تحظى المعابد والمزارات اليهودية بعناية فائقة من السلطات المغربية، وذلك بفضل التعليمات الملكية التي تولي أهمية للمرافق الدينية.تولي المملكة المغربية، بقيادة العاهل الملك محمد السادس، أهمية كبرى للحفاظ على التراث اليهودي، على غرار نفس الاهتمام الذي ترصده للحفاظ على مُقدسات باقي الديانات في المملكة.
ويُعتبر المغرب من الدول التي تُشكل "ملاذاً" و"أماناً" لمُعتنقي جميع الديانات السماوية، من مُسلمين ويهود ومسيحيين، إذ تحتضن بعض المدن، كمراكش والصويرة مثلاً، كنيسة في نفس الزُقاق الذي يُوجد به مسجد، وغير بعيد منهما معبد يهودي.
هوية وطنية موحدة
وفي هذا الصدد، تعمل المملكة على إطلاق مجموعة من المبادرات لتأهيل وترميم دور العبادة والأضرحة والأحياء اليهودية، وذلك في سياق استراتيجية يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس، عنوانها تكريس الهوية الوطنية المتعددة والموحدة.
وتأتي هذه الهوية الموحدة، في سياق دستوري أكد على أن الرافد العبري يُعد مكوناً أساسياً، وجُزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية للمغرب، الذي يفتخر بأبنائه ويحتضنهم أينما كانوا ومهما كانت دياناتهم، دون تمييز أو تفضيل.
وشكل الموقع الجُغرافي للمملكة المغربية، قنطرة جعلته موطن تعاين وتلاقح بين الثقافات والأديان، خاصة وأنه البلد الإفريقي الوحيد الشاهد على التقاء البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي، كما أنه حلقة وصل بين أوروبا وأفريقيا وكذلك بين أمريكا والشرق الأوسط.
تفرُّد مغربي
وتتفرد المملكة المغربية، بالغنى الكبير الذي يوجد على المستوى الثقافي والديني أيضاً، الشيء الذي لم يخلق تنافراً أو حرباً طائفية، صنع فُسيفساء اجتماعية وثقافية فريدة، عُنوانها التعايش بين الأديان والانفتاح على مختلف الثقافات.وبهذا التفرد المغربي، يصير المغرب مثالاً يُحتذى به في المنطقة، خُصوصاً في ظل التفرقة والانقسام الذي يشهده الوقت الحالي بين أبناء الوطن الواحد.
مبادرات ملكية
وعلى غرار اهتمامه بالتُراث المغربي، وتشجيعه على بناء المساجد والاعتناء بالقيمين عليها، أطلق العاهل المغربي، الملك محمد السادس، برنامجاً واسع النطاق يهدف إلى تأهيل أماكن العبادة مثل كنيس “صلاة الفاسيين” بفاس المصنف ضمن التراث العالمي لليونسكو.
وبهذه الاستراتيجية الملكية، وضع المغرب نفسه من بين دول العالم القليلة جداً التي تمضي قدما في إنشاء المعابد اليهودية وصيانتها، ناهيك عن الاعتناء بالأضرحة والمزارات اليهودية، وتأريخ التُراث اليهودي وتخليده عبر متاحف ومعارض عدة.
ومن المفارقات المغربية، التي تعكس التعايش الكبير بين المغاربة، مُسلمين وإخوتهم اليهود، أن المؤسسات الثقافية اليهودية، خاصة المتاحف، تُدبر تحت إدارة مغاربة مُسلمين، إما بشكل مُباشر أو يُساهمون في ذلك بانسجام وتناغم تحت قيادة مغاربة يهود.
ومن المبادرات الملكية الجبارة تُجاه التُراث اليهودي المغربي، عناية الملك السامية بتحديث الحي اليهودي في مراكش عام 2017، بالإضافة إلى حي الملاح في الصويرة، ناهيك عن استفادة المقابر اليهودية في المغرب من برنامج إعادة تأهيل حقيقي، والتي يعود بعضها إلى القرن التاسع عشر.
وعام 2019، أطلق الملك أشغال بناء متحف للثقافة اليهودية، الذي يندرج في إطار البرنامج التكميلي لتثمين المدينة العتيقة لفاس . وهو فضاء متحفي ينضاف الى المتحف اليهودي بالدار البيضاء الذي يضم تحفا تشهد على حياة اليهود بالمغرب منذ ألفي سنة .
وقُبيل جائحة كورونا، وما رافقها من فرض لحظر التجول، زار العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في يناير / كانون الثاني المُنصرم، مؤسسة بيت الذاكرة بمدينة الصويرة، بحضور ثلة من الشخصيات اليهودية من المغرب والخارج.
قد يهمك ايضا
أرسل تعليقك