بغداد – نجلاء الطائي
ناشد رينوار أحد الذين يطالبون بزواج المثليين وسنّ قانون لمثل هذه الحالات، حيث أنّ عقد زواجًا سريًّا بصديقه، لافتًا إلى وجود حالات أخرى في أربيل، مؤكّدًا اتصاله بنواب داخل برلمان كردستان من خلال الـ"فيسبوك"، لتأييدهم لسنّ قانون يسمح بزواج المثليين في إقليم كردستان، وأثار الخبر حفيظة أهالي المنطقة وهلعهم عند سماعهم به وانتشاره فيما بينهم، وبحسب ما يتمّ تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي فإنه توجد أعداد كبيرة من المثليين من كلا الجنسين في كردستان، إلّا انه من النادر أن يجهر أحد بالحديث عن الأمر، بحيث يعتمدون الظهور تحت أسماء وهمية وصور مخفية على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن الأشهر القليلة الماضية شهدت تغييرًا جذريًا في هذا المجال.
وأعلنت شيرين قريشي ذات الـ26 ربيعًا من كردستان إيران، في شهر حزيران/يوليو الماضي، باللغة الكردية خلال مقابلة مع القسم الكردي لصوت أميركا VOA "نعم أنا مثلية الجنس"، وكان هذا أول اعتراف لفتاة كردية تحدثت فيه بشكل علنيّ عن أنّها مثلية الجنس دون أن تخفي اسمها أو صورتها، مشيرة أنّها تعيش الآن في ألمانيا، مضيفة بقولها "أنّ الشعور بالمثلية في نفسي ليس شعورًا سيئًا بل إنّه أمر عادي جدًا، لكن في كردستان يجب عليك كبت هذا الشعور خوفًا من ردّ فعل المجتمع، فمثليو الجنس في كردستان ليسوا قلة، لكنهم متخفون تحت غطاء الخوف والخجل"، وإذا كانت شيرين تستطيع التعبير عن نفسها دون خوف او خجل، فإنّ هناك العديد ممن لا يستطيعون الإفصاح عن تلك الرغبة ولا يعلم بأمرها سوى دائرة مغلقة وسرية.
وتعتبر المثلية من الأفعال السيئة والمكروهة في التقاليد والأعراف غير المدونة في المجتمع الكردي، لذلك يتعرّض من تظهر فيه تلك الخاصية للطعن والشتم ولا يستبعد تعرضهم لاحتقار الناس ومع ذلك بدأ بعضهم بين الشباب الظهور بشكل علني في المطاعم والمقاهي والأماكن العامة في كردستان لا سيما في مدينة السليمانية.
واكتشفت أرينا هو اسم مستعار لفتاة في الـ24 من عمرها تعيش في مدينة أربيل وهي طالبة في المرحلة الرابعة من الجامعة، مثليتها قبل عام وأربعة أشهر، إلّا أنها لم تعرف كيف وعند من ستفصح عنها، وتعترف خلال حديثها عن تجربتها الأولى بقولها: "قمت بتجربتي المثلية الأولى مع إحدى بنات عماتي ولكن بصعوبة"، وبخلاف قصة آرينا، فإنّ المثليين أصبحوا الآن يجدون بعضهم البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو يتصلون بشكل مباشر بمن يفصحون عن شعورهم دون خوف في البث المباشر على موقع "فيسبوك".
وتعيش استيرة كريم وهي سيدة من كردستان العراق في السويد، وأصبحت منذ ما يقارب العام محل حديث الكرد رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما فيس بوك لأنها تفتح البث المباشر على فيسبوك وتتحدث بجرأة عن أمور مختلفة، بشكل شبه يومي، وقد نشرت استيرة صورة لها وهي شبه عارية، لكسر الخوف والخجل لدى النساء الكرديات عن أجسادهن، وبعد نشرها الصورة، تلقت استيرة رسائل من عشرات الفتيات والفتيان المثليين يتحدثون فيها عن كونهم مثليين، لكنهم لا يتجرأون على الافصاح عن الأمر، معلّقة بقولها "اتصل بي عدد كبير من المثليين من كردستان، في الحقيقة فوجئت عند معرفتي بوجود هذا العدد الكبير من المثليين في كردستان الجنوبية".
ويدافع المغني الكردي الشاب من كردستان إيران، وحيد نزاد، ةيعيش في أربيل عن المثلية بشكل علنيّ ويؤكّد موقفه صراحة على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلًا "لست مثليًا لكنني أدعمهم بكل قوتي، يجب أن لا نفرق بينهم وبيننا لأن هذا خارج إرادتهم وطبعهم، وبسبب دعمي لهم أتلقى الكثير من الشتائم والإهانات، إلّا أنني لا أعيرها أي اهتمام وسأستمر في دعمي لهم"، حيث أنّ الموضوع الذي لم يكن أحد يجرؤ على الحديث عنه بات يسير تدريجيًا إلى أن يصبح أمرًا روتينيًا بعد أن ظهرت شخصيات بارزة لتدافع عنه بالعلن.
يشار إلى أنّه لا يوجد في إقليم كردستان قانون يتحدث عن المثليين اذ يبدو أنّ الإقليم لم يفكر في أنّ عدد هؤلاء الأشخاص ليس بقليل أو لا يجرؤ على الحديث عنهم بسبب القيود الدينية والاجتماعية، كما لم يقف احتقار المثليين عند الطبقات الدنيا في المجتمع، اذ رفضت المهرجانات المحلية فيلمًا لأحد المنتجين في مدينة السليمانية يتناول المثليين ولم يلق استعدادًا لإضافته إلى قائمة العرض، وروى معدّ ومخرج فيلم "المثلي" هيمن خوفيا، قصة رفض عمله قائلًا: "كان الفيلم مرسلًا الى مهرجان السليمانية الدولي للأفلام، لكن تمّ رفضه من قبل اللجنة العليا للمهرجان ولم يسمحوا بمشاركته، وقد تعرفت على ممثلي الفيلم عن طريق فيسبوك وهم مثليون فعليون، وكان مبرر اللجنة العليا للمهرجان هو أن المثلية ظاهرة غير مرغوب بها في المجتمع"، مضيفًا "وأنا أيضًا لا ارغب في أن تصبح ظاهرة، لكن مع وجودها لا نستطيع إهمالها واحتقار المثليين".
ويقول الخبراء النفسيون أنّ المثلية ليست انحرافًا أو جريمة، بل هي خطأ في التركيبة الجينية، وحين تلوم المجتمعات بعض الأشخاص على هذه الخاصية فإن ذلك سينعكس سلبًا على نفسية هؤلاء الأشخاص ويترك تأثيرا سيئًا جًدا على شخصيتهم، وأوضح الخبير النفسي في مدينة أربيل، الدكتور سيروان جياوك، أن "المثلية لها ثلاثة أسباب، الأول هو وجود خطأ في التركيبة الجينية وهو أمر طبيعي ولا علاج له، بينما السبب الثاني هو خطأ في الهورمونات وهو بحاجة إلى علاج، أمّا الثالث فهو الأسلوب التربوي ويمكن تقليل آثاره عن طريق العلاج النفسي"، لافتًا إلى موضوع الزواج الطبيعي لبعض حالات المثلية، بقوله "فيما يخص الحالة النفسية للنساء أو الرجال المثليين الذين اضطروا للزواج أو تزوّجوا عن جهل، فإنّها ستترك تأثيرًا سلبيًا على كلا الجنسين حيث يصابون بالكآبة، لا سيما بعد العملية الجنسية".
أرسل تعليقك