عصيانا مدني في محافظة حضرموت ومدينة عدن الساحلية في اليمن الجنوبي
صنعاء - علي ربيع
حسم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، السبت، آخر الخطوات المتعلقة ببدء الحوار الوطني في بلاده، وقام بإصدار قرارين رئاسين، تضمن الأول آلية لسير الحوار الوطني الشامل وضوابطه، في حين تضمن الأخر لائحة بأسماء 565 شخصًا، هم المشاركون في مؤتمر الحوار، المقرر أن تبدأ أعماله، الاثنين، في القصر
الرئاسي في العاصمة اليمنية صنعاء.
وجاء على رأس لائحة المتحاورين، الرئيس هادي، الذي سيتولى رئاسة مؤتمر "الحوار الوطني الشامل"، بالإضافة إلى أنها تضمنت شخصيات يمنية بارزة تمثل مختلف الأطراف السياسية في اليمن، من أحزاب وجماعات وفئات المجتمع اليمني، وفقًا للحصص التي كانت قررتها اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني.
ويحظى الحوار الوطني في اليمن برعاية إقليمية ودولية، في سياق استكمال خطوات العملية الانتقالية، التي تعيشها البلاد، بموجب خطة التسوية، التي كانت اقترحتها دول الخليج في العام 2011، لوضع حد للأزمة التي عصفت باليمن، أثناء الانتفاضة الشعبية، التي خرجت ضد نظام الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
ومن المتوقع أن تشهد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، حضور شخصيات إقليمية ودولية، من بينها أمين عام "مجلس التعاون الخليجي" الدكتور عبد اللطيف الزياني، وأمين عام "جامعة الدول العربية"، ومسؤولين من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ووزراء خارجية بعض الدول الراعية للعملية الانتقالية في اليمن.
وتنعقد جلسة الحوار الرئيسية في القصر الرئاسي في العاصمة صنعاء، وسط حماية أمنية مشددة، يشترك في توفيرها نحو 60 ألف ضابط وجندي، وفق ما أعلنته السلطات اليمنية، في وقت سابق، مؤكدة أنها "أنشأت غرفة عمليات مشتركة في وزارة الدفاع، لتولي أعمال التنسيق، لتأمين مؤتمر الحوار الوطني، واللجان التي ستنبثق عنه، وتعقد جلساتها في بعض المحافظات الأخرى".
وخلت لائحة المشاركين، التي نُشرت في وسائل الإعلام الرسمي، من أسماء قادة المعارضة اليمنية الجنوبية المقيمة في الخارج، مثل علي سالم البيض، وحيدر العطاس، وعلي ناصر محمد، وعبد الرحمن الجفري، بالإضافة إلى أنها استبعدت كل من الرئيس السابق على عبد الله صالح، والقائد العسكري البارز علي محسن الأحمر، ورجل الدين والداعية الإسلامي الشيخ عبدالمجيد الزنداني.
وكانت الولايات المتحدة قد اعترضت في وقت سابق، على لسان سفيرها لدى صنعاء أن يكون الشيخ الزنداني ضمن المشاركين في الحوار، للشبهات التي تدور بشأن علاقته بـ"الإرهاب".
وضمت لائحة المشاركين في الحوار الوطني، شخصيات من الشمال والجنوب بالتساوي، كما بلغت نسبة النساء فيها 30%، وبلغت نسبة المشاركين من المكونات الشبابية 20%.
وحصل حزب "المؤتمر الشعبي"، الذي ينتمي إليه الرئيس هادي، على 112 مقعدًا في الحوار، كما حصل حزب "الإصلاح" (الإخوان المسلمون) على 50 مقعدًا، و"الاشتراكي" على 37 مقعدًا، و"الناصري" على 30 مقعدًا، و"جماعة الحوثي" (الشيعية) على 35 مقعدًا.
وفي حين حصلت المعارضة الجنوبية "الحراك" على 85 مقعدًا، تولى الرئيس هادي توزيعها على فصائل "الحراك"، التي وافقت على المشاركة في الحوار، فيما حصل هادي على 62 مقعدًا حرص على توزيعها على الشخصيات القبلية، والفئات الاجتماعية غير الممثلة حزبيًا.
وتستمر الجلسة العامة الأولى للمؤتمر، أيام عدة، يتم خلالها الموافقة على جدول أعمال المؤتمر، ونظامه الأساسي، ولائحة الانضباط، بالإضافة إلى انتخاب تسعة نواب لرئيس المؤتمر، وتقسيم المتحاورين على تسع لجان، تبحث كل منها على حدة، بينما تبرز على الطاولة، قضايا عدة، وملفات شائكة، أبرزها ما يتعلق بالتوافق على شكل الدولة والدستور الجديدين، بالإضافة إلى بحث حلول ناجعة بشأن النزعة الانفصالية المتنامية لدى الجنوب اليمني، والتمرد الشيعي في صعدة شمال اليمن.
ومن المفترض أن ينجز المتحاورون كل هذه القضايا خلال ستة أشهر، في ظل وجود ملفات حساسة، قد يثير النقاش فيها جدلاً غير محدود، لاسيما ما يتعلق بشكل الدولة وتقسيمها إداريًا.
ويميل الرئيس اليمني الذي سيرأس الحوار، حسب تصريحات سابقة له، إلى خيار الفيدرالية من ستة أقاليم، لكن من المتوقع أن يجد هذا التصور معارضة شديدة في مؤتمر الحوار الوطني، من جانب القوى التقليدية في البلاد، وقد لا يحوز على الأغلبية المطلوبة لإقراره، وهي 75% من عدد المشاركين.
وترفض مراكز القوى القبلية والدينية في اليمن تقسيم البلاد إلى أقاليم فدرالية، تتمتع بسلطات واسعة، وترى فيه مقدمة نحو تفكيك اليمن إلى دويلات، إلا أن القوى الليبرالية واليسارية ودوائر إقليمية وغربية تدعم فكرة الفيدرالية بين الشمال والجنوب، وترى فيها حلاً يحقق العدالة في توزيع الثروة والسلطة التي تحتكرها قوى المركز الراديكالية.
وباءت بالفشل مساعٍ خليجية تولاها أمين عام "مجلس التعاون الخليجي"، وأخرى أممية قام بها مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر، كانت تهدف لإقناع القادة الجنويين المقيمين في الخارج بالمشاركة في الحوار الوطني اليمني.
وأكدت مصادر محلية في عدن (كبرى مدن الجنوب) لـ"العرب اليوم" أن شوارع المدينة بدت، ظهر السبت، خالية من المارة والحركة التجارية، خوفًا من نشوب أعمال عنف، يلجأ إليها أنصار "الحراك الجنوبي"، في سياق تهديداتهم بفرض عصيان مدني بالقوة، على غرار ما حدث في مرات سابقة، تدخلت فيها الشرطة، وسقط خلالها قتلى وجرحى.
ويهدد ناشطون وقيادات من أنصار "الحراك الجنوبي" في اليمن بتصعيد الاحتجاجات الرافضة للحوار الوطني، كما دعوا إلى تنفيذ عصيان مدني في سائر مدن الجنوب، تزامنًا مع بدء الحوار في صنعاء، حيث نَفذت معظم المحال التجارية في محافظة حضرموت ومدينة عدن الساحلية في اليمن الجنوبي ومناطق أخرى في خور مكسر والمعلا والمنصورة، عصيانًا مدنيًا استجابة لدعوات "الحراك الجنوبي".
ولم تفتح سوى المشافي، والصيدليات، والمطاعم، وبعض المحالات الاستهلاكية الضرورية الأخرى، كما أغلقت اﻟﻣراﻓق اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ أﺑواﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻋدن، واُﻗﻔﻠت اﻟطرق ﻓﻲ ﻣدﯾرﯾﺔ اﻟﻣﻧﺻورة، ﻣن جانب ﻣﺣﺗﺟﯾن، فيما قال شهود عيان أن "ﻣﺻﻔﺣﺎت ﻗوات اﻷﻣن واﻟﺟﯾش أطﻠﻘت اﻟﻧﺎر ﺑﺎﺗﺟﺎه ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺣراك، دون ﺗﺳﺟﯾل إﺻﺎﺑﺎت".
وفي المعلا جابت أليات عسكرية مدعومة بدوريات راجلة شوارع المدينة لتمشيط المنطقة، ومَنع أي من أنصار "الحراك" من قطع الطرق، حيث قال بعض سكان الشارع الرئيسي في المعلا "إن الجنود حاولوا نزع صور الشهداء من على الجدران، وإنزال أعلام الجنوب".
وقالت مصادر لجان تنظيم العصيان أن "الحراك الجنوبي" غير راغب في الجلوس على طاولة مفاوضات واحدة مع حكومة نظام الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وأكد رئيس الدائرة السياسية في المجلس الأعلى للحراك الجنوبي علي هيثم الغريب أن "هناك إجماعًا في الحراك على مقاطعة الحوار الوطني"، الذي دعت إليه الحكومة اليمنية، والمقرر أن ينطلق، الاثنين، في العاصمة صنعاء.
وقال الغريب "إن فصائل الحراك لن تقبل بالدخول في الحوار، ما لم تتم الاستجابة لمطالبها، فنحن نطالب باستعادة الاستقلال للجنوب وباستعادة دوره وتوجهه كدولة مستقلة".
ويستعد الجناح الذي يتبعه الغريب، وهو الجناح الأكثر تشددًا في الحِراك بزعامة نائب الرئيس اليمني السابق المقيم في المنفى علي سالم البيض، للتظاهر اعتبارًا من السبت، في عدن كبرى مدن الجنوب، رفضًا لهذا الحوار، الذي تقاطعه شريحة واسعة من "الحراك الجنوبي".
من جانبه، أكد عضو الهيئة التنفيذية لـ"المؤتمر الشعبي" للشعب الجنوبي عوض علي حيدر، أن "استعداد فصيله للتحاور مع صنعاء لا يعني أنهم سيشاركون في الحوار الوطني العام، الاثنين".
ويشترط الفصيل أن يكون المجتمع الدولي والإقليمي ضامنًا لتنفيذ ما يَنتج عن هذا التفاوض، مضيفًا "إذا تم ذلك ستكون له نتائج إيجابية على مستوى الوطن كله".
وﻗﺎل ﺷﮭود عيان "إن ﻣﺻﻔﺣﺎت اﻵﻣن في ﻣدﯾرﯾﺔ اﻟﻣﻌﻼ ﻗﺎﻣت ﺑﺗﺣطﯾم ﻣﻧﺑر اﻹﻣﺎم، اﻟذي ﺗﻘﺎم ﻋﻠﯾﺔ ﺧطﺑﺔ اﻟﺟﻣﻌﺔ ﻣن ﻛل أﺳﺑوع، ﻓﻲ اﻟﺷﺎرع اﻟرﺋﯾﺳﻲ في اﻟﻣﻧﺻورة، ﺑﯾﻧﻣﺎ ظﮭرت اﻟﻣﺣﻼت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻣﻐﻠﻘﺔ، واﻣﺗﻧﻊ اﻟﻌﺎﻣﻠون ﻋن اﻟذھﺎب إﻟﻰ أﻋﻣﺎﻟﮭم".
وﻓﻲ ﻣدﯾرﯾﺔ ﺧور ﻣﻛﺳر، ﻋُطﻠت الهيئات اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ وﺷُﻠت اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻓﯾﮭﺎ، وظﮭرت اﻟﺷوارع ﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺎرة، ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺷوھدت ﻗوات اﻷﻣن اﻟﯾﻣﻧﯾﺔ ﻣﻧﺗﺷرة، لاسيما ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﻌروض، اﻟﺗﻲ تتوﺳط اﻟﻣدﯾﻧﺔ.
يذكر أن ﻋدن تشهد ﻣﻧذ 21 ﺷﺑﺎط/ﻓﺑراﯾر اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻣواﺟﮭﺎت ﺑﯾن اﻟﻘوات اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ وﻋﻧﺎﺻر "اﻟﺣراك اﻟﺟﻧوﺑﻲ"، اﻟذي ﯾدﻋو ﻻﻧﻔﺻﺎل ﺟﻧوب اﻟﯾﻣن ﻋن ﺷﻣﺎﻟﮫ، ﻓﯾﻣﺎ أﺳﻔرت اﻟﻣواﺟﮭﺎت ﻋن ﺳﻘوط 12 ﻗﺗﯾﻼً ﻏﺎﻟﺑﯾﺗﮭم ﻣن ﻋﻧﺎﺻر "اﻟﺣراك".
أرسل تعليقك