تسلط مختلف وسائل الإعلام العالمية الكبرى، الضوء لليوم الثاني على التوالي، على العزلة المتزايدة التي باتت تعاني منها قطر، في ضوء قرار الإمارات وتسع دول عربية وإسلامية قطع العلاقات معها أو تخفيض مستواها، بفعل مواصلة حكومتها انتهاج سياسات تزعزع الاستقرار الإقليمي وتدعم الإرهاب.
وحذرت صحيفة "التايمز" البريطانية من أن "الفوضى الاقتصادية" باتت تهدد قطر في ظل الخناق الذي يضيق على حكومتها، مع تزايد عدد الدول التي تنضوي تحت لواء حملة قطع العلاقات معها. وأشارت الصحيفة إلى أن الإجراءات التي فرضتها الإمارات والسعودية ومصر والبحرين حيال قطر، على صعيد إغلاق المنافذ والأجواء وغير ذلك، بدأت "تؤلم" الدوحة. وأضافت أن شركات دولية بدأت تراجع الآفاق المتوقعة للمستقبل الاقتصادي لهذه الإمارة، التي صارت معزولة دبلوماسياً واقتصادياً عن جيرانها.
ولم تبتعد صحيفة "ديلي تليجراف" عن هذا المعنى كثيراً إذ عنونت إحدى افتتاحياتها بالقول "قطر مُحاصرة"، وقالت "هناك أساس لاتهام الإمارات والسعودية لقطر بدعم جماعات إرهابية مثل تنظيمي داعش والقاعدة".وقالت الافتتاحية: "إن الإجراءات التي اتُخذت ضد حكومة قطر سيكون لها تأثيرٌ مدمرٌ على اقتصاد هذا البلد محدود المساحة".
أما "الفاينانشيال تايمز" البريطانية كذلك، فقد رأت في مقالٍ لها أن التحرك الأخير يستهدف "ترويض قطر المغرورة". واعتبرت الصحيفة أن التوترات الناجمة عن السياسات الخارجية لقطر ليست بالجديدة، وإنما الجديد هو "حجم الإجراءات" التي اتُخِذت بالتزامن مع قرار قطع العلاقات.
ورأى المقال أن تلك التدابير تُظهر مدى خيبة الأمل حيال سياسات قطر، تلك التي أشارت "الفاينانشيال تايمز" إلى حقيقة اعتمادها الهائل على استيراد نحو 40% من وارداتها غير النفطية عبر الحدود البرية مع المملكة العربية السعودية. ولفتت الصحيفة الانتباه في هذا الصدد إلى مواصلة القطريين شراء السلع الغذائية بشكل مكثف لتخزين المؤن في ظل تصاعد العزلة التي تواجهها حكومتهم.
وأبرزت الصحيفة البريطانية المخاوف القطرية من أن تؤدي الإجراءات القوية الأخيرة إلى الإطاحة بالنظام الحاكم في الدوحة. ونسبت إلى رجل أعمال قطري بارز قوله "أُبلِغنا بأن الأميركيين لن يتدخلوا" حال تعرض قطر لأي عمل عسكري.
وتطرّقت "الفاينانشيال تايمز" إلى التغريدات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي كشف فيها عن أن قادة دول شرق أوسطية التقاها خلال القمم التي عُقدت في الرياض أخيرًا، أشاروا بأصابع الاتهام إلى قطر فيما يتعلق بتمويل أصحاب الفكر المتشدد.
واعتبرت الصحيفة أن هذه التغريدات تعني توجيه ترامب أصابع الاتهام صوب الحكومة القطرية فيما يتعلق بتمويل الإرهاب. وقالت: "إن ترامب أبدى بهذه التعليقات دعمه للإمارات والسعودية وغيرهما من الدول التي تعمل على عزل قطر بسبب دعمها للمنظمات الإرهابية".
وأشارت الصحيفة البريطانية المرموقة إلى أن هذا الدعم الأميركي العلني للتحرك العربي الحالي "غير المسبوق" ضد الدوحة، يأتي برغم استضافة قطر القاعدة العسكرية الرئيسية للجيش الأميركي في الشرق الأوسط. ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، قالت: "إنه يعمل في الشرق الأوسط ولا يرغب في كشف هويته، تأكيده على أن الدول التي قطعت العلاقات مع قطر لم تخطر واشنطن مسبقاً باعتزامها السير على هذا الطريق". وقال: "لقد أُخِذنا على حين غرة ولم تكن لدينا أي فكرة عما سيحدث".
تغريدات ترامب حظيت باهتمامٍ كبير كذلك من جانب صحيفة "الجارديان" البريطانية التي قالت: "إنها تشكل التدخل الأول من جانب الرئيس الأميركي في "أسوأ أزمة" دبلوماسية تشهدها منطقة الخليج منذ ثلاثة عقود".
واعتبرت الصحيفة أن هذه التغريدات ستشكل "صدمةً لقطر التي تعتبر نفسها حليفاً لأميركا ويوجد على أراضيها نحو 10 آلاف جندي أميركي". ورأت "الجارديان" أن "تعاطف ترامب" مع الجهود الرامية لمواجهة السياسات القطرية الحالية يشكل "تحولاً دراماتيكياً في موقفه (مقارنةً) بما كان عليه من أسبوعين عندما التقى الأمير القطري في الرياض". ورأت "الجارديان" أن تصريحات مسؤولي الدوحة حول اعتزامهم التعاون مع أي وساطة في الأزمة تشكل محاولة لمواجهة العزلة الحالية المفروضة على بلادهم.
وأبرزت الصحيفة البريطانية قول معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في تغريدات على تويتر: "إنه من الضروري وضع "خريطة طريق مضمونة" من بين خطوات أخرى للمضي على طريق الحل".
واعتبرت "الجارديان" أن من بين العوامل التي فجرت الأزمة الأخيرة الأموال الطائلة التي دفعتها الدوحة لتنظيمات مرتبطة بالإرهاب من أجل الإفراج عن مواطنين قطريين كانوا مختطفين في العراق. وأشارت إلى أن الحكومة القطرية ربما تكون قد دفعت هذه الأموال لكتائب حزب الله العراقي وجبهة أحرار الشام وجبهة النصرة في سورية.
وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، لم تغفل صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تغريدات الرئيس ترامب بشأن جهود عزل حكومة قطر بسبب سياستها الحالية. ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض، قوله "الرئيس ترامب يسعى من خلال تغريداته الأخيرة إلى إظهار ما أدت إليه زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط من "عزلٍ لمن يمولون الإرهاب" في هذه المنطقة". كما نسبت الصحيفة إلى مسؤول بالخارجية الأميركية إشارته إلى أن الدوحة "بحاجة إلى بذل المزيد" على طريق وقف تمويل الجماعات الإرهابية.
وألقت "واشنطن بوست" الضوء على تصريحات وزير الخارجية الأميركي ريكس تليرسون التي قال فيها " على كل دولة في المنطقة التزامات يتعين عليها الوفاء بها .. ولديها تحدياتها الخاصة فيما يتعلق بأن ترتقي إلى مستوى ذلك الالتزام المتعلق بوقف تمويل الإرهاب والتطرف". وقالت الصحيفة: "إن الرغبة في عزل إيران ومحاربة الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش الإرهابي، أدت إلى جعل إدارة ترامب أكثر قربا من الإمارات والمملكة العربية السعودية".
ورأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن تغريدات ترامب الأخيرة بشأن العزلة القطرية المتفاقمة قد تنطوي على "تبعات استراتيجية هائلة في الشرق الأوسط". وأشارت الصحيفة إلى أن تمويل حكومة الدوحة لجماعات متطرفة طالما شكّل "مصدراً للتوتر مع واشنطن" على الرغم من أن الولايات المتحدة عادةً ما كانت تتجنب بشكلٍ عام الوقوف إلى جانب أي دولة في أي خلاف ينشب في منطقة الخليج. واعتبرت "نيويورك تايمز" أن تعليقات الرئيس الأميركي الأخيرة تتباين مع محاولات كبار مستشاريه التقليل من تأثير الأزمة الراهنة على الحرب التي تشنها بلاده على داعش. ونقلت عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) قولهم إن تدخل ترامب في الأزمة مثل "مفاجأة" بالنسبة لهم.
أرسل تعليقك