كشف الدكتور فهد بن عبدالله المبارك محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي إن التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي ومن بينها تواضع توطين القوى العاملة المحلية في القطاع الخاص، تتطلب تكثيف الجهود الحالية لوضع استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى وبمشاركة فاعلة من القطاعين الخاص والعام لترشيد استقدام العمالة الأجنبية، ومواصلة تطوير برامج التعليم العام والفني والمهني وكذلك مخرجات التعليم العالي لتواكب احتياجات السوق، إضافة إلى رفع مستوى كفاءة الاستخدام الداخلي للطاقة والمياه، ما نتج عنه تشوه وهدر كبير لتك الموارد المهمة إضافة إلى زيادة الأعباء المالية على الدولة.
وأكد المبارك في حديث صحفي أن هذا يتطلب إعادة النظر في سياسة دعم الأسعار واستبدالها بشكل تدريجي ومدروس باستمرار الدعم الذي يستهدف شرائح الفئات منخفضة ومتوسطة الدخل مع مراعاةً للآثار الاجتماعية لأي تغيير.
جاء ذلك خلال افتتاح الدكتور فهد المبارك، أمس، ورشة العمل التي ينفذها مركز إعداد وتطوير القادة بمعهد الإدارة العامة، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، التي جاءت بعنوان "السياسات الاقتصادية وأبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي لتحقيق التنمية المستدامة"، بحضور الدكتور أحمد بن عبدالله الشعيبي مدير عام معهد الإدارة العامة، والدكتور حمد بن سليمان البازعي نائب وزير المالية.
واشار الدكتور المبارك الى التحديات الأخرى التي تواجه الاقتصاد ومن بينها رفع مستوى الكفاءة والإنتاجية، إذ إن الباب الأول من الميزانية العامة للدولة المشتمل على الرواتب يمثل نسبة عالية، ويتطلب العمل على تخفيضها من خلال رفع مستوى الإنتاجية، وتخصيص بعض المرافق العامة، والحد من التوسع في هذا الباب لمصلحة المشاريع التنموية والإنتاجية، مؤكدا أن معهد الإدارة العامة يقوم بدور مشكور في التدريب والتعليم لرفع كفاءة وإنتاجية منسوبي القطاع العام.
وقال إن من بين التحديات القصيرة أو ربما المتوسطة المدى التي تواجه المالية العامة هو تراجع أسعار النفط بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، ما أدى إلى تراجع الإيرادات النفطية التي تشكل نسبة عالية من إجمالي إيرادات الميزانية العامة للدولة، مشيرا إلى أنه كما تبين في إعلان الميزانية العامة للدولة، فمن المتوقع أن ينتج عجز في هذا العام، كما أن الدولة قد انتهجت أسلوب بناء الاحتياطيات المالية لمواجهة مثل هذه التقلبات في أسعار النفط، وأن الخيارات مطروحة الآن للنظر في المناسب منها لتمويل هذا العجز إما من السحب من هذه الاحتياطيات أو الاقتراض من السوق المالية المحلية التي تتسم بتوافر السيولة وانخفاض معدل تكلفة الإقراض، أو ربما من الاثنين معا.
إلى ذلك قال محافظ مؤسسة النقد، إن قرارات خادم الحرمين تمثل بداية قوية لاستمرار التنمية الشاملة والمستدامة في السعودية، حيث انتهجت السعودية في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز سياسات تنموية توسعية حققت خلالها إنجازات ضخمة وشاملة لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، واستمرارا لهذا النهج اتخذ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في الأسبوع الأول من توليه مقاليد الحكم سلسلة من القرارات التاريخية والمهمة التي أكدت حرصه الشديد على استمرار سياسة تعزيز التنمية والتطور في المملكة على مختلف المستويات.
و أوضح الدكتور المبارك، أن تلك السياسات شملت إعادة تشكيل مجلس الوزراء، وهيكلة المجالس العليا في الدولة وضم مهامها في مجلسين رئيسين هما مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
ورأى الدكتور المبارك أن الهدف من إنشاء هذين المجلسين هو تعزيز فاعلية اتخاذ القرارات وتنسيق الجهود والمهام في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، مشيرا إلى شمول القرارات دمج وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم في وزارة واحدة بغرض توحيد استراتيجيات التعليم وخططه بين مختلف مستوياته، وتخصيص مبالغ سخية لتلبية احتياجات المواطن ودعم القطاعات الخدمية.
وأكد الدكتور المبارك أن هذه القرارات كان لها صدى طيب لدى المجتمع السعودي، وسيمثل بداية قوية لاستمرار التنمية الشاملة والمستدامة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وتطرق محافظ مؤسسة النقد إلى دور السياسات الاقتصادية التي ترسمها الدولة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، مبينا أنه على الرغم من تنوع هذه السياسات، إلا أن أبرزها وأكثرها تأثيرا في الاقتصاد هي السياسة المالية والسياسة النقدية، إضافة إلى السياسة البترولية للمملكة.
وأشار إلى أهمية التنسيق المستمر بين القائمين على السياستين النقدية والمالية وتوافر المرونة والأدوات الكافية فيهما للتعامل مع المستجدات وتقلبات الدورات الاقتصادية، خاصة أن اقتصاد المملكة يتأثر كثيرا بالتطورات في أسواق النفط العالمية، لافتا النظر إلى أنه بالنسبة للسياسة البترولية، فمن المعروف عن المملكة أنها تسعى دائماً لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية بما يحقق مصالح المنتجين والمستهلكين في آن واحد ويخدم مصالح الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والطويل.
من جانبه، أشار الدكتور أحمد الشعيبي مدير عام معهد الإدارة العامة في كلمته خلال الحفل إلى أن الهدف من الورشة هو تسليط الضوء على موضوع السياسات الاقتصادية السعودية وأبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي لتحقيق التنمية المستدامة، وتنمية القدرة على تصميم وتنفيذ أهم سياسات الإصلاح التنظيمي الهيكلي، وكذلك تقييم دور صندوق النقد الدولي على المستوى الإقليمي والعالمي.
ولفت النظر إلى أن السعودية أولت اهتماما كبيرا لكل ما من شأنه تحقيق التنمية الاقتصادية المعاصرة، باتخاذ العديد من الإجراءات الهادفة إلى رفع مستوى الأداء الاقتصادي وتهيئة الظروف الملائمة لنمو مستدام، وتحديث السياسات الاقتصادية لتواكب متطلبات العصر وظروفه، مع اتسامها بالنظرة المستقبلية الإيجابية والمستقرة.
كما ركزت خطط التنمية على توفير الخدمات التعليمية، وتدريب الكوادر الوطنية التي تعد رافدا رئيسا في مجال تعزيز القدرات الإنتاجية للكفاءات الوطنية المؤهلة لإدارة وتنمية الاقتصاد السعودي.
أرسل تعليقك