زيوريخ ـ أ.ش.أ
أصبح الإنجليزي هيو تومبسون في المراحل الأخيرة من رحلة طويلة تمتد لخمسة وعشرين ألف كيلومتر عبر الدراجة من لندن تقوده عبر 25 دولة الى ريو دى جانيرو لحضور نهائيات كأس العالم فى البرازيل. بالنسبة للمنتخبات الإحدى والثلاثين التي انضمت للبرازيل لخوض كأس العالم صيف هذا العام، فإن وسائل الإعلام لا تكفّ عن وصف العمل الشاق الذي قامت به والتضحية الهائلة والعزم والتصميم الكبيرين التي تظهره في الطريق إلى بلاد السامبا. لكن بالنسبة إلى أحد عشاق المستديرة الساحرة من انجلترا فإن رحلته لجمع تبرعات خيرية أطول وأكثر مشقة وتتطلب جهداً أكبر بكثير.
وذكر موقع الاتحاد الدولى لكرة القدم أن ما يجعل إنجازه أكبر وأكثر أهمية هو المسافة التي قطعها على دراجة نادي نيوكاسل يونايتد التي تحمل اسم "شولا" كناية بمهاجم النادي النيجيري شولا أميوبي.
واضاف موقع فيفا أن تومبسون يجمع أموالاً لمنظمة تاكل افريكا الخيرية التي توفر تعليماً خاصاً بفيروس فقدان المناعة المكتسب اتش اى فى من خلال كرة القدم في أرجاء القارة التي استضافت نهائيات 2010.
وفي حوار مع موقع فيفا، تحدث ابن التاسعة والعشرين، الذي عمل على مشاريع كرة قدم خاصة بالمشردين في انجلترا ولصالح نادي نيويورك ريد بولز كمدرب في مجال التطوير في الولايات المتحدة الأمريكية، عن الغاية من رحلته هذه وما واجهه من قصص مختلفة في الطريق إلى ريو.
وقال تومبسون: "تطوّعت مع منظمة تاكل افريكا قبل خمس سنوات في أوغندا. وقد صُعقت بالأثر الذي تتركه كرة القدم على المجتمعات المحلية. وقعتُ في حبّ البلاد والناس وبشغفهم بكرة القدم. كنتُ أيضاً شاهداً على الحاجة لتعليم الشباب حول فيروس العوز المناعي البشري واستقيت الإلهام هناك حول كيفية إحداث أثر حولي وجمع بعض الأموال."
وأضاف ثومبسون: "كان لي شرف زيارة الكثير من مشاريع المنظمة في أوغندا وكينيا وتنزانيا. قابلت نساء رائعات تعملن على تمكين الفتيات في تنزانيا. نظّمت بطولة لكرة القدم في سيدني، جمعنا في يوم واحد 4 آلاف جنيه استرليني بمشاركة 20 فريقاً، وكان ذلك أمراً مذهلاً. كما شاركتُ في مباراة طويلة على جانب الطريق في غرب سومطرة أثناء غروب الشمس، وهو ما كان أمراً مذهلاً."
واجه تومبسون أوقاتاً عصيبة بالفعل، فقد كان موجوداً في نيروبي العام الماضي عندما حدث الهجوم الإرهابي على مركز وستجيت التجاري في كينيا. ويقول عما لاقاه في رحلته: "لحقت بي كلاب برية في ريف بلغاريا، ووقعت عن الدراجة في اسطنبول وبنجالور ونيوكاسل الأسترالية. ينطوي الأمر على تحدي ذهني صعب للغاية، مع فترات طويلة دون التحدث إلى أي كان. وجدتُ أنني أكلّم نفسي كثيراً. عانيت في آسيا من إصابة مرتبطة بالدرجات الهوائية لكون الطرقات كانت سيئة جداً في الهند وأفريقيا. كنت أركب الدراجة يومياً دون أي راحة. أتلفتُ عصباً في يدي وهو ما أدى إلى إحساس بالخدر وعدم الإمساك بشكل جيد. وبعد قليل من الراحة وركوب الدراجة على طرقات مستوية، انحل الأمر."
من ناحية اخرى أصبح لدى مدرب كرة القدم وراكب الدراجة الهوائية المغوار فهم لما يصفه بأنه "اللطف المذهل للغرباء" خلال رحلته، ويقرّ بأن ترحيب المجتمعات المحلية غمره بشكل كبير وهو الذي جال على طيف متنوع من الثقافات في أرجاء المعمورة. ويقول عن تجربته هذه: "ابتاع لي الناس الطعام، ودعوني إلى منازلهم لتناول الطعام وقدموا لي تبرعات للمؤسسة الخيرية بينما كانوا يقطعون بسياراتهم دراجاتي. كان هناك عدد لا ينتهي من الأسرّة وأماكن النوم والتخييم التي عرضها الناس عليها خلال الرحلة. بطبيعة الحال، كان الدعم المقدم من عائلتي وأصدقائي في الوطن هائلاً وأكثر من أي شيء آخر. فكرة أن أجمع المال لصالح قضية خيرية تجعل الأمر يستحق المعاناة، بغض النظر عن صعوبة الأيام التي أمضيتها."
أما عن الدروس التي سيحملها تومبسون معه عندما يصل إلى ريو، والرسالة التي يريد تمريرها إلى الجماهير واللاعبين حول العالم: "الحياة بسيطة. عدد كبير من الناس في العالم لا يملكون شيئاً، ولكنهم قانعون. الناس الذي يملكون أقل من غيرهم همّ الأكثر ميلاً للعطاء."
وختم تومبسون حديثه قائلاً: "مررت بحالات كثيرة شعرتُ فيها أنني غير قادر على الاستمرار، أثناء الأمطار الموسمية في آسيا، وتحت شمس أفريقيا اللاهبة، وجنون الهند، والارتفاع عن سطح البحر في جبال الأنديز. ولكن في الكثير من هذه الحالات، لا يملك المرء خياراً سوى الاستمرار. تعلّمت أن جسم الإنسان وعقله يملكان قدرة مذهلة على التحمل، وإن أصر المرء على القيام بالأمر، ولم يبحث عن مخرج، فإن كل شيء ممكن في الحياة."
أرسل تعليقك