بيروت- العرب اليوم
أثارت "النّزهة الجبليّة كرمال عين دارة ولبنان" التي نظمتها "هيئة المبادرة المدنية" في البلدة، بدعم ومشاركة المجلس البلدي الجديد وأهالي البلدة وشارك فيها أصدقاء عين داره من ناشطين مدنيين وبيئيين ونقابيين ومواطنين من مناطق لبنان كافة - العديد من الأسئلة والهواجس حيال مستقبل البلدة وما تواجهه من تحديات بيئية تهدد ما بقي من معالمها الطبيعية.
انطلق المشاركون من أمام مبنى البلدية وشقوا طريقهم صعودا، قطعوا خلالها 11 كيلومترا، بدءا من ارتفاع 1326 مترا وصولا إلى 1626 مترا؛ بهدف التمتع بجمال الطبيعة من جهة، ومعاينة التشويه الذي لحق هذه الطبيعة جراء عمل المرامل والكسارات من جهة ثانية، علما بأن ما قضم من جبال يعد تشويها غير قابل للمعالجة، وسيظل ماثلا ليؤرخ بعد سنوات طويلة ما ارتكبته مافيات الكسارات تحت نظر الدولة ورعايتها.
وأكد رئيس البلدية فؤاد هيدموس أن "المجلس البلدي متمسك بالقوانين، وسيعمل على إقفال كل الكسارات والمرامل غير الشرعية، فضلا عن العمل على وقف إنشاء معمل الأسمنت"، لافتا إلى أن "لجنة من المحامين تدرس الملفات العديدة لإيجاد حلول ناجعة للمشاكل البيئية". في ما أكد مارك ضو باسم "أصدقاء عين دارة" أن "قضية معمل الأسمنت تتخطى حدود بلدية عين دارة كونها تمثل إشكالية بيئية تطاول الوطن، وتشكل أزمة مخاطر وطنية لثلاثة أسباب: أولا أن امتداد المواد المنبعثة من المعمل ودواخينه ستطال محمية أرز الشوف. ثانيا المواد الكيميائية المستعملة في هذا المعمل منها الكلينكر وغيرها ستؤثر على المواد الجوفية وارتفاعات حتى 1500 متر. ثالثا أن مثل هذه المعامل تتطلب إدخال مواد كيميائية ونقلها من وإلى المعمل، خصوصا من المرفأ وسورية، وعلى طريق رئيس هو طريق الشام ويشمل قافلة من الشاحنات قد تشكل خطر التلوث بالمواد الكيميائية، والنقطة الثانية تتمثل في أن مدينة السيد (نقولا) فتوش زحلة، رفضت هذا المعمل ويحاول الآن وضعه في أعالي جبال عين دارة بسبب حالة التسيب وكثافة النشاط غير الشرعي، وأعتقد أنه يمكن أن يمرر معمله هذا".
وأشار المهندس عبد الله حداد باسم هيئة المبادرة الوطنية إلى أنه "منذ أكثر من 10 سنوات كان الجميع يتحدث عن (جماعة البيئة) بصفتهم شباب حالمين بالشجر الأخضر والهواء العليل، إلى أن تبين للجميع، أن هؤلاء الشباب بنضالاتهم وتضحياتهم وتمسكهم بسيادة القانون استطاعوا تحقيق إنجازات عدة، منها تجميد مشروع السد المدمر جنوب غرب البلدة بانتظار صرف النظر عنه نهائيا، وإقفال المرامل التي نهشت غابات الصنوبر المواجهة لمناطق التطوير السكني والسياحي، كما أسهمت المجموعة دون أن تدخل في أي اصطفاف في إسقاط النظام البلدي القديم المعادي للبيئة، وحولت النقاش الدائر خلال انتخابات البلدية الأخيرة إلى حوار حول البرامج وإلى قضية رأي عام كانت البيئة في صلبها"، ولفت إلى أن "جماعة البيئة هذه التي تضم مهنيين وإداريين ومهندسين وقادة رأي تحولت اليوم إلى مجموعة خبرة وقوة اقتراح تضع إمكاناتها في خدمة مجتمعها وهيئته المنتخبة، وترحب بسياسة المجلس البلدي الجديد المقبلة على خلق آليات تعاون وتنسيق دائمة مع المجتمع المدني".
وقال حداد: رؤيتنا لمستقبل عين دارة ترتكز على مزايا البلدة الطبيعية والجغرافية وطاقاتها المهنية، لن نتوسع في شرحها لكنها قائمة على الاستقطاب السكني والعقار الريفي المحاط بالحدائق، والزراعات العضوية ذات القيمة المضافة، والترفيه والرياضة والتنمية البيئية، فعين دارة القرية الوحيدة التي يمر بها درب الجبل اللبناني في أحيائها السكنية، وبالمناسبة سنختم نزهتنا عائدين على هذه الدرب، ومع إنشاء المدينة الصناعية شمال البلدة ستسقطب النشاطات اللوجستية من توزيع وتعليب وإعادة تصدير نظرا للموقع الجغرافي، لكن علينا أن نحرص أن توفر لأهلنا فرص عمل لائقة ومنتجة وصديقة للبيئة".
وتابع: "تشكل عين دارة منذ التسعينات من القرن الماضي المثال الحي لهذا النموذج المدمر مع الترخيص للكسارات في مناطق استثناء، ملاصقة لمحمية أرز الشوف ولم تلبث أن تحولت إلى مناطق انتهاك لجميع القوانين الناظمة لهذا القطاع، لا سيما قانون تنظيم المقالع والكسارات، فتمددت من عقار في جبل عين دارة أفقيا نحو العقارات المحيطة وعموديا بشكل لا محدود، متجاوزة موقع الرخصة وشروطها إلى حد نشوء نزاع حول ضم أملاك مشاعية لعين دارة إلى نطاق العقارات الخاصة، في ظل تقاعس وتواطؤ المجالس البلدية المتعاقبة والسلطات العامة من ناحية التجاوز العقاري وتجاوز شروط الرخصة".
وأضاف "إلى جانب ذلك، ومع وجود هذه المخالفة الصارخة تمدد نطاق الأنشطة التدميرية نحو إنشاء كسارات غير مرخصة من قبل ملاك آخرين في الجبل، ووصلت عملية التصحر كي تشمل أجمل مناطق البلدة وغاباتها المواجهة لمناطق التطوير العقاري والسياحي". لافتا إلى أنه "نتيجة للسياسات المتبعة تواطؤا وتساهلا أو تعمدا فقد أدى هذا إلى تدمير الأصول البيئية التي تعتمد عليها البلدة من جبال وغابات وزراعة ومشاعات وأملاك عقارية، وإلى تبخيس القطاع العقاري والسكني نتيجة الضرر اللاحق بالمنظر المحيط ونظافة الجو وسلامة الطرقات والخوف من تمدد التخريب إلى المحيط المباشر للعقارات القائمة زراعة وسكنا؛ وأدى هذا إلى استدراج أنشطة أخرى غير شرعية كالمرامل، فضلا عن الهيمنة على قرارات المجلس البلدي السابقة لدرجة تحويل أعلى مسؤوليها من رعاية مصالح بلدتهم إلى مسهلين لإجراءات تراخيص المشاريع التدميرية، بعد اتخاذهم القرار رفضها الشكلي ثم إلى مسوقين في الوزارات والإدارات المختصة".
أرسل تعليقك