الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية تمام سلام
بيروت ـ جورج شاهين
حذر رئيس كتلة نواب "حزب الله"، الحاج محمد رعد، من تشكيل حكومة اللون الواحد، لأن مثل هذه الحكومة التي تكرس الأمر الواقع تهدد الاستقرار في البلاد، فيما اعتبر رئيس "تكتل الإصلاح والتغيير" العماد ميشال عون، أن مثل هذه الحكومة سيكون عملاً انقلابيًا على
الدستور. وعلم "العرب اليوم" من مصادر مقربة من الرئيس اللبناني ميشال سليمان، أنه سيعمد إلى توقيع مرسوم تشكيل حكومة أكثرية، كونه دستوريًا، لا يمكنه أن يرفض أو يقطع الطريق على حكومة حاصلة على أكثرية في مجلس النواب، وكما تعاطى سليمان مع تشكيل حكومة نجيب ميقاتي سيتعاطى مع حكومة سلام، انطلاقًا من المبدأ الدستوري نفسه، ولو أن فريقًا معينًا سيكون خارجها، وهو "8 آذار" في هذه الحال.
وأعلن الرئيس المكلف تمام سلام، عبر "تويتر"، في موقف متقدم جاء بمثابة رد على فريق "8 آذار"، أن حصول أي فريق سياسي على ما يُسمى "الثلث المعطّل" في الحكومة ممارسة أثبتت عدم جدواها في الماضي، فضلاً عن أنه لا سند دستوريًا أو قانونًا لها، فيما انصرف سلام إلى إجراء مشاورات بعيدًا عن الأضواء، لبلورة الخيارات التي سيعتمدها في اليومين المقبلين.
واستقبل صباح السبت في مقر المصيطبة الوزير وائل أبو فاعور موفدًا من النائب جنبلاط، والذي نقل نتائج محادثات وفد الحزب "التقدمي الاشتراكي" في اليومين الماضيين مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ميشال سليمان ونبيه بري.
وتكتمت أوساط سلام عن الخطوات التي يعتزم اتخاذها، فيما علم من أوساط مواكبة لتأليف الحكومة، أن الوضع يتسم بدقة بالغة، وتجري حاليًا مقارنة بين إيجابيات إقدام سلام على تأليف حكومة قبل 15 الجاري، وموعد انعقاد الجلسة العامة لمجلس النواب وسلبياتها، وقد ظهر في هذه المقارنة أن انتظار سلام إلى ما بعد 15 أيار/مايو لن يغيّر شيئًا في موقف "8 آذار" الذي لا يزال متمسكًا بمطلب "الثلث المعطّل"، وعليه فإن على سلام أن يختار الاتجاه الذي سيسلكه بالتشاور مع رئيس الجمهورية والنائب جنبلاط اللذين يتابعان التفاصيل التي تنطوي عليها حركة تأليف الحكومة.
وجاءت هذه المواقف التصعيدية في وقت يستعد فيه الرئيس المكلف تشكيل حكومة من الأكثرية، في الأيام القليلة المقبلة، تحظى بأكثرية نيابية بانضمام رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط إلى مؤيدي الخطوة، وتوجه فجأة في الساعات القليلة الماضية إلى المملكة العربية السعودية في زيارة مفاجئة.
وقال متابعون لاتصالات جنبلاط، إنه يسعى من وراء زيارته إلى السعودية إلى إجراء مشاورات تتناول التطورات المستجدة على صعيد تأليف الحكومة، وبخاصة في ضوء المعطيات التي تشير إلى قرب اتخاذ الرئيس المكلف تمّام سلام قرارًا بتشكيل حكومة تتجاوب مع المبادئ التي أعلنها وتتجاوز مطلب "الثلث المعطل" الذي طرحه ولا يزال فريق "8 آذار"، ويرى هؤلاء أن الزيارة استطلاعية، وهو يعيش في أجواء مشابهة لأجواء سلام من حيث الخيارات التي يعتمدها.
وعلى المستوى النيابي، تزامنت هذه المواقف عشية اجتماع هيئة مكتب المجلس الذي سينعقد الإثنين لتحديد جدول أعمال الجلسة النيابية، الذي دعا إليها نبيه بري، الأربعاء المقبل، معتبرًا أنها جلسة مفتوحة حتى التوافق على قانون جديد للانتخاب.
وتوقع نائب رئيس مجلس النواب، فريد مكاري، الأحد، عدم توصل مجلس النواب إلى إنتاج قانون انتخاب جديد، بل ستنتهي الجلسة بالتمديد للمجلس الحالي لمدة تراوح بين 6 أشهر وعام، وموضوع الفترات هو "لتبليعها" للناس، وأن الكلام عن فترة 6 أشهر طريقة مريحة اكثر من القول إنه لم يتم التوصل الى قانون، وقد نصل إليه خلال هذه المدة، وإذا لم يتضح المشهد الإقليمي عندها، يمددون 6 أشهر أخرى، إنه تمديد قابل للتمديد أو للتجديد.
وجدد رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة"، النائب محمد رعد، المطالبة بشراكة حقيقية في الحكومة المقبلة، ومن حقنا أن نتمثل بحسب أحجامنا النيابية"، معتبرًا أن "هذا هو حق اخلاقي وعملي ودستوري، وأي تجاوز لذلك لن يجعل الحكومة التي تكون من مسؤوليتها حفظ إدارة البلاد ترى النور، وإذا أراد البعض الذي ينفخ في بعض الآذان لتشكيل حكومة اللون الواحد أو حكومة الأمر الواقع، فننصح له بألا يجرب هذا النوع من الحكومات حرصًا على البلاد والاستقرار".
وبشأن قانون الانتخاب، أكد رعد، خلال رعايته حفل التكريمي السنوي للفتيات اللاتي بلغن سن التكليف الشرعي، "سنصوت إلى جانب القانون الأرثوذكسي إذا طرح في جلسة 15 أيار/مايو المقبلة، وإذا نجح سنمضي به بانتظار التعليقات الدستورية والطعون وما إلى ذلك لاستنفاد العملية الدستورية في تحويل القانون إلى إجراء تطبيقي، وإذا فشل القانون سنفكر بالقانون الذي تجري الانتخابات على أساسه بأقل الأضرار وأقل الخسائر"، مضيفًا "نحن وحلفاؤنا حتى الآن لم نتفق على الصيغة، ولدينا مجموعة صيغ، وهناك شبة تفاهم على إمكان التوصل إلى إقرار واحدة منها”.
وحذر ميشال عون، مساء السبت، الرئيس المكلف من الابتعاد عن الحكمة في هذه المرحلة، ومن تغليب المصالح السياسية الضيقة، لأن التأليف سيكون عملاً انقلابيًا على الدستور، قائلاً "نحن نحذر الرئيس المكلف بأن كلامك لم يدل على أنك ستتصرف بهذا الإتجاه، فهل كان هناك خدعة؟! هل أنت مكلّف وهناك من يهمس بأذنك من الخارج كي تقوم بهذا العمل؟! إياك والإبتعاد عن الحكمة في هذه المرحلة بالذّات، نسمع أن هناك حكومة ستخرج في الأيام المقبلة بـ 14وزيرًا، نحن لا يهمنا العدد، سواء أكانت بـ 14 أو 24، ولكن انتبه من خطر الانزلاق".
ودعا رئيس المجلس التنفيذي لـ"حزب الله"، السيد هاشم صفي الدين، الجميع "إلى تحمل مسؤولياتهم في هذه المرحلة التي نمر بها، وتشكيل حكومة وطنية تلم الشمل وتجمع الكلمة لتحقيق المطالب الأساسية والضرورية"، مضيفًا في حفل تكليف فتيات بلغن السن الشرعي، أقامه "حزب الله" في مجمع "الملاك" السياحي في بلدة أنصارية، في حضور شخصيات وفاعليات ومواطنين، "إننا على أبواب قانون انتخاب واستحقاقات إقليمية حادة وصعبة، وعلى أبواب متغيرات مهمة، من الطبيعي والمنطقي جدًا أن نعمل لتشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع ولا تفرق، وأن المصلحة الوطنية تقتضي الجمع، وإذا كان البعض يفكر في تشكيل حكومة من دون تمثيل واقعي للقوى والأحزاب السياسية، فإن هذه الحكومة لن تكون حكومة المصلحة الوطنية، التي تقتضي أن يشارك الجميع بفعالية، وأن يكون هناك حد أدنى من التمثيل الحقيقي والواقعي"، معتبرًا أن "إعادة الثقة تحتاج إلى خطوات إيجابية وليس إلى خطوات سلبية".
واضاف صفي الدين، "من الطبيعي أن تكون نتيجة توسعة دائرة الاعتداءات الإسرائيلية، هي توسعة دائرة المقاومة على مستوى المنطقة، فمن غير الطبيعي أن تستهدف إسرائيل كل المنطقة وترسل طائراتها يمينًا وشمالاً لتقصف حيث تشاء، من دون أن تكون هناك ردات فعل".
أرسل تعليقك