نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا لمراسلتها في إسرائيل روث إغلاش، تتحدث فيه عن محاولات إسرائيل تطوير علاقات مع الدول العربية التي لا تربطها بها علاقة دبلوماسية رسمية من خلال استخدام ما أسمته "الدبلوماسية الرقمية".
ويشير التقرير، إلى أن ليندا مينوحين لم تكن تتخيل أنه بعد 40 عاما من فرارها من بغداد إلى القدس، أنها ستقود الجهود الإسرائيلية العامة الموجهة إلى العالم العربي، فكونها مشرفة على صفحات "فيسبوك" ومنصات التواصل الاجتماعي التابعة لوزارة الخارجية فإن مينوحين تحولت إلى سفيرة من نوع ما.
وتلفت إغلاش إلى أن مينوحين تقوم بالتواصل يوميا مع مواطني الدول العربية، وتربطهم بمدرسي اللغة العبرية والخبراء الطبيين، وتقدم لهم معلومات عن إسرائيل واليهودية واليهود الذين عاشوا في الدول العربية، مشيرة إلى قول مينوحين إن هدفها هو إظهار "القيم المشتركة التي نشترك بها والتشابه بيننا".
وتعلق الصحيفة قائلة إن إسرائيل لا تقيم علاقات دبلوماسية مع الدول العربية، رغم أنها وقعت اتفاقية سلام مع كل من مصر والأردن، ومع ذلك فإن التفاعل بين السكان نادر، إلا أن التحولات في المصالح الإقليمية، والمخاوف المشتركة من إيران وتأثيرها المتزايد في الشرق الأوسط، قادا إلى إزاحة الحواجز، ما أدى إلى آمال مبدئية بإمكانية قبول إسرائيل بين أعدائها في المنطقة.
وينوه التقرير إلى أن السنوات الأخيرة أبرزت نوعا من المشاركة، بما في ذلك زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى دولة عمان، وافتتاح كنس يهودية في دبي وأبو ظبي، ومشاركة إسرائيل في المناسبات التجارية والرياضية في الدول العربية، مستدركا بأن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، التي تشرف عليها وزارة الخارجية الإسرائيلية، والمبادرات الفردية، هو جزء من موجة لفتت انتباه ملايين العرب الغاضبين والفضوليين أيضا للتعرف على إسرائيل.
وتنقل الكاتبة عن وزير الخارجية إسرائيل كاتز، قوله: "هذه هي طريقة أخرى للتواصل مع العالمين العربي والإسلامي"، مشيرة إلى أن كاتز زار أبو ظبي في تموز/ يوليو، ويدعو لإقامة خط حديدي يربط دول الخليج بالموانئ في إسرائيل على البحر المتوسط.
وتورد الصحيفة نقلا عن مدير مركز موشيه دايان للدراسات الشرق أوسطية والأفريقية في جامعة تل أبيب، عوزي رابي، قوله إن ما نراه هو "مرحلة انتقالية" بما في ذلك "قطاع من الشبان العرب الذين يعودون خائفين للحديث مع إسرائيل"، ويضيف رابي أن 60% من سكان العالم العربي هم تحت سن الثلاثين عاما، ويرغبون بالتعرف على العالم الخارجي أكثر من آبائهم، مشيرا إلى أن "الديكتاتوريين الذين حكموا بيد من حديدية في الشرق الأوسط سوقوا لمواطنيهم فكرة أن إسرائيل هي مسؤولة عن مصاعبهم.. اليوم يعرف الناس أن إسرائيل ليست هي المشكلة".
ويفيد التقرير بأن مينوحين تعمل في وزارة الخارجية مع فريق من 10 يقدمون محتويات لصفحتين باللغة العربية على "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام" وقنوات على "يوتيوب"، مشيرا إلى أن لدى الحسابات ما مجموعه 10 ملايين مشاهد ومتابع أسبوعيا من مختلف الدول العربية.
وتقول إغلاش إن الكثير من أشرطة الفيديو التي يتم تحميلها تنتشر بسرعة واسعة بين المتابعين، لافتة إلى أن المواضيع لا تتطرق إلى النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وتحاول تقديم مظاهر الحياة والثقافة الإسرائيلية.
وتذكر الصحيفة أن من بين المواد التي تمت مشاهدتها بشكل واسع، موضوعا عن يهودي وعربي يتحدثان عن الكلمات العربية والعبرية المتشابهة، وفي منشور آخر تحدث إسرائيليون عن الدول العربية التي يرغبون في زيارتها لو أتيحت لهم الفرصة لذلك.
وينقل التقرير عن الحاخام إلحنان ميلر، الذي يشرف على صفحة "فيسبوك" وقناة على "يوتيوب" باللغة العربية، قوله: "لم يعد اليهود موجودين في العالم العربي، وليست هناك أحياء يهودية أو أصدقاء يمكن للناس سؤالهم، ولهذا فالعلاقة تحدث عبر منصات التواصل".
وتنوه الكاتبة إلى أن موقع ميلر "أهل الكتاب" يتابعه 100 ألف مشاهد، فمن خلال لقطات الفيديو والأفلام المتحركة يقوم بنشر المعلومات عن اليهودية عن اليهودية والسبات والكوشير، وبدأ ينشر مقابلات مع يهود عرب يعيشون في إسرائيل، مشيرة إلى قول ميلر: "هناك حنين، خاصة في العراق ومصر وحتى لبنان، عندما كانت مجتمعات إثنية متعددة وتشاركية".
وتورد الصحيفة نقلا عن هند حازم من شمال العراق، التي تتابع ما ينشره الحاخام ميلر، قولها في مقابلة هاتفية: "بالنسبة لي إنه مصدر أصلي.. الناس الذي يعيشون في العالم العربي لا يحصلون على معلومات واضحة في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرسمي، أو الكتب عن اليهود وإسرائيل"، وأضافت حازم أن الأوضاع كانت مختلفة، مشيرة إلى وجود الأحياء اليهودية والأصدقاء اليهود في بداية القرن العشرين، "أما الآن فليست لدي الفرصة لمقابلتهم وجها لوجه".
وينقل التقرير، عن المدون السعودي محمد السعود، الذي زار إسرائيل والتقى نتنياهو، قوله: "سمعت ولسنوات أمورا مختلفة عن اليهود وإسرائيل.. نظرا لعدم وجود يهود في السعودية فلم يكن هناك من أساله لمعرفة ما يجري بين اليهود والمسلمين"، وأضاف أنه بعد زيارة لأمريكا اكتشف أن اليهود "ليسوا أعداءنا"، وقال إن "النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين هو على الأرض وليس موضوعا دينيا، ويجب على الفلسطينيين واليهود التوصل إلى اتفاق بينهم".
وتبين إغلاش أن مينوحين، التي تركت العراق في سن العشرين، ترى أن مواقع التواصل الإخبارية ليست أقل من "هزة أرضية"، قائلة: "أتذكر عندما نشأت في العراق كانت إسرائيل بلدا صغيرا ودون شرعية، وقال الناس إنها ستموت وسيتم رمي اليهود كلهم في البحر".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول مينوحين: "أنا سعيدة أن هناك اعترافا بإسرائيل في العالم العربي، وفي النهاية فأنت لا تنظر للحصاد الذي تحصده لكن البذور التي تزرعها وآمل أن تنمو".
قد يهمك ايضا :
حكاية الأميرة فاطمة التي باعت مجوهراتها من أجل تعليم أبناء مصر
مُطالبات بتجريد هاري وميغان ماركل من لقب "ساسكس" و3800 مواطن وافقوا
أرسل تعليقك