تكررت حوادث الاختطاف والاغتصاب في قرية كافومو شرق الكونغو عدة مرات خلال العامين الماضيين, حيث حدث في ليلة 26 ديسمبر/ كانون الأول 2015 قبل منتصف الليل دخل أحد الخاطفين كوخ خشبي لاختطاف طفلة عمرها 3 سنوات تدعى دينيس كانت تنام في الفراش إلى جانب والدتها على الرغم من وجود امرأتين وثلاثة أطفال أخرين في هذه الليلة في المنزل، واستيقظت والدة دينيس لتجد مكان فراش ابنتها خاليا كما وجدت القضيب الحديدي المستخدم في غلق الباب ملقيا على الأرض، وعلمت الأم من خلال هذه العلامات أن هذا السيناريو تكرر في كافومو عدة مرات، وأخذت الأسرة والجيران يبحثون عن الفتاة في الحقل المجاور وسرعان ما وجدو دينيس ملقية على التراب الرطب، مرتدية سترة وردية فقط لقد تعرضت للاغتصاب بقسوة وأصيب بنزيف بين ساقيها، ونقلت الفتاة مباشرة إلى المستشفى المحلي، واتجه أحدهم إلى رئيس القرية لإخبار الشرطة بالواقعة، وأمضت دينيس ليلة في المستشفى ثم أرسلت إلى مستشفى بنزي وهي مرفق طبي أكبر بكثير في عاصمة كافومو، وفي الأيام الأولى من الواقعة كان الفريق الطبي غير مدرب في كافومو ومسحوا بعض الأدلة في محاولة لتنظيف الفتاة لكن الأطباء في بنوي لديهم تعليمات حول كيفية معالجة ضحايا الاغتصاب للحفاظ على الأدلة الجنائية.
وتعد دينيس الفتاة 39 التي يتم اغتصابها في قرية كافومو حيث تم الإبلاغ عن في 3 يونيو/ حزيران 2013، وفي كل مرة يقوم مجموعة من الرجال باختطاف فتيات تتراوح أعمارهم من 18 شهرًا إلى 11 عامًا من منزلها ويتم اغتصابها وإما أن يتم إعادتها إلى منزلها أو يتركوها في حقل مجاور يزرعه الجنود المسرحون، وقُتلت اثنتان من الفتيات على الأقل بسبب الإصابة، وعلى الرغم من استخدام الاغتصاب كسلاح في الحرب في هذا الجزء من جمهورية الكونغو لمدة 20 عامًا إلا أن هذه الاعتداءات على الأطفال جديدة من حيث نمط تكرار وصغر سن الضحايا، وفي البداية لم يظهر أن هذه الحالات ذات صلة ولكن مع مرور الوقت تبين أن تفاصيل كل اختطاف تشبه الأخر من حيث طريقة دخول الرجال للمنازلة وطريقة خطف الفتيات وتركهم في نفس الحقل، وحقيقة أن لا أحد من الأسرة يستيقظ أثناء خطف الأطفال، وبدأ المحققون يشكوا في أن هناك عصابة منظمة وراء هذه الهجمات، وغالبا ما تتلف أعضاء الفتيات لأنهم صغيرات للغاية.
وأفاد المدير الطبي لمستشفى بنزي دينيس موكوي أنه والعاملين معه كثيرًا ما يبكون عند معالجة الفتيات، وأضاف موكوي "عندما أعالج طفلة دمرت مثانتها وبطنها أعتقد أنني لا أريد أن أفعل ذلك في حياتي، نحن نفكر في كيفية معالجة ذلك ومنعه أيضا، يجب على الجميع أن يصدموا من ذلك ولكن لماذا لا يحدث هذا" وعلى الرغم من بشاعة هذه الهجمات والأخبار تتدفق الأخبار بالكاد من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفي الأسبوع الذي اختطفت فيه دينيس اغتصبت فتاتين أخرتين أعمارهم 5 أو 6 سنوات اغتصابا جماعيًا في كافومو، وتتواجد الفتيات الثلاثة في مستشفى بنزي حاليا لتلقي العلاج، وكان هناك طفلة عمرها 6 سنوات بدت وكأنها مشلولة ولا تتحرك، وتحدثت الفتيات مع أمهاتهن عن محنتهم وبدين كأن الحياة تفارق أعينهم عند تذكر الحادث ناظرين إلى أيديهم أو إلى الأرض.
وأشارت الدكتورة نيني من المستشفى إلى الضرر البدني والنفسي الذي لحق بالفتيات قائلة " لا نعلم ما إذا كانوا سيمارسون الجنس بشكل طبيعي بسبب التليف، وبسبب تدمير عنق الرحم نحن لا نعرف ما إذا كانوا سينزفون بشكل طبيعي أو ينجبون أطفالا فيما بعد، نحن لا نعرف"، وأوضحت إحدى الأمهات من الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم حماية لهم من الانتقام " نحن لا نعلم من ستكون الضحية المقبلة للاغتصاب"، واجتمعت الأمهات في غرفة ضيقة لسرد فصصهم والحديث عن خوفهم، واضافت إحدى الأمهات " الأن نحن لا ننام".
وتوصف قرية كافومو باعتبارها سيئة للغاية بواسطة الناس الذين يعيشون في واحدة من أفقر الدول على وجه الأرض، حيث تستمر المعارك بين الجماعات المختلفة لسنوات، وتوجد بالجوار حديقة كاهوزي بيغا الوطنية بمساحة 1.5 مليون فدامن والتي تعد من مراقع التراب العالمي لليونسكو من الغابات الاستوائية وهي موطن لغوريلا السهول الشرقية، ومن عام 1996 تتصارع عدد من الجماعات المسلحة من أجل السيطرة على الأرض والموارد الطبيعية والسياسية مدفوعة بالتوترات العرقية والتدخل الخارجي، وبمرور الوقت انتقل المتمردون من الحديقة إلى كافومو ما جلب خطر التهديد بالعنف.
وتربح عائلات كافومو دولار أو اثنين في اليوم من بيع كميات صغيرة من الفواكه والفحم والكسافا، ويرتدي الأطفال ملابس ممزقة هزيلة ويعيشون في منازل متواضعة وأكواخ تحيط بها الديكة والماعز والخنازير، وتعيش القرية في ذعر ليلي حتى أن أحد الآباء قضى الليل في حراسة الباب منذ اختطاف أطفاله مه يجب أن ينام طوال النهار، ويسهل فتح الأقفال كما أن بعض مداخل المنازل تغطيها ستارة فقط، وأصبحت الأسر في حالة ذعر خوفا من المهاجمين الذين هاجموا فتاة تدعى إيفيت مرتين منفصلتين الأولى في مارس/ آذار والثانية في أغسطس/ آب، فضلا عن عضها من قبل بعوضة في ذراعها، وأوضحت الفتاة أن زملائها في المدرسة كانوا يسخرون منها لما حدث لها ووصفوها بالفتاة المخطوفة مضيفة " كانوا يسخرون مني لأنني مدمرة وهم ليسوا كذلك".
وينفر المجتمع ممن تم اختطافهم في كافومو بسبب وصمة العار للفتيات اللاتي تعرضن للاغتصاب، وفي البداية كان يتم التعامل مع كل اعتداء في عزلة لأن البديل كان فظيعا جدًا مع وجود حملة منظمة تستهدف القرية، وزاد الانقسام بين العائلات الذين تعرض أطفالهم للاعتداء وغيرهم، وأضاف الطبيب النفسي جاستين سيكورو " إنها حالة إنكار مجتمعي"، وتميل عائلات الضحايا للابتعاد وعدم المشاركة الاجتماعية خوفا من انتقام الجناة والسلطات، حيث تم العنف الجنسي من قبل الميليشيات والجيش الكونغولي لمدة 20 عامًا، ويتعمد الجناة ترك ندوب واضحة في الضحايا لوصمهم بالعار، ونفس الرئيس جوزيف كابيلا لسنوات أن الاغتصاب يشكل مشكلة في البلاد لكنه في عام 2009 غير رأيه وأعلن سياسة عدم التسامح ، وفي العامين الماضيين رصدت موظفات الأمم المتحدة وجمهورية الكونغو عدد النساء اللاتي تعرضن للاعتداء في الجزء الشرقي من البلاد والذي تراوح بين 12 ألفا عام 2014 إلى 15 ألفا عام 2015، بينما يرى الخبراء أن هذه الأرقام ربما تكون جزء من الجرائم الفعلية، ولم تكن الحكومة تساعد الضحايا إلا أن المحاكم أمرت بدفع تعويضات للضحايا ولكن لم يُدفع لناجيا واحدا حتى الآن، وتم الدفع مرة واحدة ولكن للأشخاص الخطأ، ففي عام 2014 طالب محام محتال عام 2014 بتعويض ل 29 امرأة تظاهروا بأنهم ضحايا اغتصاب.
وفي عام 2015 عين الرئيس كابيلا ممثلة خاص للعنف الجنسي هي جانين مابوندا والتي تقلدت مناصب حكومية سابقة بما في ذلك وزيرة الشركات المملوكة للدولة، وأنفقت الكثير على تحسين الصورة العامة لمكتبها إلا ان ذلك لا يتوافق مع قوة عمل كافومو، وتوقفت التحقيقات في الهجمات لأكثر من عامين بسبب نقص التمويل وتعطلت الخدمات الأساسية في البلاد بسبب نقص التمويل أيضا، ونادرا ما يتم دفع رواتب أفراد الشرطة والجيش ولذلك يحاولون كسب المال بطرق أخرى، وأوضح الدكتور سيكورو " في مثل هذا الجو من انعدام الثقة يجب أن نخشى من العواقب إذا ما قلت أن الحكومة لا تحمي المجتمع، لذلك عليك البقاء هادئا".
ولم يذكر الضباط المحليون أسمائهم خوفا من الانتقام ، إلا أن أحد الضباط المحليين نقل الطفلة دينيس من كافومو إلى المستشفى بعد تعرضها للهجوم وكان يبكي أثناء التقاط الطفلة بين ذراعيه وحملها بسيارته الخاصة وقاد ساعة ونصف إلى مستشفى بنزي بعد أشهر من الكفاح لوقف الهجمات إلا أن تم إحباط التحقيقات بسبب عدم وجود أموال كافية لدى الحكومة ومحققين مدربين، وأضاف الضابط المحلي " شعرت أنني عاجزًا، لقد كانت طفلة صغيرة جدًا، لقد عاصرت حالات قتل فيها الوالدان أطفالهم من أجل المال فضلا عن حالات اغتصاب النساء باستخدام العصا مثلما يحدث في واليكالي حيث هوجمت نحو 300 سيدة، ولكن هذا هو أكبر تحقيق في مهنتي، لا يمكنك تخيلا لأمر عندما يتم استدعائي وإخباري بأن طفل أخر تعرض للاغتصاب".
وأصبحت حوادث الاغتصاب تحدث بانتظام في كافومو بحلول سبتمبر/ أيلول 2014، إلا أن الحكومة لا تزال ترفض النظر في الصلة بين هذه الجرائم، وبعد أول موجة من اغتصاب الأطفال بدأت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان غير الحكومية ومقرها بوسطن توثق انتهاكات حقوق الإنسان وتطالب بمعاملة هجمات الاغتصاب كجرائم جماعية، وأصبحت الدكتورة إلينور أديلروث المتخصصة السويدية في مجال الصحة العامة مديرة برنامج العنف الجنسي في مستشفى بنزي في ديسمبر/ كانون الأول عام 2014، وجمعت في الأسابيع الأولى من عملها ملف عن 9 حالات من اغتصاب الأطفال وسلمتهم لمحققين سويديين تابعين الأمم المتحدة (Unpol) في بوكافو، وتعد بعثة الاستقرار التابعة للأمم المتحدة في الكونغو (مونسكو) أكبر قوة عسكرية لحفظ السلام في العالم، ويتولى جناحها الشرطي Unpol بناء قوة الشرطة الوطنية من خلال التدريب والتطوير لإنفاذ القانون.
وتم تمرير هذه المعلومات إلى مجموعات مختلفة تعمل على حماية النساء والأطفال، وتم تشكيل فريق عمل غير حكومي في كافومو في مايو/ أيار 2014 تتكون من قوات مونسكو وغيرها من مكاتب الأمم المتحدة، وأطباء من أجل حقوق الإنسان وأطباء من مستشفى بنزي، إلا ان أعضاء الفريق لم يتفقوا على استيراتيجية العمل، حيث أراد بعض أعضاء فريق العمل عقد مؤتمرا صحفيا في بوكافو وإخبار الصحافة الدولية ما يحدث للفتيات في كافومو ولكن رفضت مونسكو الفكرة، وذكر مصدر طلب عدم الكشف عن هويته " تم إلغاء الفكرة نظرا للحساسية السياسية تجاه السلطات السياسية"، ويرجع ذلك إلى استجابتهم الفقيرة من حيث الوقاية ونقص تطوير العدالة وإجراءات المحاكمة، واستمر وصول الفتيات إلى مستشفى بنزي بانتظام نتيجة الاغتصاب حتى عام 2015 ولكن لم يحدث أي اعتقال حتى أن أحد مسؤولي الأمم المتحدة استقال نتيجة الاحباط من فشل الأمم المتحدة لوقف هذه الفظائع.
وحاولت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان بمساعدة ضباط الشرطة المحليين والأطباء في بنزي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تكثيف الدعم المالي واللوجيستي والتبرع بأموال فضلا عن التبرع بأثاث للمكاتب وسيارات، وعلى الرغم من هذا الدعم إلا أن المحققين المحليين لا زالوا يعانون من ضعف الموارد حتى أنهم في إحدى المرات في بوكافو توصلوا مع المنظمات غير الحكومية في محاولة للعثور على 250 دولار لدفع ثمن الوقود والنسخ لتقديم أوراق قانونية في محكمة في كافومو، وتابعت إيرما فان كبير مستشاري حماية المرأة في مونسوكو " نحن بحاجة إلى القبض على الجناة، نحن محبطون بسبب طول الفترة التي يستغرقها الأمر، يجب أن تتأكدوا من وضع هذه القضية على رأس جدول الأعمال".
وأصيب بعض الآباء بالإحباط بسبب تقاعس الحكومة وأصبحوا على قناعة بأن الهجمات جزء من المؤامرة، واضافت إحدى الأمهات " نتوقع نوع من المساعدة من جهات التحقيق والحكومة ولكن لم يحدث شيء"، وتسألت عما إذا كانت الهجمات خطة لكسب المال من العائلات، وأفاد أحد الآباء أنه عندما ذهب للإبلاغ عن اغتصاب ابنته تم القبض عليه واضطر إلى دفع رشوة قدرها 100 دولار للإفراج عنه، كما أخذت الابنة المصابة إلى السجن أيضا، وأشارت إحدى النشرات الإخبارية من مكتب جانين مابوندا أن بعض المصادر أوضحوا أن ليس في يديهم شيء لوقف هذه الهجمات، وبحسب ما ورد فحكم على رجال متهمين بالسجن ما بين 1- -12 عاما ولكن لم يتضح في أي سجن يقضون مدتهم وما إذا كانوا في السجن أم لا، وفي ماس/ أذار 2015 أطلق مكتب مابوندا بيان جاء فيه أن الحكومة ستطلق تحقيقا في الهجمات ولكن لم يأت أحد للتحدث مع الفتيات أو أسرهم.
ونشر مكتب وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في بوكافو مايو/ ايار 2015 لوحات في 4 مناطق تشجب اغتصاب الأطفال، وأظهرت إحدى اللوحات فتاة مقيدة في شجرة ورجلين يخلعان سراويلهم، مع شعار " اكسر جدار الصمت واشجن العنف الجنسي"، وبينت وكالة الأمم المتحدة للاجئين أن آلاف النازحين بسبب الصراع قرروا خوض برنامج توعية لتعليم الناس عدم التسامح في اغتصاب الأطفال، إلا أن كسر حاجز الصمت لا يعد سهلا، وحيث قُتل إيفاريست كسالي منسق إحدى المنظمات غير الحكومية في منزله في كافومو أثناء التحقيق في إحدى وقائع الاغتصاب وكشف عدم قدرة السلطات على منع الخاطفين ، وبحلول منتصف 2015 بدأت الشرطة تبحث في فكرة نوم عائلات الفتيات المختطفات أثناء الخطف، وذكرت إحدى الأمهات " تخيل أنك نائم ويأخذون شخص بجانبك دون معرفتك/ ألا تعتقد أن هذا نوع من السحر"، وتنمو العديد من النباتات الطبية في التربة الخصبة في المنطقة، ومع شكوى السكان من السحر بدأ المحققون يبحثون عن مزيج من الأعشاب أو الجذور التي من شأنها وضع الشخص في نوم عميق، وفي إحدى الحالات وصلت الشرطة إلى منزل إحدى الضحايا وكانا الأبوين نائمين بعد اغتصابهم ابنتهم واصطحبتهم الشرطة للخارج وهما فاقدي الوعي، ولم يستيقظوا إلا عند وصولهم إلى مركز الشرطة، كما أن ضحايا الاغتصاب لا يشعرون بألم ما جعل المحققون يعتقدون أنه تم استخدام نوع من التخدير، وبدأوا البحث عن خبير في الأعشاب والنباتات لاكتشاف الأمر.
وتضم جمهورية الكونغو بعض الميليشيات المحلية التي شكلها الناس غير الراضيين عن الحكومة أو ممن يريدون تأكيد سلطتهم فضلا عن الميليشيات الأجنبية، وتعرف هذه الجماعات باسم "ماي ماي" لأن رجالها يغمرون أنفسهم في مياه سحرية لحماية أنفسهم من الرصاص، وتخطف جماعة ماي ماي أعداد كبيرة من النساء في جنوب وشمال كيفو ويأخذونهم إلى الأدغال لتقديم الخدمات الجنسية حسبما أوضحت منظمة هيومان رايتس ووتش، وهناك مدينة تدعى لويرو بالقرب من كافومو تضم جامعة للعلوم الطبية مبنية على الطراز الإسباني، وتضم محمية للشمبانزي حاليا، ويتواجد بعد الحرم الجامعي كنيسة حجرية في المراعي الخضراء، وفي يوليو / تموز 2012 عثر على عالم النباتات الألماني والتر مولر قتيلا خلف هذه الكنيسة بالقرب من مزرعة ضخمه كان يملكها، وجاء مولر للكونغو عام 1965 للعمل لدى شركة أدوية ألمانية تدعى Pharmakina وعندما تولى أمر المزرعة طرد مئات الأشخاص الذين كانوا يعملوا فيها لسنوات وهو ما خلق حالة استيا مريرة لدى الكثيرين وتحول الأمر إلى العنف، وبعد عقود من سخط العمال المشردين وجدو قائد لهم يدعى فريدريك باتوميك (62 عاما) وهو عضو البرلمان في جنوب كيفو، والذي نظم العمال الساخطين في جيش خاص اقتلع مولر من مزرعته، وهاجم هؤلا الرجال مولر عام 2012 وسحبوه إلى المزرعة وطعنوه وضربوه وتركوه جريحا، وعندما عثر عليه جنود الحكومة نقلوه إلى مستشفى في كيغالي حيث توفي بعد ستة أيام.
وانتُخب باتوميك مرتين للبرلمان في جنوب كيفو وهو ينتمي إلى حزب CCU وهو جزء من تحالف مع حزب الرئيس كابيلا، ويعرف بأنه مدافعا عن حقوق الإنسان في كافومو، ويعد زعيم روحي محلي حيث يدير خدمات السبت في كنيسه في منزله، ويعيش في منزل جدرانه مطلية باللون الأبيض ولديه سطح باللون الأحمر على عكس الأكواخ الخشبية ، ويقدم باتونيك الوعظ في إطار توجه أفريقي يؤمن بقوة الطبيعة والمشروبات الروحية، وأوضح السكان المحليون أن باتوميك ورجاله يجتمعون أسبوعيا في مزرعة مولر ولديهم أسلحة وتحدث بينهم وبين الجيش المنغولي مناوشات دفاعا عن حقهم المشروع في مزرعة مولر التي استفادوا منها كثيرا في تنفيذ المؤامرات وبين ما ينمو في المزرعة، وكانت هجمات هذه الميليشيا على الجيش الكنغولي تزيد في كل مرة تتعرض طفلة للاغتصاب وهو ما غذى الشكوك لارتباط هذه الهجمات بالسحر، وتعتقد بعض الجماعات المتمردة في الكونغو أن دم البكر يجعلهم محصنين ضد الرصاص، ولا يستطيع المسؤولون تجاهل هذه الشائعات، وأضاف أحد المسؤولين " من يفعلون ذلك يؤمنون بهذه الأشياء".
وكان لدى الشرطة بعض المشتبه بهم لكنهم بدوا عاجزين عن التصرف، وفي هذه المرحلة كتبت إحدى الناشطات مقالات في الغارديان متهمة الحكومة في كيفو بالسماح للجناة بارتكاب جرائم الاغتصاب مع الافلات من العقاب، وفي اليوم التالي اعتقلت الشركة العقل المدبر فريدريك باتوميك و74 من رجاله في غارة صباحية، واتهم بارتكاب عمليات اغتصاب جماعي هو ورجاله وارتكاب جرائم ضد الإنسانية والمشاركة في العصيان والتمرد واغتيال عسكريين وقتل الناشط الحقوقي ايفاريست وصاحب المزرعة والتر مولر، وذكر وزير العدل اليكسس ثامبوي في بيان له " وظفت الميليشا التي تعمل لصالح باتوميك أحد السحرة والذي نصح الميليشيات بالاغتصاب الجماعي للفتيات الصغيرات لضمان حصولهم على حماية خارقة من الطبيعة"، وأكد أحد المسؤولين أن هذا الساحر رهن الاعتقال أيضا.
وتم تصنيف القضية باعتبارها جريمة ضد الإنسانية لأن الهجمات كانت ممنهجة وعلى نطاق واسع وارتكبت ضد السكان المدنيين، ويعود ذلك جزئيا للضغط الشديد من جانب فرقة العمل في كافومو، وحولت الحكومة اختصاص الحالات من نظام المدنيين إلى المحاكم العسكرية والتي تعد أكثر فعالية في رفع القضايا للمحاكم العسكرية، إلا أن النظام القضائي العسكري لا يزال غير موثوق به، ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 اقتحم جنود بلدة مينوفا جنوب كيفو واغتصبوا 76 إمرأة على الأقل، وأثارت القضية غضبا دوليا إلا أنه من بين 39 متهما بما في ذلك ضباط أدين اثنين فقط من رجال الجيش في رتبة منخفضة.
وأحدثت سلسلة عمليات الخطف والاغتصاب المطولة خسائر فادحة للفتيات في كافومو، وتابع الدكتور موكوي " عندما نساعد النساء بشكل صحيح يمكنهم تعيير حياتهم وحياة مجتمعهم بما يكفي للنضال من أجل حقوقهم، ولكن بالنسبة للأطفال فالأمر أكثر صعوبة، فلا يمكنني معرفة ماذا سيحدث لهم في المستقبل بعد مرورهم بهذه الأشياء الفظيعة"، فيما أفاد أحد الآباء " من الجيد حدوث بعض الاعتقالات، نأمل أن تأخذ العدالة مجراها، ولكن للأمانة نحن لا نثق في العدالة الكنغولية، وإذا لم يتم جلب المتهمين للمحاكمة بسرعة سيصبح الأمر أكثر سوء، بعض المتهمين لا يزالوا طلقاء وبالتالي نحن عرضة للانتقام، وأظهرت السلطات عدم قدرتها على ردع هذه الهجمات، ولم أعد أشعر أن الكونغو هي وطني، لقد صدمنا جميعا ووصلنا إلى الحد الذي يجعلنا على استعداد للقتال مرة أخرى ولن نكون مسؤولين عن أعمالنا"، وتقول ابنته ضحية الاغتصاب " منذ دمرني هؤلاء الرجال لم أعد بخير ولم أعد أعرف ما الخطأ معي، وطلبت من والدي بناء سور عالى حتى لا يعود هؤلاء الرجال ويؤذوننا مرة أخرى".
وفي زيارة لضحية الاغتصاب مرتين منفصلتين "إيفيت" كان يتم إعادة بناء منزلها ليكون أكثر أمنا، إلا أن البناء توقف لأن المال نفذ، وعندما أعطتها إحدى الناشطات دفتر لتكتب فيه كتبت قصة متوسلة الأشخاص ذوي القلوب الطيبة لمساعدتها للعثور على منزل آمن، وكتبت " أخشى أنني سأموت إذا عدت إلى منزلي"، وبين المسؤولون أن ما يصل إلى 700 رجلا مشاركين في ميليشيا باتوميك، ما يعني أن جزء من الخلية تحت الاحتجاز، ولا يبدو أن السلام سيعم في كافومو، فيما تحدث أحد ضباط الشرطة المحلية برباطة جأش عن خطر الانتقام قائلا " يجب أن نقبل المخاطر لوضع حد لهذا النوع من الجرائم، وإن لم نخاطر بحياتنا فسوف يستمر هذا إلى الأبد، ولكن إذا قتلني هؤلاء الرجال فلن يمروا دون عقاب، وسوف يعرف الناس من هم، وأنهم قتلوني لأنني كنت أحقق في قضيتهم وحينها ستكون العدالة".
أرسل تعليقك