ريجيس دوبريه ينصح في كتابه الأخير نجله بألا يتبع مساره
آخر تحديث GMT07:13:02
 الجزائر اليوم -
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

ريجيس دوبريه ينصح في كتابه الأخير نجله بألا يتبع مساره

 الجزائر اليوم -

 الجزائر اليوم - ريجيس دوبريه ينصح في كتابه الأخير نجله بألا يتبع مساره

المفكر الفرنسي ريجيس دوبريه
باريس - العرب اليوم

 لا يكفّ المفكر الفرنسي اللامع ريجيس دوبريه عن الإنتاج الفكري الطارح للأسئلة والمثير للنقاش واللصيق بعالم اليوم وتحولاته المتسارعة. تبدو أفكاره كأنها ذات معين لا ينضب، فهو غزير الإنتاج، يصدر كتابين على الأقل في كل عام. وعند كل إصدار، يصير نجم أغلفة المجلات وصفحات الجرائد وضيف الأثيرين المسموع والمرئي بلا منازع في فرنسا التي ما زالت تفرد حيزاً ولو متناقِصاً للثقافة الرصينة والمفيدة. وضمن هذا المنظور فإن دوبريه يمثل «المثقف» بامتياز بتعبير إدوارد سعيد من حيث دوره في الاشتباك المستمر مع واقع مجتمعه عبر أفكاره الحيوية وطروحاته التي تصب في المصلحة العامة.

ولكتابه الأخير «بيان الإخفاق» (منشورات غاليمار) مكانة شخصية إن جاز التعبير، فهو مكتوب على شكل رسالة وموجّه لابنه المراهق أنطونان البالغ من العمر ستة عشر عاماً، عند لحظة مفصلية في حياته، حيث يكون الخيار أو التوجه الدراسي مهماً في بلورة مستقبل المرء وعمله، فما النصيحة للاختيار: بين الفلسفة والأدب بقيمتهما الرمزية الرفيعة، أو عالم المال والأعمال ببريقهما النقدي، أو التكنولوجيا بسحرها وقوتها وإقناعها العلمي الواقعي، أو عالم السياسة النفعي المتقلب؟ وكيف يمكن لمن في عقده السابع وصاحب تجربة متنوعة وطويلة وغنية نصح وإقناع مراهق يعيش عالم اليوم الرقمي؟ «عمرك ستة عشر عاماً، وأنا في السادسة والسبعين. هاوية. أن يكون المرء أكبر من اللازم فهذا لا يعطي أباً السلطة المطلوبة كي يجعل ابناً يسمع كلامه. أنت تسألني عمّا تفعل بحياتك، وأنا أسأل نفسي عمّا فعلته أنا بحياتي. تريد الخروج من الطفولة، وأنا أحلم بالرجوع إليها. فكيف أوجّهك في غابات الغد؟».

الجواب موجود لا في مضمون الكتاب فحسب طبعاً، بل أيضاً في أسلوبه المغلّف بروح الفكاهة والظرف، والبعيد من الأوهام، إذ لا يتردد دوبريه في أن يقول لابنه مثلاً إنه مثل «جد بمثابة أب»، وأنه لو أراد النجاح في حياته فعليه ألا يتبع خصوصاً مسار أبيه «المتشيطن المشاكس، والكاتب الركيك الغث، والصحافي الرديء». فدوبريه لا يتردد في أخذ خيبات أمله و«إخفاقاته» بخفة، من دون أن يتخلى بالطبع عن أسلوبه «الإشاري» في الكتابة، حيث تحيل الصفات المشتقة من أسماء علم وأحداث معينة إلى أفكار معقدة وقوية وواقعية.

استعار دوبريه لكتابه عنواناً يستبطن عالم المال والأعمال، من دون أن يعتّم على مضمونه الفكري والشخصي. فـ«بيان الإخفاق» يعني باللغة التجارية محصلة عمل تاجر أو شركة على شفير إشهار الإفلاس، وباللغة الاستعارية التي يبرع فيها دوبريه، فإنه يعني تقريراً شخصياً عن «إخفاق» التجربة الناجم لا من صواب خيارات المثقف بقدر ما هو ناجم من أثر التحولات الكبرى في عالم الرأسمالية المعولمة في حياة الفرد، حيث الصورة والشبكة والأرقام والتسويق الإعلامي تحل محل الكلمة والأفكار.

الكتاب شخصي بقدر ما هو سياسي، فيه يعيد دوبريه تتبع أثر طريقه السياسي والآيديولوجي. ووراء لفظ «الإخفاق» الظاهر، ثمة عمل رائع لنقل خلاصة التجربة، إذ هو يكتب من دون عاطفة لكن بحساسية عالية، كاشفاً أوهامه الضائعة وأوهام جيل بأكمله في الوقت نفسه، مركزاً على فكرة رئيسية تقول بأنه شاهد على نهاية حقبة، عند تلك البرهة تماماً حيث تُقلب الصفحة. فالبنية التحتية نفسها تغيرت، إذ إن الاتصال الجماهيري والتأثير في المجتمع عبره، لم يعد يمرّ من طريق الكتب وتقريرات الخبراء، ولم يعد ثمة منظور ولا ذاكرة، فقد حلّت الصورة السريعة تلو الصورة الأسرع مكان كلّ شيء تقريباً، وصار الظهور المستمر غاية في حدّ ذاته.

دوبريه الذي عمل كما هو معروف مستشاراً سياسياً (1981 - 1985) في قصر الإليزيه إبّان حكم فرنسوا ميتران، ينصح ابنه بالابتعاد عن السياسة، مبيناً له الأمر بخلاصة لا تخلو من الاستهزاء الذاتي لكن من دون أية شفقة على الذات: «على أي حال، لو أردت الانخراط في مجال العلوم السياسية من أجل أن تركب سيارة (ليموزين) تابعة للحكومة ذات نوافذ بزجاج غامق، وفّر على نفسك إذن الامتحانات، والأطروحات والاستدلال الدقيق المتنوع. أكرر لك أن التفكير المنطقي لا علاقة له بالأمر في مجال نشاط غير عقلاني تماماً».

ويفصّل الأمر من تجربته، حيث يسرد مصير كتب سياسية له منها «نقد الأسلحة» (1974)، وفيه نقد ذاتي مفصل وموثق لنظرية بؤرة الثوريين المتمردين الطليعيين التي عرضها في كتاب «ثورة في الثورة» (1967)، وكتاب «السلطة والأحلام» (1983)، و«إمبراطوريات ضد أوروبا» (1985)، حيث الأول ينتقد الواقعية السياسية، والثاني «ينفّس» التهديد السوفياتي الشمولي المبالغ في تقديره، آنذاك. ويلاحظ أن أياً من تلك الكتب لم يحمل ولو تأثيراً بسيطاً لدى الفئة الموجهة لها. ويعلّق بظرف أن تلك الكتب لم تضف ولا نغمة في أغنية الشيوعيين «الغد لنا أيها الرفاق». الشيوعيون أنفسهم، الفرنسيون منهم تحديداً، كانوا أيضاً موضوع كتاب/ رسالة عام 1978، نبّه فيها دوبريه إلى انسداد أفق الحزب. بظرف بالغ ومن دون مرارة يسرد ريجيس مصير تلك الكتب - الواقعية والمستشرفة حقاً - من الإهمال حيث «النسخ الباقية منها تراكمت في القبو، وحتى بائعو الكتب المستعملة يترددون في شرائها بالوزن. المضحك في الأمر، أنني لن أحصل على عائد من هذه الكتب غير المباعة وغير القابلة أصلاً للبيع. بيد أنني بعد قراءتها مرّة أخرى، أستطيع أن أرى راهنيتها، إذ لطالما أكدت صحَتها الأحداث».

وربما كانت راهنية كتابة دوبريه (وقتها في نهاية عقد الثمانيات من العقد الماضي) عن الهجمات غير التقليدية/ العمليات الانتحارية حيال قوى عظمى وضمن سياقها وما تفرضه من سيطرة كلية، من أقوى الدلائل على ضعف اهتمام أصحاب القرار السياسي بكتابات المفكر: «لقد تحدّثت عن احتمال قوي للالتفاف على الردع النووي من خلال (هجمات غير تقليدية) تحت سيطرة غير مباشرة من أي قوة عظمى، وبالتالي فمن الصعب التحايل عليها عبر الدبلوماسية، إذ إن منطقها ليس منطقنا، والسبب أنه بمجرد أن يصير الموت أمراً مرغوباً وتعويضياً، فليس من أضرار غير مقبولة. كان على بن لادن أن يدلي بهذا التأمل، لكن لا، أدقّق القول، بعد هذه التنبؤات، فإن مجال تأثيري لم يتجاوز جدران مكتبي».

ولا ينقصه الظرف في الاستنتاج إذ ينصح ابنه خصوصاً بتجنب أن توكل إليه السلطة كتابة تقرير، «لأن ثمة احتمالاً (9/ 10) بأن يكون كحشرجة الموت المخصصة لتهدئة عطشنا للشعور بالأهمية». ويلخص عملاً مماثلاً بالقول: «أن ترغب في تمرير الأفكار ضمن مهنة يتنازل فيها منطق الأفكار عاجلاً أم آجلاً لصالح منطق القوى، يبدو لي أمراً مازوشياً».

ومقابل تلك النصيحة/ الوصية بالابتعاد بقوة عن السياسة، يميل دوبريه إلى تفضيل خيارات أخرى، قد تبدو متناقضة مع معرفتنا بمسيرته الفكرية، إذ يطرب لاختيار ابنه للعلوم الدقيقة، والبحث العلمي في التكنولوجيا، لأن الجهد الفكري المستثمر فيهما أكثر جدوى برأيه، من حيث المنفعة العامة. ويفصح عن إعجابه بـ«بساطة العلماء» وافتتانه بطبعهم الخاص في ألا يبحثوا عن إثارة الإعجاب.

وفي كلام آخر، ينتصر دوبريه للتقدّم العلمي مقابل عالم السياسة القائم على المصالح والقوّة. وليس في الأمر مفاجأة حقاً، إذ إن الفكرة القوية التي كانت سائدة في فترة شبابه وصقلته كما صقلت غيره من المفكرين والفلاسفة، قالت ببساطة إن التقدم العلمي هو الأساس والسبيل لتقدّم المجتمع، لكن دوبريه اعترف لاحقاً بأنه تم تضخيمه على حساب الدين العائد بقوة في المجتمعات (العربية والغربية) كما لاحظ في أكثر من كتاب له. مع ذلك، أطلَّت تلك الفكرة «الصحيحة» من ثنيات طريق الوصية الجميلة: التقدم العلمي مقابل دهاليز السياسة.

صحيح أن الأدب هو الخاسر الأكبر في جعبة النصائح تلك، لكن العزاء في أسلوب دوبريه الذكي المليء بالإحالات والإشارات، التي تبطن ثقافة واسعة وإدراكاً حقيقياً للحظة «نهاية عصر» التي نعيشها اليوم.

إن كتاباً/ وصية كهذا، يصبح نوعاً من المتعة الخالصة، وللقارئ أن يغبط أنطونان على ما يقول له أبوه دوبريه: «أتمنى لك أن تؤمن بشيء ما، وألا تُراكم المعارف فحسب... وحافظ على حصتك من النار. إنها الوقود الذي نحتاج إليه للخروج عن العادي المألوف، بكل لا مسؤولية».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ريجيس دوبريه ينصح في كتابه الأخير نجله بألا يتبع مساره ريجيس دوبريه ينصح في كتابه الأخير نجله بألا يتبع مساره



GMT 00:16 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

صيحة جديدة من مكياج "المونوكروم" لموسم خريف 2017

GMT 17:51 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

اختيار تامر شلتوت سفيرًا للسلام في مهرجان ابن بطوطة الدولي

GMT 14:53 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب سلة الأهلي يواصل برنامجه التأهيلي في الفريق

GMT 11:36 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 20

GMT 21:44 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات ترتيب المطبخ وتنظيمه بشكل أنيق

GMT 02:22 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مؤسسات لبنانية تستثمر في إنتاج 2.6 ميغاواط كهرباء من الشمس

GMT 09:16 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

الفراعنة أول من عرفوا السلم الموسيقي

GMT 08:31 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بيروجيا إحدى بوابات التعليم للأجانب في إيطاليا

GMT 13:16 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

انطلاق تصوير الجزء الثاني من مسلسل عروس بيروت في تركيا

GMT 19:14 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

علي النمر يبدي سعادته بتحقيق فريقه الانتصار أمام الأهلي

GMT 21:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرَّف على أشهر وأفضل 10 مطاعم في تايلاند

GMT 02:15 2018 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

مستحضرات تجميل عليكِ وضعها في الثلاجة

GMT 10:41 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

أغنية Bella Ciao بشكل جديد بصوت جمهور عربى

GMT 15:32 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تعليق رحلات طيران الاتحاد بين أبوظبي وطهران

GMT 18:44 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

منتخب شابات الطائرة يخسر من الصين في بطولة العالم

GMT 07:40 2016 الإثنين ,08 شباط / فبراير

الكُنغر "روجرز" يُبهر الجماهير بعضلات بارزة

GMT 02:52 2017 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

دراسة تكشف أن ثمار المانجو تمنع أمراض القلب

GMT 17:59 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة رئيس جامعة تعز في اليمن من محاولة اغتيال
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria