الجزائر - الجزائر اليوم
حل الدكتور الطيب بودربالة ضيفا على الطبعة الرابعة من المعرض الوطني للكتاب بباتنة، في إطار سلسلة الندوات الثقافية المنظمة بالمناسبة، من خلال تقديم كتابه الذي صدر مؤخرا حول الأديب الفرنسي ألفونس إتيان دينيه الذي اختار بوسعادة سكنا له، وحول اسمه بعد إسلامه إلى “نصر الدين ديني”، حيث عرض الدكتور الطيب بودربالة جوانب من شخصية دينيه من النواحي الإبداعية والدينية والإنسانية، وكذا أبرز ما قدمه للجزائر وجنوبها الكبير، وفي مقدمة ذلك منطقة بوسعادة، من خلال كونه قيمة معرفية للتبادل الثقافي، ومدافعا عن الجزائر والجزائريين ضد حملات الاستشراق.
أكد الدكتور الطيب بودربالة إن الفرنسي ألفونس إتيان دينيه قد قدم الكثير للجزائر وللإنسانية بشكل عام، فهو أديب وكاتب ورسام ومستشرق زار الجزائر فوقع في حبها، فخلدها في روائعه الفنية والأدبية، والأجمل من ذلك اعتنق الإسلام سنة 1913 بعد أن جاب وتجول في أنحاء البلاد، والأكثر من ذلك فقد خلدها في كتاباته، ليقرر فيما بعد الاستقرار في بوسعادة من سنة 1904 إلى غاية 1929، حيث سمى نفسه “نصر الدين ديني” تزامنا مع اعتناقه الدين الإسلامي، ففي سنة 1918 نشر كتابا حول الرسول صلى الله عليه وسلم باللغة الفرنسية، ثم كتابا آخر عن الاستشراق، كما تصدى للمستشرقين ونقد كتاباتهم التي شوهت الشرق والإسلام والجزائر، وفي سنة 1929 قرر الحج إلى بيت الله الحرام ولما رجع ألف كتاب عن الحج بعنوان “الحج إلى بيت الله الحرام”، وفي 25 ديسمبر 1929 انطفأت شمعة الأديب المبدع نصر الدين ديني ودفن في بوسعادة.
وأوضح الدكتور الطيب بودربالة بأن دينيه يعد مفخرة للجزائر لأنه خلدها وأحبها بصدق، ووصف باحثون كتابات “ألفونس إتيان دينيه بأنها تعد أفكارا إنسانية وثقافية وحضارية لعبت دورا مهما في تلاقح الثقافات من حيث رؤية الأنا من منظور الآخر، ناهيك عن مساهمته في تبادل الثقافات بين الشرق والغرب، فهو حسب بودربالة قيمة معرفية للتبادل الثقافي، خصوصا وأن شخصيته تجمع بين المركز والهامش، فهي في نظره تلغي مركزية المركز وهامشية الهامش، ويمكن اعتبارها شخصية عالمية تلغي فكر العولمة المعروف. من جانب آخر، تطرق الدكتور الطيب بودربالة إلى قضية “من هو الأديب الجزائري؟” وكذا هوية الجنسية الأدبية، معتبرا أن هذه المسألة طرحت غداة الاستقلال، حيث تبناها المفكر “مالك حداد”، حين قال جملته الشهيرة “رغم أني أكتب بالفرنسية لكن لا أكتب للفرنسية”، فاللغة الفرنسية حسبه مجرد أداة تعبير فقط، والشخصية الثقافية هي الأساس، أي الانتماء والثقافة والتعاطف الأدبي، وتطرق أيضا لعالم الرواية وأول رواية جزائرية كتبت بالفرنسية من طرف “محمد رحاب” في حدود عام 1880، وبعدها رواية “خضرة راقصة أولاد نايل” سنة 1908 التي كتبها “ألفونس إتيان دينيه”.
وأكد خريج جامعة السوربون في ختام حديثه بأن كتابه حول الفرنسي ألفونس إتيان دينيه يدخل في إطار مشروع معرفي طموح تبنته ونفذته مؤسستان ثقافيتان كبيرتان هما جائزة الملك فيصل بالرياض ومعهد العالم العربي بباريس، حيث يهدف المشروع إلى إحصاء 100 عالم وباحث من العرب والفرنسيين ممن ساهموا في تقديم إحدى الثقافتين للأخرى، واعتبر الدكتور بودربالة بأن الأديب الفرنسي دينيه يعد جزائريا، لأنه اختار حسب قوله الجزائر بلدا له والإسلام دينا له وأوصى بدفنه ببوسعادة، مضيفا أنه قوض الإيديولوجية الاستعمارية، أما عن في صحراء الجزائر فهو حسب مؤلف الكتاب بعد ترجمي واستكشافي للجزائر، وأيضا عمقي ثقافي من خلال رسمه وتصويره للعادات والتقاليد والثقافة الجزائرية التي خلدها في كتاباته ردا على نظرة الاستعمار المحتقرة للثقافة الجزائرية والجزائريين.
قد يهمك ايضا :
شاهد: مشاركة بارزة للمرأة السعودية خلال فعاليات مهرجان الجنادرية التراثي
شاهد: فعاليات المعرض الوطني للكتاب المستعمل في المغرب
أرسل تعليقك