كشف عضو اللجنة المركزية في حزب "جبهة التحرير" الجزائري، مصطفى دحام، عما يحدث داخل الأفلان، مشيرًا إلى الأزمة التي يشهدها الحزب، ومحمّلاً الأعضاء الذين اعتمدوا طريقة سلبية للوصول إلى السلطة نتيجة الغموض، والاحتجاجات، والخلافات، والأوضاع غير المرموقة وتفرقة الجميع في هذه المرحلة.
كما أكد مصطفى دحام، خلال حوار مع "المغرب اليوم"، أن طريقة انتخاب الأمين العام الحالي عمار سعيداني، تمت دون شفافية، منوهًا بعدم شرعيتها ومعتبرًا إياها الخلاف الوحيد بين كل الأطراف في اللجنة المركزية.
وأضاف: "الجانب الوحيد غير الشرعي طريقة انتخاب الأمين العام الحالي، ونحن نطالب بانتخابات شفافة، وقد تعدت الخلافات مقر الحزب إلى قبة البرلمان، فالأزمة لم تقتصر على شخصين أو ثلاثة أشخاص بل تعدتها إلى المؤسسات الحساسة، وكل الأطراف الموجودة الآن التي تدعم سعيداني، عليها تحمل مسؤولية الإخفاقات، إذ انعكس الأمر على اللجنة المركزية، وكانت تجتمع في دورتين سنويًا، لكن هذه المرة اجتمعت مرة واحدة فقط، وبالرغم من ذلك تبقى مطالب المعارضة بالشرعية "مستمرة" ولن تتوقف عند هذا الحد؛ لأنها صاحبة حقوق مشروعة، والطريقة التي يتعامل بها بعض الأطراف داخل الحزب، تدل على الإقصاء"، ثم تساءل عن الأعضاء الذين يدخلون القاعة دون انتخاب الأمين العام الجديد.
ثم أشار إلى أن "بعض الأطراف توجهت إلى مقر الأوراسي واتخذت موقفًا وانتخبت عمار سعيداني بطريقة تحتوي على شكوك كبيرة، وبالتالي المجموعة أو أغلب أعضاء اللجنة المركزية رافضون طريقة انتخاب سعداني في منصب الأمين العام وتبقى الخلافات مستمرة، نحن موجودون في الغرفتين وبالأغلبية العظمى وبالتالي التصرف لم يكن لائقًا حتى نفقد القيادة الحالية، إذ لم يتم الاتصال بأي عضو حالي في اللجنة، لعقد لقاء لانتخاب الأمين العام الجديد".
ومن جهة أخرى، نفى عضو اللجنة المركزية وجود أيّ خلاف بين كل الأطراف في اللجنة المركزية، لاسيما بين الأمين العام الحالي والأمين العام السابق للأفلان عبدالعزيز بلخادم، إذ دافع بقوة عن هذا الأخير معتبرًا إياه رجلا قدّم كثيرًا للجزائر عندما كان وزيرًا ورئيس حكومة والأمين العام للحزب، وعليه لا ينبغي التقليل من قيمة الرجل.
وأعرب عن قوله "بلخادم رجل مهم في حزب جبهة التحرير بأخلاقه ومواقفه السامية وبوطنيته، سواء عاد على رأس الحزب أم لا، إلا أنه يبقى عضو في اللجنة المركزية ومن حقه أن ينتخب مرة أخرى إن أراد ذلك وليس لأحد الحق في إقصاءه، لأن ذلك من صلاحيات رئيس الجمهورية في اختيار الأشخاص التي يتعامل معها".
واعتبر أن طريقة إقصاء بلخادم زادت من تعاطف كل الأطراف الفاعلة في جبهة التحرير معه، وسيبقى النقطة التي لها وزنها في الجزائر.
أما عن الأسماء المرشحة لرئاسة الحزب بعد سعيداني، فأكّد مصطفى دحام، أحقّية كل الأسماء في الترشح، وأن الانتخاب يبقى من صلاحية اللجنة التي ترى من هو الأصح والأصدق والأكفأ والأوفر حظًا لأن يترأس الأفلان.
من جهته، أكّد دحام أن موضوع الغاز الصخري تقني اقتصادي بحت، لكن هناك من أراد أن يقحمه في السياسة، باعتباره موضوعًا يتصدّر كل الأخبار السياسية محليًا وإقليميًا، مردفًا إن "هذا افتعال من جوانب أرادت أن تجعل من الغاز الصخري مادة خام لتعمل عليها بكل الطرق كي تجد مكانًا لها وسط الساحة السياسية مستقبلاً".
وأضاف "الإخوة في عين صالح هم جزائريون قبل كل شيء، هناك من الخبراء من أعطى مفهومًا آخرًا غير المفهوم الاقتصادي، باعتباره يسمم جوف الأرض، وآخر أعطي مفهومًا يفيد بأنه سيؤدي إلى إبادة جماعية لكل المنطقة".
كما نوّه إلى العمل الحالي بشأن دراسة تتلخص في حلول بديلة عن الطاقة الحالية وإيجاد تقنيات، كما أشار إلى كون الجزائر ليست الدولة الوحيدة التي تسعى إلى استغلال هذه الطاقة، فتقريبًا كل الدول المتطورة تنفّذ هذه التقنية بطرق راقية.
وذكر: "نحن كذلك في إطار التجارب التي قد تستمر لمدة زمنية تتراوح من 5 إلى 6 سنوات، حتى نضع نقاط حساسة في هذا الاستثمار، وموضوع الغاز الصخري تقني اقتصادي بحت، لكن هناك أطراف تريد الإبقاء على هذه الفكرة وكأنها حدث سياسي فهم يريدون تعقيد الوضع في الجنوب، نحن نريد الاستقرار لوطننا ولكل الشعوب، نريد إنجاز جديد بديل عن الطاقة القديمة لنوفر شروط لائقة للأجيال القادمة فهي بحاجة إلى طاقات جديدة".
وفي رؤيته الاستشرافية لتطورات الأحداث، ذكر عضو اللجنة المركزية للأفلان: "لا أعتقد أن الأحداث ستتطوّر إلى السيء، لأن الشعب الجزائري واع جدًا حول ما يحيط به في هذا الوضع والظرف الزمني، ومتفطن للمكائد التي تحاك ضد الجزائر".
واعتبر مطالب أهالي المنطقة مطالب اجتماعية مثل كل المطالب التي يدعو إليها كل الجزائريون شمالًا، شرقًا وغربًا، مثل العمل والسكن، وهي مطالب تتعلق بحقوق دستورية، وبالتالي الوضع الحالي في الجنوب لا يستدعي القلق، وستتضح الرؤية عما قريب وتنفرج الأزمة بفعل الحوارات وتجديد الثقة في الكثير من الناس التي تعمل في الحقل الاقتصادي.
ولأن الأزمة في الجنوب "اجتماعية"، أرجع دحام الأمر إلى الأطراف التي أرادت تفعيله واستغلاله باستعمال العنف، حتى تؤثر على القرار السياسي الحالي للجزائر، مركزًا على وقوف حزب جبهة التحرير دائمًا مع سكان الجنوب الجزائري ودائمًا مع كل ما يوفّر الأمن والاستقرار.
وفي النهاية، أكد دحام أن جبهة التحرير معتادة على الأزمات الأكثر خطورة من التي يعيشها الآن، مضيفًا "قريبًا ستندمل الجروح وتعود جبهة التحرير كما كانت إبان الثورة وبعد الثورة وفي البناء والتشييد، وباختيار الأسماء التي أنجبت الخيرة في البناء الديمقراطي والتعددية السياسية في البلاد، الأفلان أنقذ البلد في مراحل كثيرة من قساوة الانهيار".
أرسل تعليقك