تشجيع السياحة الداخلية وبالأخص الصحراوية والترويج لها كان الهدف الرئيسي للملتقى السياحي الذي يعتبر الأول من نوعه بعد الحجر الصحي الذي فرضته جائحة كورونا وجمد جميع النشاطات السياحية لسبعة أشهر متتالية، وحمل هذا الملتقى شعار “نحوس بلادي” أين ناقشت أزيد من 35 وكالة سياحية فيه برنامجا جديدا سيشمل مناطق الجنوب وعلى رأسها مدينة واد سوف التي تعتبر وجهة جديدة لدى أغلب الوكالات السياحية التي أجمعت على أنها اكتشفت جديد خاصة لما تتميز به الولاية من إمكانات طبية وسياحية وفلاحية…
في جولة سياحية، كانت أشبه بالحلم، قادتنا رفقة 35 وكالة سياحية من مختلف ولايات الوطن إلى ولاية وادي سوف، المدينة التي تعرف باسم ألف قبة وقبة، التي تقع على بعد 650 كلم جنوب شرق العاصمة، جعلتنا نكتشف الطابع السياحي والمعماري المتفرد الذي تتميز به هذه المدينة، فهي مدينة صحراوية تتميز بمعايير جمالية ربانية لا يوجد مثيل لها في بلدان أخرى، وهو ما جعل هذه الوكالات وعلى رأسها وكالة نوبلي للسياحة والأسفار والفندقة بالوادي تنظم هذه المبادرة تحت شعار “نحوس بلادي” رفقة وكالتي SAND ROCK وقابور ترافل، لتشجيع السياحة الداخلية وبالتحديد الصحراوية والترويج لها…
وادي سوف الولاية التي تجمع بين السياحة والطب والفلاحة
وكان الاختيار هذه المرّة مدينة واد سوف باعتبارها من أعلق المدن الجنوبية، كما أنها مدينة طبية بامتياز نظرا للعيادات والمستشفيات المتواجدة فيها، على غرار مستشفى طب العيون الذي يعتبر المستشفى الأول في الجزائر، نظرا لما يقدمه من خدمات طبية في جراحة وطب العيون، بالإضافة إلى مصحة أخرى تتعلق بالجراحة بكل أنواعها، دون الحديث على أنّها مدينة فلاحية بامتياز، حيث تتميز بطابعها السياحي والثقافي والصحي والجمالي والفلاحي، وهو ما جعل هذه الوكالات السياحية، تغير الوجهات السابقة التي كانت خارج الوطن أو في مناطق أخرى في عمق الصحراء مثل تاغيت وتقرت وجانت تنمراست، وتختار هذه المرة مدينة ألف قبة وقبة، وتجزم على أن تكون هذه المدينة الرائعة من جميع النواحي هي الوجهة الجديدة والأولى في المستقبل، خاصة وأن أغلب الوكالات السياحية اكتشفوا جمالها ضمن المبادرة التي نظمتها وكالة نوبلي للسياحة والأسفار والفندقة على مدار عدة أيام انطلاقا من يوم السادس من شهر أكتوبر الجاري..
السياحة الطبية.. جديد الوكالات السياحية لمناطق الجنوب
مشف كريم زيتوني صاحب وكالة SAND ROCK بقسنطينة لـ”الشروق اليومي”، أن الوكالات السياحية ظلمت كثيرة مدينة واد سوف هذه المدينة لسنوات طويلة وظلموا معها السياح، لإهمالها ضمن برامجهم السياحية، قائلا: “بعد هذه الرحلة التي جعلتهم يكتشفون سحر وجمال المدينة ستكون وجهتهم الأولى من اليوم فصاعدا”، وأضاف، أنهم بإمكانهم أن ينظموا رحلات سياحية طبية للسياح باعتبار أن مدينة الوادي تحتوي على مستشفيات لا مثيل لها في الولايات الأخرى، فعوض أن يتنقل السائح إلى بلدان أخرى على غرار تونس وتركيا من أجل إجراء فحوصاته الطبية وكذا عمليات جراحية، يمكنه أن يتنقل بمفرده أو عن طريق الوكالات السياحية ويتلقى خدمات مميزة في الفندقة وكذا في السياحة ويستطيع أن يجري جميع فحوصاته وحتى عمليات جراحية، بأسعار منخفضة، خاصة وأنّ مستشفى طب العيون تابع للقطاع الحكومي وليس للقطاع الخاص، وأكد المتحدث أن الوكالة السياحية التي سيتواصل معها المريض أو السائح، ستكون مسؤولة عن تحديد الموعد الطبي في مستشفى طب العيون أم في مصحة الجراحة، كما ستوفر له المأكل والمشرب، ناهيك عن السياحة التي سيقضيها في الوادي، مشيرا في سياق ذي صلة، إلى أنّ غالبية المرضى يتنقلون إلى تونس بكثرة من أجل إجراء فحوصات طبية في مجال طب وجراحة العيون وكذا في جراحات أخرى، ومعظمهم كما ذكر زيتوني، لا يعرفون أنّ مدينة ألف قبة وقبة تحتوي على أحسن مستشفى لطب العيون في الجزائر..
بعد كورونا وغلق الحدود.. السياحة الداخلية والصحراوية هي البديل
من جهته، الحاج علي نوبلي صاحب وكالة نوبلي للسياحة والأسفار والفندقة صرّح “للشروق”، أنّ هذه المبادرة التي جاءت في هذا الوقت بالتحديد بعد الظرف الذي مرت به الجزائر لأزيد من سبعة أشهر وتهدف إلى تشجيع المنتج الجزائري وبالأخص الصحراء الشاسعة التي تزخر بإمكانيات طبيعية وجمالية ساحرة ذات تنوع ثقافي وسياحي يجعل منها قطبا لاستكشاف هذه الفسيفساء الربانية..
بدوره أكد عمر قابور، للشروق، أنه نظم هذه المبادرة رفقة وكالة SAND ROCK ونوبلي للسياحة والأسفار والفندقة، تحت شعار “نحوس بلادي” في هذا التوقيت بالتحديد، لأن جائحة كورنا، جعلتهم يتوقفون عن العمل لأشهر بسبب غلق المطارات والحدود، وبعد القرار الحكومي بعودة نشاطاتهم داخل الوطن، اختاروا أن ينظموا رحلات داخلية تكون في عمق الصحراء، واتجهوا هذه المرة إلى واد سوف حتى يكتشفون سحر جمالها الرباني ويشجعوا السياحة الداخلية وبالتحديد الصحراوية، وأضاف قابور أنّ واد سوف ستكون من اليوم فصاعدا وجهة جديدة للعديد من الوكالات السياحية التي كانت تنشط في مناطق أخرى في الصحراء..
إيناس مداسي: كورونا جعلتنا نتفطن للسياحة الداخلية
أما إيناس مداسي صاحبة وكالة نوميديا ترافل فرع عين السمارة بقسنطينة، صرّحت “للشرق”، أنّ أغلب الوكالات السياحية اكتشفت سحر وجمال وادي سوف لأول مرة، وذكرت أنهم كانوا يركزون فقط على جانت وتقرت وتمنراست، وهذه الرحلة التي تعد الأولى من نوعها بعد أزيد من 7 أشهر من توقف نشاطهم، جعلتهم الوكالات يتفطنون للسياحة الداخلية التي كانت مهمشة سابقا، ويفكرون في تنظيم رحلات سياحية داخلية تكون في واد سوف التي تعتبر حسب ما ذكرت المتحدثة، مدينة سياحية وفلاحية وطبية بامتياز..
1000 سائح أجنبي من الهند والصين وأوروبا يزورون الوادي سنويا
كشف صاحب وكالة نوبلي للسياحة والأسفار علي نوبلي أنه حوالي 1000 سائح أجنبي يزورون واد سوف سنويا، ففي سنة 2019 المنصرمة، جلبت وكالته السياحية حوالي 600 سائح أجنبي من مختلف دول العالم على غرار الهند، الصين، ودول أروبية من فرنسا وألمانيا واسبانيا وإنجلترا وغيرها، وأغلبهم كما ذكر المتحدث، من الطبقة الغنية الذين يبحثون عن سياحة الامتياز ويتوافدون على الصحراء الجزائرية نظرا لمنا تزخر به من جمال رباني ساحر، وحوالي 2000 سائح جزائري وذلك في الفترة الممتدة من شهر أكتوبر إلى غاية شهر فيفري بالنسبة لسنة 2019، بسبب انتشار فيروس كورونا بأيام، في حين أنها تستمر إلى غاية شهر أفريل في باقي السنوات التي لم ينتشر فيها الفيروس، دون الحديث عن السياح الذين يتوافدون على فنادق أخرى، حيث ذكر نوبلي أنه في يوم إحياء التراث يدخل حوالي 2000 سائح لمدينة واد سوف.
“الغوط” الواحة الوحيدة في العالم التي ينبت نخيلها من دون سقي
جولتنا الاستكشافية في واد سوف شملت العديد من المناطق الساحرة وعلى رأسها واحة “الغوط، حيث تتميز هذه الواحة بكونها الوحيدة في العالم التي تنبت من دون أن تسقى، إذ تستخرج المياه من باطن الأرض، وكشف لنا في هذا الشأن الشيخ محمد الذي استقبلنا في الواحة، والذي عاش عمره كاملا في منطقة الغوط، حيث لا يخرج منها على الإطلاق، أنّ واحة الغوط عبارة عن منخفض سحيق بين الكثبان الرملية بعمق 16 إلى 40 مترا، بالإضافة إلى قطر يصل من 80 إلى 200 متر، يحفره الفلاحون من أهل مدينة الوادي، الذين يستغلون هذه المنخفضات لغرس النخيل نظرا لقربها من المياه الجوفية، فتصبح النخلة تمتص الماء من الطبقة الجوفية دون أن تسقى، حيث تعتبر تراث مصنف عالميا، مضيفا أن نخيلها عمره 96 سنة، حيث غرس منذ سنة 1925 ولم يسقى إلى غاية يومنا هذا، إذ أن الزائر للواحة يستطيع أن يعيش فيها فيأكل من ثمرها ويشرب من ماءها، حيث تتوفر على بئر يستخرج المياه الباطنية، كما أن سكانها يتغذون على الخضر والفواكه المغروسة فيها، مشيرا إلى أن واحة الغوط تعتبر من الموروثات الثقافية العالمية نظرا لما يمثله هذا الموروث من أهمية تاريخية واقتصادية واجتماعية..
هنود وأجانب يعشقون صحراء وادي سوف ومأكولاتها التقليدية
الملة.. المردومة.. كواد.. خيل.. جمل.. سباق في السيارات رباعية الدفع وسط الصحاري والرمال.. عصير التمر.. كباش مشوية.. لحم الجمل.. مأكولات تقليدية سوفية أصيلة وما خفي أعظم.. كل هذه الأمور اجتمعت في سفاري ولا أروع في الجنوب الجزائري، حيث وقفنا عليها في رحلة استكشافية أخذتنا إلى عمق صحراء واد سوف، أين اجتمعت الإثارة مع المتعة وسحر الصحراء مع المناظر الخلابة في سفاري متنوعة لا تشبه أي سفاري أخرى سواء المتواجدة في الجزائر أم في بلدان أخرى، بشهادة 35 وكالة سياحية، ممن تواجدوا في الرحلة الاستكشافية والذين زاروا في السابق العديد من الصحاري على غرار صحراء دبي وشرم الشيخ وغيرها..
وفي هذا السياق، كشف عمر قابور صاحب وكالة قابور ترافل للسياحة والأسفار بالعاصمة، أنه زار العديد من البلدان وخرج في سفاري متنوعة وعلى رأسها سفاري دبي، وأكد للشروق، أنّ سفاري واد سوف تعتبر من أحسن الخرجات التي قادته إلى اكتشاف جمال وسحر الصحراء، سواء من الناحية الجمالية الربانية أم من جانب المرشدين الذين قادوهم إليها، وذكر المتحدث أنّ المأكولات الصحراوية الجزائرية التي مازال أهل الجنوب يحافظون عليها زادت الرحلة متعة وإثارة، بداية من الملة السوفية التي تعرف كما ذكر لنا لحاج علي الذي وجدناه يحضرها في الرمل الساخن، أنها عبارة عن نوع من أنواع الخبز، حيث تصنعه البادية بطريقة خاصة، إذ يُعجن الدقيق الفاخر في إناء ويضاف إليه قليل من الملح وكمية من الماء بحيث تكون العجينة متماسكة ولا تكون لينة كثيرا، ثم توقد النار على الرمل حتى يصبح هذا الرمل حار جدا ثم تُسوّى بشكل دائري وتسمى بالقرص، وتوضع فيها الطماطم والبصل والشحم، ويؤخذ من الجمر ويضعونه فوق القرص حتى ينشف لكي لا يلتصق عليها الرمل، وبعد أن تنشف يضاف عليها الرمل الساخن ويشاف عليها الجمر وتبقى على تلك الحال لحوالي 15 دقيقة وتكون مستوية، ثم توضع على صخرة وتطرق حتى يتطاير الرماد العالق بها، وتصبح جاهزة للأكل، وأضاف لنا الحاج علي أن الأجانب وعلى رأسهم الهنود يزورون مدينة ألف قبة وقبة خصيصا من أجل الخروج في السفاري وتذوق خبزة أو كسرة الملة، مؤكدا أنهم يعشقون تناولها، ولا يتناولون شيئا بكثرة مثلما يأكلون كسرة الملة السوفية..
قد يهمك ايضا
أرسل تعليقك