أعلن الإتحاد الأرجنتيني لكرة القدم في بيان له عن وفاة أسطورة القدم الأرجنتينية والعالمية "دييجغو أرماندوا مارادونا"، عن عمر يناهز الـ60 عامًا بعد صراع قصير مع المرض خلال الأيام الماضية، حيث أصيب مارادونا بنوبة قلبية في منزله بعد أسبوعين فقط من مغادرته المستشفى، إثر تعرضه لجلطة دماغية تطلبت تدخل جراحي لعلاج ورم دموي، وغادر مارادونا، الذي قاد الأرجنتين للتتويج بكأس العالم 1986، المستشفى يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وانتقل إلى مركز تأهيل لعلاجه من إدمان الكحوليات كما عانى مارادونا خلال الأشهر الأخيرة من مشاكل صحية عدة.
وأكد الإتحاد الأرجنتيني في بيانه" يعرب الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، من خلال رئيسه كلاوديو تابيا، عن حزنه العميق لوفاة أسطورتنا، دييغو أرماندو مارادونا، ستكون دائما في قلوبنا".
ولد مارادونا في العاصمة الأرجنتينية "بيونس إيريس" عام 1960، وأصبح مارادونا ساحر منتخب الأرجنيتن وقائد "راقصي التانجو"، خلال مسيرته في عالم كرة القدم استمرت نحو 20 عامًا.
بداية مارادونا مع المستطيل الأخضر
شهدت فترة ميلاد أسطورة الأرجنتين انقلابات ونزاعات سياسية وأزمات مالية داخل قارة أميركا الجنوبية، حتى أصبح حلم الهروب من هذه الصراعات يحيط بالجميع، ولكن مارادونا قابل هذه الظروف بتحدي كبير رغم نشأته في أسرة فقيرة، حيث أمتلئ قلبة بحب وعشق كرة القدم حتى أصبح واحدًا من أشهر أساطيرها على مر العصور والسنين، ليكتشفه فريق بيونس أيريس أرجنتينوس، ليلعب معه هو في الـ11 من عمره، ويذهل الجماهير بمهاراته بكرة القدم بين شوطي مباريات الفريق الأول.
ومع سن الـ16 لم يكن هناك ما يمنع أن ينضم مارادونا إلى الفريق الأول، لتكلل جهوده باستدعائه إلى صفوف منتخب الأرجنتين الأول من المدرب المخضرم "سيزار لويس مينوتي" عندما بلغ من العمر 17 عامًا، ليلعب كأس العالم الأولى له عام 1982 عندما كان في الثانية والعشرين من عمره، محرزًا في هذه البطولة 5 أهداف، لكن مارادونا اضطر للانتظار 4 أخرى أخرى لمحاولة الحصول على اللقب بعدما خرج المنتخب الأرجنتيني من منتخب إيطاليا في الدور الإقصائي الأول، في المباراة التي لم يشارك فيها مارادونا بعدما حصل على بطاقة حمراء في آخر مباريات دور المجموعات.
مارادونا يحصل على كأس العالم بهدف "يد الرب"
توهج مارادونا عام 1986 بأداء هو الأعلي في مسيرته وربما أحد أفضل مستويات اللاعبين في التاريخ، أحرز دييجو 5 أهداف، وقدم 5 تمريرات حاسمة أخرى، ليساهم مع منتخب الأرجنتين في الحصول على اللقب، وربما الجميع لا يتذكر من هذه البطولة سوى لقطة "يد الرب"، عندما أحرز هدفًا في مرمى منتخب إنجلترا في نصف النهائي بيده، ليخرج بعد اللقاء ليقول عن الهدف "يد الرب هي من أحرزت الهدف الهدف وليست يدي".
أسطورة مارادونا بدأت مع أرجنتينوس جونيورز قبل انتقاله إلى بوكا جونيورز فى سن الـ21 مقابل مليون جنيه إسترليني في مبلغ قياسي وقتها، وسجل مع فريقه الأول 115 هدفا في 167 مباراة معظمها قبل الوصول إلى سن العشرين، وقبل وصوله إلى سن العشرين مثل منتخب الأرجنتين وعمره 16 عامًا فقط، وحقق أول ألقابه مع منتخب الأرجنتين وهو في الـ18 من عمره بالتتويج بكأس العالم للشباب.
وبعد انتقاله إلى برشلونة في 1982 عانى من التهاب الكبد وبعدها كسر في الكاحل وتوقع الجميع أن تنتهي مسرية النجم الشاب الموهوب لكنه عاد مرة أخرى من الإصابة وقرر بدء مرحلة جديدة في نابولي بعد خلافات مع مسؤولي برشلونة، ومنها تحول اللاعب الشاب الموهوب إلى أسطورة حقيقية تسحر كل من يتعرف عليها.
وقاد المنتخب الأرجنتيني للتتويج بلقبه الثاني والأخير في 1986 ثم الوصول لنهائي 1990.
أشهر الأندية التي لعب لها مارادونا
مارادونا لعب ضمن صفوف بوكا جونيورز وبرشلونة ونابولي وإشبيلية ونيولز أولد بويز، قبل أن يختتم مسيرته في بوكا جونيورز عام 1997، وكل ما بين عامي 1976 و1997 من مستوى فني ومهارات فائقة معروف للجميع.
مارادونا كان البطل المفضل لجمهور نابولي الإيطالي، إلا أنه كان أحد أكثر المكروهين في إيطاليا بعدما أقصة منتخب إيطاليا في نصف نهائي كأس العالم، ليتحول مارادونا من مارادونا المنقذ إلى مارادونا الشرير، وعندما أعلن مارادونا رحيله عن نابولي انهالت عليه عبارات السباب واللعنات، ببساطة لأنهم أحبوه أكثر من اللازم، أحبوه لدرجة لم يتصوروا معها أن يرحل منقذهم الشرير عن صفوف الفريق، وبعد أزمة المنشطات والمخدرات التي تورط فيها اللاعب، انتهت حكاية تألق مارادونا تمامًا في المستطيل الأخضر، حيث انتهت مسيرته الحافلة التي استمرت 21 عامًا ليسدل عنها الستار في عام 1997 مع بوكا جونيورز.
معتقدات مارادونا
دييجو أرماندو مارادونا يؤمن بالله، لكنه في نفس الوقت يؤمن أنه إله كرة القدم على الأرض، وحينما أحرز الهدف الشهير بيده، خرج ليقول إنها يد الله وليست يده.
نابولي مع مارادونا
لم يحقق نابولي قبل مارادونا أي إنجاز مهم وأبرز ما حققه كان لقبي كأس إيطاليا الأولى في 1962 والثانية في 1976، لكن مع مارادونا تحول فريق الجنوب الإيطالي إلى أحد أقوى أندية أوروبا والعالم.
حقق نابولي الدوري الإيطالي مرتين في 87 و90، وكأس إيطاليا في 87 والسوبر المحلي في 90 وبطولة أوروبا في 1989.
مشاجرة راقص التانجو الملكية
منذ رحيل الهولندي يوهان كرويف عن برشلونة في 1978، والنادي الكتالوني يبحث عن لاعب يستطيع تعويضه، حتى استطاع في يونيو/حزيران 1982، الظفر بتوقيع مارادونا من بوكا جونيورز الأرجنتيني مقابل 7.6 مليون دولار، ليصبح حينها أغلى لاعب في العالم.
مارادونا قبل انتقاله لبرشلونة، كان محط أنظار كبرى الأندية الأوروبية، خاصة مع مستواه الرائع في كأس العالم 1982، رغم عدم تتويج بلاده باللقب، لكن اللاعب فضل ارتداء القميص الكتالوني.
حقق مارادونا نجاحات لا بأس بها بعد عام واحد مع البارسا، حيث توج معه بثلاثة ألقاب وهي كأس ملك إسبانيا وكأس الدوري الإسباني والسوبر المحلي، حتى إنه كان أول لاعب من برشلونة تصفق له جماهير "سانتياجو برنابيو" ملعب ريال مدريد، بعد تسجيل اللاعب هدفًا في شباك الملكي خلال الانتصار 2-0، وذلك بعدما تجاوز الحارس أجوستين، ليصبح المرمى خاليًا، لكنه بدلاً من التسديد مباشرة، توقف بالكرة منتظرًا المدافع خوان خوسيه الذي حاول عرقلة مارادونا، ليقوم الأخير بمراوغته بشكل رائع، ثم سدد الكرة في الشباك.
الموسم الثاني، لم تسير الأمور بالشكل المرجو لمارادونا، حيث تعرض لمرض التهاب الكبد، ثم لعدة إصابات نتيجة عنف لاعبي أندية الليغا معه، ومنها ما قام به "أندوني جويكويتشيا"، لاعب أتلتيك بلباو في مباراة الفريقين في تاريخ سبتمبر/أيلول 1983، من تدخل وصف بالوحشي، تسبب في إصابة دييجو بكسر في الكاحل وسط شكوك عن إمكانية انتهاء مسيرته نهائيًا، غير أن الأقدارأنقذته، وعاد للملاعب بعد 3 أشهر فقط بعد علاج مكثف خضع له.
تلك الأمور جعلت مارادونا يعيش حالة نفسية غير جيدة، حيث بدأ يشعر وأنه أصبح هدفًا للتدخلات العنيفة من قبل لاعبي الفرق المتنافسة في إسبانيا، وهو ما يبدو أنه مهد لأحداث موقعة نهائي كأس الملك الشهيرة بين "برشلونة وأتلتيك بلباو"، في ملعب "سانتياجو برنابيو" في تاريخ 5 مايو/أيار 1984.
المباراة التي أقيمت بحضور 100 ألف متفرج وتحت أنظار الملك الإسباني خوان كارلوس شهدت تدخلات عنيفة للغاية على مارادونا، بعضها من جويكويتشيا الذي كاد ينهي مسيرة النجم الأرجنتيني في لقاء سابق، فضلاً عن بعض الهتافات العنصرية ضده من قبل أنصار بلباو.
ومع انتهاء المواجهة بتتويج بلباو بفوزه 1-0، انفجر مارادونا غاضبًا وقام بالتشاجر بالضرب باستخدام الأيدي والأقدام مع بعض لاعبي الفريق الفائز، ليتحول الملعب إلى حالة فوضوية كبيرة، بعدما انخرط في الشجار لاعبي الفريقين، كما دخلت الجماهير على الخط وقامت بإلقاء أشياء صلبة على من في الملعب من لاعبين ومدربين وحتى مصورين صحفيين، ما ترتب عليه في النهاية تعرض 60 شخصًا للإصابة.
الأحداث المؤسفة التي جرت تحت أنظار ملك إسبانيا، جعلت إدارة برشلونة تتخذ قرارًا فوريًا بأن موقعة بلباو هي الأخيرة لمارادونا مع الفريق الكتالوني، حتى إن أحد مسؤولي برشلونة في ذلك الوقت، قال غاضبًا، "عندما رأيت تلك المشاهد التي كان بطلها مارادونا والفوضى التي حدثت، أدركت أننا واللاعب لن نستطيع المضي قدمًا معًا".
من أسوأ اللحظات في تاريخ كرة القدم، اكتشاف تعاطي دييجو أرماندو مارادونا للمنشطات في كأس العالم 1994، فمنذ كأس العالم 1986 حمل مارادونا المنتخب الأرجنتيني على عاتقه، فمن منا ينسى هدفه الرائع أمام المنتخب الإنجليزي عندما راوغ معظم لاعبي إنجلترا.
أحيانا يفقد اللاعبون القدرة على السيطرة على أنفسهم بسبب الضغط الرهيب الذي يتحملوه وفي ذلك التوقيت عندما كان مارادونا الأفضل في التاريخ في رأي الكثيرين، فقد النجم الأرجنتيني القدرة على السيطرة فلجأ إلى إدمان الكوكايين والمنشطات.
وقبل الرحيل لكأس العالم فاجأ مارادونا العالم كله بلياقته البدنية العالية وفقدانه لكثير من وزنه وهاجم وقتها النقاد قائلا “لقد سئمت ممن يدعونني بالبدين سترون مارادونا في كأس العالم 94″، الأمر الذي دفع الجميع لانتظار ما سيقدمه الاسطورة الأرجنتينية.
وقبل لقاء منتخب نيجيريا في كأس العالم تعاطى مارادونا عقارًا لحل مشكلة جيوبه الأنفية وقد ساعده فعلاً، وقاد دييجو الفريق لتحقيق انتصار رائع، وبعد اللقاء تم اختيار مارادونا من ضمن 3 لاعبين لخوض فحص المنشطات وبالفعل قدم الأرجنتيني عينة للجنة الطبية.
وبعد عدة أيام بدأت الشائعات تتناثر بأن مارادونا فشل في فحص المنشطات وبدأ كل شيء في عالم كرة القدم الأرجنتينية بالانهيار، وبحسب ما أشار بعض النقاد في عالم كرة القدم فهو يعد أسوأ أيام الأرجنتين كدولة ليس على الصعيد الرياضي وحسب.
"الايفيدرين"، هو العقار الذي تناوله مارادونا، وبعد تسجيله للهدف الرائع أمام منتخب اليونان عندما احتفل بصرخات لمست عشاق كرة القدم الذين ظنوا أنه عاد من جديد، عاد مارادونا في يوم 30 حزيران/ يونيو شخصًا صامتًا حزينًا محاط بالعديد من وسائل الإعلام وأشار إلى أن الفيفا قد قصت ساقيه حسب ما قال، وذلك في محاولة منه لاستعطاف الجماهير والرأي العام وإبعاد الشبهات عنه، قبل أن يتخذ القرار الرسمي باستبعاد مارادونا من المشاركة رسميًا في كأس العالم لتنتهي أسطورة دييجو أرماندو مارادونا نهاية حزينة بالرغم من التاريخ الغني بالنجاحات حتى لو كان مثيرًا للجدل.
ويعتبر مارادونا واحدًا من الشخصيات الرياضية المثيرة للجدل وتستحق النشر، حيث تم توقيفه من كرة القدم لمدة 15 شهرًا في عام 1991 بعد ثبوت تعاطيه مخدرات الكوكايين، في إيطاليا، وتم إرساله إلى بلاده من كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة بعد ثبوت تعاطيه مادة "الايفيدرين".
قد يهمك
مارادونا يحقق انتصاره الأول مع فريقه الجديد في الدوري المكسيكي
مارادونا يؤكد أنه لم يكن لديه أي أمل في تحقيق الأرجنتين لإنجاز
أرسل تعليقك