جون كيري يصافح جون ماكين بعد الموافقة على تنصيب كيري وزيرا للخارجية الأميركية
واشنطن ـ يوسف مكي
يواجه وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري، تحديات عدة، أهمها يتعلق بمدى قدرته على إقناع الشعب الأميركي بأن مصالحه على المدى البعيد، تكمن في تقليل نزعة التدخل وكبح جماح السياسة الخارجية الأميركية، في ضوء الواقعية الجديدة التي يشهدها العالم حاليًا، فيما أكد المحللون السياسيون أن إيران ستكون أول اختبار
لكيري في هذا الشأن.
وكشف مقال في صحيفة "غارديان" البريطانية، عن قيام الرئيس الأميركي باراك أوباما بتكليف جون كيري خلال الفترة الأخيرة، بمهام خارج الولايات المتحدة لم يُعلن عنها، من بينها الزيارة الخاصة التي قام بها إلى إمارة دبي الإماراتية، موضحًا أن "جون كيري شخصية معروفة للعديد من حكومات العالم، وبخاصة تلك التي تشهد بلدانها اضطرابات وتقلبات سياسية، بداية من الخليج العربي وحتى آسيا الوسطى، كما أنه استطاع أن يكون علاقة قوية مع الرئيس أوباما على الرغم من قيام أصدقائه في مجلس الشيوخ بشن حملة قاسية ضد منافسته على منصب وزارة الخارجية سوزان رايس.
وقال كاتب المقال، إن "تولي جون كيري منصب وزير الخارجية بعد هيلاري كلينتون، لن يغير من أسلوب صنع القرار في السياسة الخارجية الأميركية، الذي كانت تتبعه كلينتون خلال السنوات الأربع الأخيرة، وأن معظم القرارت السياسية سيتم اتخاذها في البيت الأبيض وليس في وزارة الخارجية، بل وربما لن يكون وزير الخارجية موجودًا أثناء اتخاذ تلك القرارات، ومع ذلك فإن كيري سيكون بمثابة الشخصية الرئيسة، في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة الأزمات الراهنة، وأهم ما يميزه أنه يميل إلى الحلول الدبلوماسية وليس الحرب، الأمر الذي يستدعي التساؤل حول ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى تغيير خطير في سياسة أميركا الخارجية تجاه العالم أم لا".
وأضاف "غارديان" أن "ذلك أمر في علم الغيب، وأن إيران ستكون أول اختبار في هذا الشأن، لاسيما وأن جوهر السياسة الأميركية تجاه طهران يتشكل من خلال التهديدات وفرض العقوبات، ومطالبتها بالانصياع للمطالب الغربية من دون أن تتوقع مقابل كبير لذلك، ومن غير المرجح أن تختلف تلك السياسة في عهد كيري، كما أن الأخير لن يستطيع وقف حرب طائرات الدرون من دون طيار المثير للجدل، والتي تتوسع الولايات المتحدة في استخدامها، وتغذي روح العداء لأميركا في العالم على نحو يزيد من صعوبة مهمته، ومن غير المتوقع أيضًا أن يستطيع كيري تهدئة الأصولية والتطرف الديني المتصاعد في كل من مصر وسورية وإسرائيل، والمنطقة الوحيدة التي يمكن أن يحقق فيها وزير الخارجية الجديد نجاحًا، هي أن يضع تعريفًا جديدًا لمعنى الأمن القومي للأميركيين، فهو يعترف بأن الخطر الأساسي الذي يتهدد أميركا لم يعد مصدره الجيوش الأجنبية أو من أطلق عليهم الرئيس السابق جورج دبليو بوش (الدول المارقة)، وإنما مصدره تغير المناخ وسياسات الطاقة في العالم والمشاكل الاقتصادية الداخلية في أميركا".
وتابعت الصحيفة البريطانية، "إن أكبر تحدي يواجه كيري هو محاولة إقناع الشعب الأميركي بأن مصالحهم على المدى البعيد، تكمن في تقليل نزعة التدخل وكبح جماح السياسة الخارجية الأميركية، ومن المؤكد أنه سيصطدم في هذا الشأن بالكثيرين داخل الإدارة الأميركية الذين يحاولون إعادة تشكيل وجه العالم، بل إن كيري نفسه ليس محصنًا من الخضوع لإغراء التدخل الأميركي، بدليل أنه نجح مع السيناتور جون ماكين في استصدار قرار مجلس الشيوخ لحث أوباما على مهاجمة ليبيا، بزعم أن ذلك ضروري لأمن أميركا، ومثل أي تدخل عسكري فإن النتائج غير المتوقعة والمترتبة على التدخل العسكري في ليبيا تتوالى، بدليل ما يحدث حاليًا في مالي بعد تسلح قبائل الطوارق العرقية بأسلحة ثقيلة وعودتهم إلى مالي بعد سقوط القذافي، وفي ضوء ذلك يمكن القول بأن رؤية كيري بأن التدخل العسكري سيدعم الأمن الأميركي، غير صحيحة، وأنه أساء تقدير الموقف بصورة مأساوية، فقد ساهم كل من جون ماكين وأوباما في تفاقم أزمة مالي، وسيدرك كيري ذلك بنفسه، ولكنه لن يقدر على فعل شئ وسيكتفي بهز كتفيه، وبالتالي ستستمر نزعة التدخل الأميركية في شأن الغير".
وأشارت "غارديان" إلى أن "الجمع بين كيري في الخارجية وتشوك هاغل في الدفاع في حال توليه المنصب في الإدارة الأميركية، من شأنه أن يسفر عن تناقضات محتملة في اقتراحات كل منهما، فمصالح أميركا الحيوية الحقيقية تتمثل في الدفاع عن ممرات الملاحة البحرية لضمان عدم استخدام أسلحة دمار شامل ضدها، والحيلولة من دون انتقال الحروب من أماكن أخرى إلى داخل أميركا، وهذه هي كل مصالح أميركا في العالم ولا تحتاج للدفاع عن غيرها، وسيدرك العالم قريبًا ما إذا كان كيري يتفق مع وجهة النظر هذه أم أنه سيوسع من مفهوم وتعريف (المصالح الحيوية) الأميركية، ولو نجح كيري في إقناع الشعب الأميركي بأن مصلحته في الحد من تدخلاته العالمية، فإن التاريخ لن ينساه كشخصية قادرة على التغيير والتحول الحقيقي
أرسل تعليقك