موسكو - العرب اليوم
تجاوزت روسيا المملكة العربية السعودية، لتصبح أكبر مصدر للنفط إلى الصين، في مايو (أيار)، للشهر الثالث على التوالي. وسجلت صادرات روسيا لثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم مستوى قياسيًا جديدًا، بما يعكس استمرار الطلب القوي من شركات التكرير المستقلة في الصين.
وأظهرت بيانات جمركية، الثلاثاء، أن الصين استوردت 5.245 مليون طن، أو نحو 1.24 مليون برميل من الخام يوميًا من روسيا خلال شهر مايو / أيار، بزيادة 33.7 % على أساس سنوي، بما يفوق المستوى القياسي السابق الذي جرى تسجيله في أبريل / نيسان، والبالغ 1.17 مليون برميل يوميًا.
وفاقت الواردات الصينية القادمة من روسيا نظيرتها القادمة من المملكة العربية السعودية للمرة الأولى على أساس تراكمي، ففي الأشهر الخمسة الأولى من 2016 زادت واردات النفط القادمة من روسيا بنسبة 41.8 % على أساس سنوي إلى 1.06 مليون برميل يوميا، في حين بلغ متوسط حجم واردات النفط القادمة من المملكة العربية السعودية 1.05 مليون برميل يوميًا.وقفزت واردات الخام القادمة من المملكة العربية السعودية 33.6 %، في أيار، على أساس سنوي، إلى 961 ألف برميل يوميًا، بحسب ما تظهره البيانات، لكنها تراجعت عن مستوى المليون برميل يوميًا، الذي جرى تسجيله في الشهر السابق.
وساعدت المصافي الخاصة، بسبب محدودية عملياتها نسبيًا مقارنة بشركات التكرير الحكومية، على زيادة الطلب الصيني على الخام بأكثر من مليون برميل يوميًا، في الأشهر الخمسة الأولى من العام، وفضلت تلك المصافي الخام الروسي منخفض الكبريت، بسبب حجم الشحنات الأصغر، وقرب الموقع الجغرافي، في حين لم يكن الخام الذي يحتوي على نسبة أعلى من الكبريت، القادم من السعودية والعراق، مغريًا للمشترين، بسبب حجم الشحنات الأكبر، ولأن ذلك الخام يباع عادة بموجب عقود طويلة الأجل.
وزادت الصين الواردات القادمة من إيران بنسبة 19.5 % في أيار، على أساس سنوي، إلى 619.3 ألف برميل يوميًا، مقابل 671.176 ألف برميل يوميا في نيسان، واستقرت الواردات في الأشهر الخمسة الأولى دون تغير يذكر تقريبًا، وزاد إجمالي واردات الصين من النفط الخام 39 % خلال أيار على أساس سنوي إلى 7.59 مليون برميل يوميًا، في أكبر قفزة خلال أكثر من ست سنوات.
وتراجع إنتاج النفط الروسي بشكل طفيف إلى 10.83 مليون برميل يوميًا في أيار، وذلك للشهر الثاني على التوالي، لكنه ما زال قريبًا من مستوى مرتفع قياسي بلغه في وقت سابق من العام الحالي. وتعزز روسيا، أكبر منتج للنفط في العالم، الإنتاج بشكل مطرد، برغم هبوط الأسعار عالميًا، حيث يساعد ضعف الروبل الروسي في تعويض خسائر الشركات. وتتجه روسيا لتسجيل رقم قياسي جديد في إنتاج النفط في 2016، وفق ما أعلن عنه ألكسندر نوفاك، وزير الطاقة الروسي، غداة اجتماع لمنظمة "أوبك" في بداية يونيو / حزيران الجاري، قائلاً: "إذا استمر الزخم الحالي، فسنصل إلى زيادة قدرها نحو 8 ملايين طن، وإذا أضفناها إلى 534 مليون طن في 2015، سنحصل على ما بين 540 و542 مليون طن، وهو رقم قياسي جديد لروسيا".
واتجهت روسيا في الأشهر الأخيرة، على غرار مصدرين رئيسيين آخرين للنفط، إلى زيادة إنتاجها إلى مستويات قياسية، من أجل تعويض انخفاض الأسعار، لكن الزيادة في المعروض أدت إلى تراجع الأسعار، التي سجلت في أوائل 2016 أدنى مستوى لها منذ 2003. وعلى الجانب الآخر، أبقت السعودية على إنتاجها من النفط الخام مستقرًا في أيار، في إشارة إلى أن أكبر بلد مصدر للخام في العالم لا يريد إغراق السوق، للاستحواذ على نصيب أكبر فيه. ووفقا لبيانات وكالة أنباء "رويترز"، بلغ إنتاج السعودية 10.270 مليون برميل يوميًا في أيار، وذلك مقارنة مع إنتاج قدره 10.262 مليون برميل يوميًا، بحسب منظمة "أوبك".
وبدأت أسعار النفط تتعافى، بعد أن هبطت الأسعار من 115 دولارا للبرميل، قبل عامين، وزادت حدة الخسائر بعدما رفضت المنظمة خفض الإنتاج، على أمل أن يؤدي تدني الأسعار إلى الحد من إنتاج المنافسين، ومع ظهور إشارات على أن هذه الاستراتيجية بدأت تؤتي ثمارها، لم تجر "أوبك" أي تعديلات على سياستها الإنتاجية، خلال اجتماع الثاني من حزيران 2016، لكن المخزونات ما زالت مرتفعة، وحذرت المنظمة من ذلك قائلة إن ما زالت هناك تخمة هائلة في المعروض، وأضافت أن إنتاجها هبط بواقع 100 ألف برميل يوميًا، إلى 32.36 مليون برميل يوميًا في أيار 2016، بما يقل 500 ألف برميل يوميًا عن الطلب المتوقع على نفطها في الربع الثالث، وبمقدار 160 ألف برميل يوميًا عن توقعاتها لمتوسط الطلب على خامها في النصف الثاني من العام 2016.
ويشير ذلك إلى انحسار الفجوة بين العرض والطلب عن الربع الأول من العام، حينما قالت "أوبك" إن إنتاجها تجاوز الطلب على نفطها بمقدار 2.59 مليون برميل يوميًا. أما إيران فهي لا تزال متشبثة بحقها في زيادة الإنتاج؛ بسبب حرمانها لسنوات طويلة من إنتاج وتصدير النفط، بسبب العقوبات الغربية، حيث قال وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، إن طهران لن تدعم أي سقف جماعي جديد للإنتاج، وأصر على أن بلاده تستحق مستويات إنتاج تاريخية قائمة على حصة تبلغ نحو 14.5 % من الإنتاج الكلي لـ"أوبك. ولجأت إيران إلى تقديم تخفيضات كبيرة للعملاء في آسيا؛ مما أدى إلى إضعاف الأسعار السعودية والعراقية إلى مستويات لم تشهدها منذ 2007 – 2008، من أجل استعادة حصتها في السوق. وشحنت إيران 2.3 مليون برميل يوميًا في نيسان 2016، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2012، وتلك الأرقام هي أعلى بنسبة 15 % من توقعات وكالة الطاقة الدولية (IEA).
وتظل طهران العقبة الرئيسية أمام "أوبك"، الساعية للتوافق على سياسة للإنتاج على مدار العام الأخير، حيث عززت إيران إنتاجها من الخام على الرغم من دعوات الأعضاء الآخرين لتثبيت الإنتاج، وتدفع إيران بأنه يتعين السماح لها بزيادة إنتاجها من الخام إلى المستويات التي جرى تسجيلها قبل فرض العقوبات الغربية عليها، بعد ما تم رفع تلك العقوبات.
أرسل تعليقك