القاهرة – محمد الدوي
أكدّ مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير جمال بيومي أنّ العلاقات بين مصر وأميركا باقية في حدود التعاون المشترك بين البلدين، وأنّ عمليات الشدّ والجذب بين مصر والولايات المتحدة على خلفية وقف جزء من المعونة العسكرية إلى مصر وتجميد بعض المساعدات الاقتصادية من جانب الولايات المتحدة والتي جاءت في ضوء توتر العلاقات بين البلدين بعد أحداث 30 حزيران/يونيو.
وأوضح بيومي لـ"العرب اليوم"، أنّ زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري تأتي في ضوء مناقشة الأوضاع الثنائية بين البلدين ولن يسمح له بأكثر من ذلك، وفي ضوء ما يقال أنّه آتي قبل المحاكمة لكي يتشاور في أمر الرئيس المعزول محمد مرسي، فهذا الكلام عار تمامًا من الصحة، لأنّ مصر دولة مؤسسات والأمر الآن بيد القضاء.
أشار إلى أنّ صياغة العلاقات المصرية الأميركية يجب أن يتمّ في ضوء المصالح المصرية حتى إنّ كانت الولايات المتحدة الشيطان الأكبر في الأرض. مؤكدًا ضرورة الاستفادة من تجربة الرئيس الراحل أنور السادات في الحفاظ على المصالح المصرية، حيث استطاع كسب لعبتي الحرب والسلام وفتح ملفات عبر أنحاء العالم، تمّ توظيفها لخدمة الاقتصاد المصري والعلاقات الخارجية المصرية.
ونقل أنّ الخارجية الأميركية صرحت بأنها لم تستخدم مصطلح انقلاب بشكل رسمي، لأن ذلك يقضي بقطع المعونة بالكامل، وأن ذلك جاء في إطار الحفاظ على العلاقات مع مصر، وأشار أيضًا إلى أنّ الرئيس الأميركي استغل حقه القانوني حينما صرح في قبرص بأنّ العلاقة مع مصر تتعلق بالأمن القومي الأميركي، وأنها خارج قرارات الكونغرس، موضحًا أنّ ذلك الحق استخدم من قبل اثنين من رؤساء الولايات المتحدة السابقين، هما أيزنهاور إبان الحقبة الناصرية حين خرج عبد الناصر عن الطوع الأميركي، ومرة أخرى من جانب الرئيس ريغان.
وأكدّ أنّ العلاقات الخارجية المصرية تتسم بالشموخ والوطنية الشديدة على مدار تاريخها، مشيرًا إلى أنّه على سبيل المثال تم اعتقال رئيس جمهورية الكونغو آنذاك إبان حكم عبد الناصر بعد حضوره أحد المؤتمرات في القاهرة ردًا على قطع المياه عن السفارة المصرية وحبس العاملين بها في إطار رفض الدعم المصري ولم يتم الإفراج عنه إلا عند عودة المياه إلى السفارة ووقف تلك الممارسات.
وأشار بيومي إلى أنّ طاولات التفاوض جميعها التي جلس عليها اتسمت باحتفاظ مصر باستقلال قرارها وعدم التهاون في عزّتها وكرامتها الوطنية، مؤكدًا أن ذلك ينطبق على العلاقات المصرية الأميركية.
ونفي أن يكون للولايات المتحدة أيّ آليات للضغط على مصر، والمعونة بقيمتها المادية لا تمثل أيّ ضغوط على مصر حيث لا تمثل سوى 0.800% من الناتج القومي المصري، مشيرًا إلى أنّ المعونات التي تحصل عليها مصر من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوربي واليابان، لا يمكن استخدامها كأداة للضغط على مصر لضآلة قيمتها، لافتًا إلى أنّ الولايات المتحدة هي الجانب المتضرر من وقف المساعدات إلى مصر، لأن ذلك من شأنه أنّ تفقد صناعة السلاح الأمريكية 1300 مليون دولار قيمة المعونة العسكرية إلى مصر، والتي تخصص لشراء السلاح الأميركي. موضحًا أنّ ذلك من الممكن أنّ يؤدى إلى تغيير منظومة التسلّيح المصري وهو ما يترتب عليه تغيير منظومة التسلّيح في العديد من الدول العربية، مما يزيد من الأعباء على الاقتصاد الأميركي.
وأشار إلى أنّ تأثير الولايات المتحدة وسائر قوى العولمة على الداخل المصري فى ضوء تبنى هذه القوى تطبيق نموذج للتغيير في المنطقة يتم عبر "الربيع العربى" ذلك مرهون بالداخل المصري الذي يملك وحده التأثير في مجريات الأمور، مؤكدًا أنّ الدول الكبرى لا ترغب في تحول مصر إلى قوة كبرى انطلاقًا من أنها دولة محورية في منطقة الشرق الأوسط وتحولها إلى مصاف الدول المتقدمة يغيّر موازين القوى العالمية.
وأوضح بيومي أنّ ما سماه، تحالف الولايات المتحدة مع "الإخوان"، جاء من منطلق أنّها الجماعة الأكثر تنظيمًا والقادرة على الوصول إلى الحكم، كما أنّ ذلك الدعم جاء أيضًا من منطلق إعادة تصدير الإرهاب إلى الدول العربية بعد أحداث "11 سبتمبر"، من خلال دعم تيارات الإسلام السياسي للوصول إلى الحكم. وفى ضوء ذلك أكد أن سيناريوهات التفتيت التي تتعرض لها مصر لا يمكن مواجهتها إلا بوحدة الصف المصري
وأشار إلي أنّ السياسات الأميركية نحو مصر تهدف إلى تأمين إمدادات الطاقة وضمان حرية المرور في قناة السويس وباب المندب والممرات المائية التي تقع تحت سيطرة الدول العربية.
وأوضح بيومى أنّ مصر صاحبة أكبر اقتصاد في شمال أفريقيا. كما أنه ثالث أكبر اقتصاد على مستوى العالم العربي، علاوة على أنّه اقتصاد خدمات بنسبة 47% ويملك 27 مليون يد عاملة، وهو ما يجعل سفينة الاقتصاد المصري قادرة على الإبحار حال توافر المناخ الملائم الذي يتمثل في رئيس منتخب ومجلس نواب وسيولة نقدية، مشيرًا إلى أنّ عام 2011 هو أفضل عام للتجارة الخارجية منذ 50 عامًا في مصر، حيث بلغت قيمة الواردات 59 مليار جنيه في مقابل 32 مليار جنيه صادرات.
وأكد ضرورة الهبوط بسقف المساعدات ورفع سقف العمل والإنتاج، مشيرًا إلى أنّه لا يصح لدولة بقدر مصر بقدراتها الاقتصادية ووضعها التاريخي والإقليمي أنّ تعيش على المساعدات، وأنّه يجب الإسراع في تنفيذ مشروعات تنموية حقيقية من شأنها دفع عجلة الاقتصاد.
أرسل تعليقك