إثر تعرضها إلى سكتة قلبية داخل منزلها في بيل إير Bel Air ، فقد رحلت عن عالمنا الأحد، السيدة الأولي السابقة نانسي ريغان زوجة رئيس الولايات المتحدة الأسبق رونالد ريغان وذلك عن عمرٍ يناهز 94 عامًا.
وبدأت نانسي ريغان حياتها كممثلة خلال فترة الأربعينيات و الخمسينيات، قبل أن تتزوج من رونالد ريغان وتصبح بعدها رئيسة نقابة ممثلي الشاشة في عام 1952، فيما كانت السيدة ريغان سيدة أولي مؤثرة حينما تولي زوجها منصب الرئاسة بدايةً من عام 1981 و حتي عام 1989، وقادت حملة " فقط قل لا " أو " Just Say No " التي هدفت من ورائها مكافحة المخدرات واستعانت في إيصال رسالتها بالمدارس والبرامج التليفزيونية مثل Dynasty
وذكرت في كلمةٍ لها أن المخدرات تسلب الحلم من قلب كل طفل وتستبدله بالكابوس وأنه قد حان الوقت في أمريكا للتصدي لهذه الأحلام، فقد نتج عنها دعوة 12,000 نادٍ إلي تبني حملتها في كافة أنحاء البلاد، وهو ما أدي إلي وصول تداول الكوكايين إلي أدني مستوي له في عشرة أعوام، وبعد معاناة استمرت عشرة أعوام مع مرض الزهايمر، فقد فارق رونالد ريغان الحياة في 5 من حزيران / يونيو لعام 2004، وفي السنوات الأخيرة، كافحت نانسي مع صحتها في أعقاب سقوطها داخل المنزل وتعرضها للكسر في ثلاثة ضلوع عام 2012 بعدما كانت قد عانت قبلها من كسر في الحوض أثناء تواجدها في منزلها عام 2008.
وعلي الرغم من الوعكات الصحية التي ألمت بها، فقد ظلت السيدة ريغان تتمتع بنشاط سياسي، لا سيما فيما يتعلق في أبحاث الخلايا الجذعية، كما أعربت عن تأييدها للمرشح ميت رومني في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2012.
وعقب رحيلها الأحد، قدّم الرئيس أوباما و بيل كلينتن و جورج دبليو بوش التعازي لفراق السيدة الأولي السابقة، ومع وصف السيدة ريغان بأنها كانت بمثابة الرمز الذي حدد دور السيدة الأولي، فقد كتب أوباما بأن نانسي ريغان كانت لها ملاحظة ذات مرة بأنه لا يوجد ثمة شيء يمكن معه التجهيز للعيش في البيت الأبيض، مضيفًا بأنها كانت على حق بطبيعة الحال، ولكنه كان محظوظًا للاستفادة منها كونها مثالاً يدعو الجميع إلي الفخر به.
وأشار الرئيس الأمريكي أوباما في تعازيه إلي أن دور السيدة الأولي قد أعيد تعريفه في عهد السيدة ريغان وقت أن كانت في البيت الأبيض، كما أنها أصبحت في أعقاب رحيل زوجها صوتًا يمثل الملايين من العائلات التي تمر بمشكلة مرض الزهايمر، وتتقلد دورًا جديدًا وإبداء الوعود بتحسين العلاجات وإنقاذ حياة الكثيرين.
وأعرب أوباما عن خالص تعازيه لأبنائها باتي و رون و مايكل وكذلك أحفادها، وفي الوقت نفسه، فقد كان هناك الكثيرين ممن قاموا بتخليد ذكري السيدة ريغان وتوافدوا بشكل متزايد ليضعوا الزهور على بوابة المدخل الرئيسي لمكتبة رونالد ريغان الرئاسية ومتحف في سيمي فالي Simi Valley في ولاية كاليفورنيا، فيما تم إغلاق المكتبة أمام الزوار
ومن بين المشيعين الأحد خارج المكتبة كانت شارون هيتزر وزوجها جو، حيث تواجد الزوجان من شيكاغو Chicago في كاليفورنيا الذين سبق وأن خططوا لزيارة المكتبة قبل علمهم برحيل السيدة ريغان الأحد، فيما أعربت شارون هيتزر عن بالغ حزنها لرحيل السيدة ريغان التي جلبت البريق إلي البيت الأبيض علي الرغم من عادات الإنفاق التي انتقدت علي إثرها.
وتحمل شهادة ميلادها في نيويورك سيتي عام 1921 إسم آن فرانسيس روبنز، إلا أن الجميع إعتاد مناداتها باسم نانسي، وفي ذلك الوقت كانت والدتها إديث لوكيت ممثلة في برودواي Broadway بينما والدها كينيث روبنز كان بائعًا للسيارات ويقيمون في نيويورك، لكن في غضون أشهر من ولادة نانسي، حدث انفصال بين الزوجين واختفى بعدها والدها بينما انضمت والدتها إلي إحدى الفرق المسرحية، لتعيش نانسي مع خالتها في فلاشينغ ثم كوينز ثم ولاية ماريلاند حتى بلغت السادسة من العمر.
وفي عام 1929، تزوجت إديث جراح أعصاب يدعي لويال دافيز والذي تبني نانسي وانتقل بالعائلة إلي شيكاغو Chicago، حيث التحقت نانسي في الأكاديمية في شيكاغو ثم الجامعة في ولاية ماساشوستس التي تخصص خلالها في اللغة الإنجليزية والدراما، ومع انتقالها إلى نيويورك، سارت علي خطى والدتها لتصبح ممثلة جنبًا الى جنب مع ممثلات أخريات أمثال كاثرين هيبورن، ومع حلول آذار / مارس من عام 1949، فقد وقعت عقدًا لمدة سبعة أعوام مع MGM لتصبح بعدها نجمة في هوليوود وتؤدي أدوارًا في أفلام مثل The Next Voice You Hear والذي تلقت عليه إشادة كبيرة في صحيفة نيويورك تايمز the New York Times
وكانت السيدة نانسي قد تقابلت مع زوجها فيما بعد رونالد ريغان حينما كانت تشغل وقتها رئيس نقابة ممثلي الشاشة في تشرين الأول / أكتوبر من عام 1949 خلال محاولتها الحصول علي البراءة من الاتهامات التي وجهت إليها بالشيوعية، ومنذ ذلك الوقت استمرت المواعدات بينهما حتي زواجهما في عام 1952 وظهورهما في أحد الأفلام سوياً في عام 1956 وهو Hellcats Of The Navy
وبعد عشرة أعوام، شغل رونالد ريغان منصب حاكم ولاية كاليفورنيا والذي كان في عام 1967، ولم ترقي لنانسي وقتها الحياة الهادئة في سكرامنتو داخل القصر الفيكتوري، بحيث كانت تتردد علي ى لوس انجلوس، ووصفتها صحيفة لوس أنجلوس تايمز بأنها تعد نموذجًا للسيدة الأولي مع تسميتها بـ "سيدة العام" نظرًا لدور البطولة في العديد من القضايا مثل حملتها في دعم الأجداد والأطفال ممن هم في حاجة إلي الرعاية. وهو البرنامج الذي لا يزال يتم العمل به في أنحاء متفرقة من العالم اليوم، وكان غالبًا ما يختار الرئيس نيكسون الزوجين ريغان من أجل تمثيل الولايات المتحدة الأمريكية حول العالم، حيث تم إيفادهم لافتتاح المركز الثقافي في الفلبين في عام 1969، فضلاً عن الاجتماع مع المسؤولين في اليابان وتايلاند وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان في عام 1971، وفي عام 1972 تم إرسالهم إلي أوروبا لإجراء لقاء مع الجنرال فرانكو والبابا بولس السادس إضافة إلي ملكة الدنمارك.
وسعيًا نحو رئاسة البيت الأبيض، فقد باءت محاولته بالفشل في الترشح عن الحزب الجمهوري أمام جيرالد فورد في عام 1976، ولكنه حاول مجددًا في عام 1980 ، وقد أشعلت وقتها نانسي حملته خلال الإنتخابات التمهيدية في ولايات ايوا Iowa ونيو هامبشير New Hampshire إلي جانب حضورها للفعاليات اليومية وعقد الاجتماعات والمسيرات، وكتب مارتن آندرسون الذي كان مستشار السياسة الداخلية في حملة ريغان عام 1980 و في فترة ولايته الأولى داخل البيت الأبيض بأن مشاركة نانسي كانت فعالة ومهمة في جميع النقاشات الهامة التي عقدت خلال الجملة، فيما وصفها بالذكاء وتتمتع بالحاسة السادسة والنظرة الثاقبة.
وبعد نجاح رونالد ريغان في رئاسة البيت الأبيض فلم تكتفي نانسي عند هذا الحد، وإنما كان لها دورًا لا يقل تأثيرًا عما قامت به خلال الحملة الإنتخابية، حيث كانت مفتاحًا رئيسيا في مساعدة زوجها للخروج من مأزق فضيحة إيران كونترا Iran-contra والتي بدأت أحداثها في عام 1985،فضلاً عن مساهمتها في تحسين العلاقات مع الرئيس الروسي ميخائيل غورباتشوف في عام 1987
وإستند ريغان في كثير من المواقف إلي زوجته خلال توليه منصب رئاسة البيت الأبيض وحتي بعد إصابته بمرض الزهايمر، بحيث وقفت إلي جواره منذ عام 1999 في محاولة للتغلب علي هذا المرض الذي كافح معه ريغان علي مدار عشرة أعوام.
ومن المقرر أن تواري السيدة ريغان الثري داخل مكتبة رونالد ريغان الرئاسية في سيمي فالي Simi Valley في ولاية كاليفورنيا، وذلك الى جوار زوجها رونالد، وفي بيانٍ صادر عن مكتبة ريغان، فقد عقدت الآمال علي أن يتم تذكر السيدة ريغان بهدية تذكارية لمؤسسة رونالد ريغان الرئاسية التي تم تأسيسها من قبل الرئيس ريغان وزوجته للحفاظ على تراث عائلة ريغان ومواصلة العمل لصالح الأجيال القادمة.
وفاضت المواقع علي الإنترنت بالتعازي لرحيل السيدة ريغان من شخصيات سياسية بما فيها تيد كروز ودونالد ترامب، كما أصدر الرئيس السابق جورج دبليو بوش بيانا نيابة عن نفسه وزوجته أعرب خلاله عن بالغ حزنه لرحيل السيدة الأولي السابقة، وتناول الحديث عن ولائها لزوجها وحبها الشديد لبلادها فضلاً عن دورها المؤثر داخل البيت الأبيض في رفع مستوى الوعي حول تعاطي المخدرات وسرطان الثدي.
وأعرب كلينتون وزوجته هيلاري عن بالغ حزنهم عقب علمهم برحيل السيدة نانسي ريغان والتي كانت امرأة غير عادية وزوجة مخلصة للرئيس الأسبق ريغان بعدما وقفت إلي جواره في الكثير من المحن بما فيها محاولة اغتياله ومعاناته من مرض الزهايمر.
وعبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، نشر المرشّح الرئاسي ترامب تغريدة جاء فيها أن نانسي ريغان زوجة الرئيس العظيم حقًا كانت امرأة مذهلة وسوف يفتقدها الجميع. أما كروز الذي نعي عائلة ريغان، فقد قال بأن الجميع سوف يتذكر نانسي ريغان بحبها الكبير لبلادها وزوجها، بينما أكد شون سبايسر رئيس اللجنة الوطنية الجمهورية بأن العالم فقد قيمة كبيرة برحيل السيدة ريغان التي كانت سيدة مذهلة، كما نعى عائلة ريغان علي موقع التواصل الاجتماعي تويتر كل من أرنولد شوارزنيغر وميت رومني وجوان كولينز إضافة إلي راند بول ومايكل ريغان الذي كانت تتبناه السيدة نانسي.
أرسل تعليقك