التنقل بسبب الحصار، ومضطرون للبحث عن اعمال اخرى لكسب رزقهم بسبب ندرة العروض".
وكثيرا ما تلغي سلطات حماس عروضا موسيقية بسبب منعها لاختلاط الشباب بالشابات، بحسب مغني الراب ايمن مغامس.
ويقول "يتهموننا باستيراد موسيقى من الغرب وبارتداء ملابس غير لائقة..لا احد يحترم حرية التفكير" في غزة.
ا ف ب
أرسل تعليقك