بيروت ـ جورج شاهين
طالب أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله، الحكومة اللبنانية، الخميس، بفتح حوار مع السعودية وقطر وتركيا، بشأن عودة المختطفين اللبنانيين في سورية، معتبرًا أن تلك الدول "تمول وتسلح وتعطي التسهيلات للمجموعات المقاتلة"، فيما أكد أن "واقع التقسيم يهدد أكثر من بلد عربي من العراق ومصر وليبيا وسورية، وحتى السعودية".
وفي كلمة لمناسبة أربعينية الإمام الحسين في بعلبك قال نصر الله:" هناك اليوم إرادة المشي إلى كربلاء وسط التفجيرات والنهج التكفيري الذي زرعته أميركا في المنطقة"، متسائلاً :" لكن هل استطاع هذا النهج التكفيري أن يوقف مواكب أبا عبد الله الحسين؟"، مؤكدًا أن "التفجيرات لن توقف الزوار الباكستانيين أو الإيرانيين أو اللبنانيين أو العراقيين، ولن يمنع خطف الزوار أن تتواصل هذه الزيارة".
وقال:" إن الدم انتصر على السيف في كربلاء، واليوم تقدمون رسالة إلى العالم على أن الطريق المعنوي الإيماني الروحي الجهادي، الذي قام بتضحيات جسام منذ اليوم الأول لبعثة الرسول، وصولاً إلى كربلاء.. هذا الطريق سوف يبقى حيًا قويًا"، وعندما سئل عن "معنى تفجيرات الكنائس في أكثر من بلد عربي و أجنبي، تساءل:" منْ أعطى لهم حق قتل المسيحيين والإسلام احترم شعائر المسيحيين.. أنتم أيها التكفيريون تأتون بدين جديد؟".
واضاف: "نعيش واقعًا تقسيميًا للمنطقة، ونحن نؤكد موقفنا المبدئي والعقائدي، نرفض أي من مواقف التقسيم في أي بلد عربي أو إسلامي، ونصر على الحفاظ على وحدة أي بلد مهما كانت المطالب محقة، وواقع التقسيم يهدد أكثر من بلد عربي من العراق ومصر وليبيا وسورية، وحتى السعودية".
وشدد نصرالله، على "التمسك بوحدة لبنان وطنا وأرضًا وشعبًا ومؤسسات"، قائلاً:" إذا أطلت من هنا أو هناك مشاريع دويلات أو إمارات يجب أن نرفضها جميعًا، لأن لبنان أصغر من أن يقسم"، مضيفًا:" اللبنانيون مدعوون إلى المحافظة على وحدة الوطن والمؤسسات، ويجب أن نعترف بأن لبنان أكثر بلد يتأثر بما يجري حوله خصوصًا في سورية، وذلك بسبب التنوع الطائفي والسياسي وتعارض المصالح وهامش الحريات، وبسبب الحدود الطويلة ولأنه الجار الوحيد"، لافتًا إلى أن "أكثر من يتأثر بهذا الموضوع البقاع والشمال بسبب التواصل الأهلي والشعبي".
وأكد نصر الله، أن "سورية في حرب حقيقية، ومنذ اليوم الأول كان في لبنان نهجان"، موضحًا:" هناك من دعا إلى سياسة النأي بالنفس جانبًا لأننا نتكلم جديًا، وإلى الحوار لعدم نقل القتل والقتال إلى لبنان، وأما النهج الثاني فيريد نقل الأحداث والقتال إلى لبنان وإلى أكثر من ساحة، وهذا نهج خاطئ".
وتابع:"أسجل أن موقف فريقنا السياسي وموقف الحكومة اللبنانية الحالية يعود إليهما الفضل في منع انتقال القتال إلى الساحة اللبنانية، ولو كان الفريق الآخر في سدة الحكومة لكان ورَّط البلد ليس بقتال داخلي، بل بقتال مع سورية أيضًا"، فيما رأى أن "موضوع النازحين إلى لبنان هو من تأثيرات الوضع المستجد"، قائلاً:"النازحون سواء كانوا العائلات السورية أو الفلسطينية أو حتى اللبنانية، التي كانت تسكن في سورية، هؤلاء هم مسؤولية لبنانية، ولا أحد يملك أرقامًا دقيقة عن الموضوع، ويجب التعاطي مع ملف النازحين بمسؤولية إنسانية بحتة، دون تسييس الموضوع، ويجب الاهتمام بالعائلات مهما كان توجهها الإنساني، إن كانت موالية أو معارضة أو رمادية".
وواصل نصر الله:" إننا في لبنان لا نستطيع لأي اعتبار إغلاق الحدود مع سورية، مع تفهمنا المخاطر السياسية والأمنية والاقتصادية لهذا النزوح الكثيف، ولا يمكن لأي سبب إغلاق الحدود، بل يجب العمل على تداعيات هذه الأزمة الإنسانية"، مشيرًا إلى أن "استيعاب ملف النازحين يحتاج إلى موقف رسمي واضح، وإلى تعاون شعبي، ويجب احتضان هذه العائلات في بيوتنا في أماكننا العامة، ومن موقع إنساني وأخلاقي رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها عائلاتنا".
ورأى نصر الله، أن "الحل الحقيقي لملف النازحين هو معالجة السبب، والعمل من أجل إيجاد تسوية سياسية توقف القتال والحرب الدائرة هناك"، داعيًا الحكومة اللبنانية إلى "تطوير موقفها السياسي بالضغط من أجل حل سياسي، إلى جانب من يضغط في هذا الاتجاه"، معتبرًا أن "هذا لا يتنافى مع مسألة النأي بالنفس"، قائلاً:" بإمكان الدولة اللبنانية مخاطبة الأميركيين والجامعة العربية، فإنهما يُحملان لبنان أكثر مما يطيق ويتحمل".
ودعا لبنان، إلى "التفاوض المباشر مع خاطفي اللبنانيين في سورية"، قائلاً:" قضية المخطوفين اللبنانيين في سورية من تداعيات الأزمة، ونحن ابتعدنا عن التعاطي في هذه الأزمة كي لا يساء استعمال أي مصطلح، ولكن للأسف يتم استغلال هذه القضية بطريقة سيئة وكريهة لإحداث شرخ في المجتمع اللبناني، ونحن دعونا أهالي المخطوفين أن يحمِّلوا الدولة اللبنانية المسؤولية وألا يقطعوا الطرق، وهذا موقف وطني".
وأضاف:"الآن بعد كل هذه المدة إذا تحرك الأهالي فهذا حق طبيعي وشرعي"، معتبرًا أن "حركة الدولة ليس كافيًا، ويجب أن تتحمل المسؤولية، وأن تتفاوض مباشرة مع الخاطفين"، قائلاً:" هذا ما يحصل في كل الدول، ويجب ألا يتم وضع اعتبارات سياسية لا جدوى منها، وبالطريقة التي نعمل بها لن نصل إلى مكان، ويجب أن يتم التحرك تجاه الدول التي تؤثر على هذه المجموعات الخاطفة التي تمول وتؤثر وتفتح الحدود، وهي السعودية وقطر وتركيا التي تمول وتسلح وتعطي التسهيلات للمجموعات المقاتلة"، مشيرًا إلى أن "الاتصالات وحدها ليست كافية".
أرسل تعليقك