المنامة ـ وكالات
شهدت البحرين في الربع الأخير من العام الماضي هدوءا في سوق المكاتب، حيث كانت هناك تحركات بسيطة سواء في الدخول إلى السوق أو الخروج منه، فضلا عن تباطؤ القوى الدافعة المنظمة للسوق. ولا يزال تقبل الناس للمساحات الجديدة القائمة في المنطقة الدبلوماسية ضعيفًا، حيث تعاني تعذر الوصول إليها بالسيارات، والتجوال وضعف مرافق مواقف السيارات، مع هجر العديد من المستأجرين لها على مدار السنوات القليلة الماضية.
وبيّن تقرير صادر من شركة سي بي آر إي للاستشارات أن سوق المكاتب في البحرين يركز على المساحات الأصغر نظرًا لحساسية المستأجر الشديدة تجاه الإيجارات وسعيه الدائم للحصول على مساحات تجارية مناسبة للحدِّ من إنفاق رأس المال. ولا تزال الأبنية الجديدة المعروضة على أساس ''الحد الأدنى من المتطلبات'' غير جاذبة على الإطلاق للسوق، كما أن هناك أوجه خلاف بين المستأجرين المحتملين وأصحاب العقارات حول إنفاق رأس المال المطلوب لشغل المساحات المتاحة.
وكشف التقرير أن عمليات توسعة طريق الشيخ خليفة بن سلمان، والذي يُمثِّل في الأساس الكورنيش الشمالي، أدى إلى تحسين قدرة موظفي المكاتب على الوصول إلى الأماكن الممتدة على طول الطريق في المناطق التجارية مثل المنطقة الدبلوماسية. ورغم ذلك لا تزال القدرة على الوصول إلى الأماكن داخل المنطقة ذاتها متعذرة، ويظل الإقبال عليها ضعيفًا.
بينما يواصل شاغلو المساحات التجارية المتوسطة والمتميزة في البحرين وضع أولويات لمقومات الاختيار عند البحث عن مساحة شاغرة في الوقت الراهن، والتي من أبرزها أن يكون الموقع في حي السيف،أن تكون المساحة مناسبة، حوافز أخرى (مثل فترات إيجار مجانية)، مرافق صف السيارات، سهولة الوصول إليه
وأشار التقرير إلى أن قطاع النفط والغاز وشركات التأمين المطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية قد دفع نمو الطلب على المساحات المكتبية بقدر محدود، إلا أن السوق قد احتوى هذا الطلب على نحو كبير الآن ، الأمر الذي أدى إلى قيام نشاط في الوقت الحالي بين الوزارات الحكومية لإعادة تنظيمها وظلت معدلات إيجار المساحات التجارية مستقرة لعدة أشهر، دون أي اختلاف يُذكر، ونرى أن هذا يمثل أدنى مستوى لدورة الإيجارات الحالية.
ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أن تحولا سريعًا نحو النمو يلوح في الأفق بدخول السوق في المرحلة المقبلة، بل يعني أننا جميعًا مترقبون لانتعاش الأحوال الاقتصادية الذي قد يؤدي حتمًا إلى استيعاب المساحات الحالية الشاغرة ونمو معدلات الإيجار في النهاية.
أما بخصوص حركة سوق إيجار المساحات السكنية، فقد استمر التعافي في نشاط قطاع الشقق مع ثبات معدلات الإيجار أخيرًا في معظم المناطق. رغم أن العديد من أماكن المجمعات السكنية لا تزال تشهد تراجعًا طفيفًا في الإشغال وقيم الإيجار على حد سواء. ويبدو أن اجتماع هذه العوامل يشير إلى أن التوترات السياسية في البحرين أدت إلى إحجام الوافدين مع أسرهم عن التوجه إلى البحرين، فيما ساهم الوافدون من غير المتزوجين في تحريك هذا الركود بعض الشيء.
وذكر التقرير أن شعور الأجانب الغربيين العاملين في السعودية بأجواء أكثر انفتاحا في البحرين زاد من الطلب على المساكن في البحرين من قِبل الأعداد المتنامية من العمالة الأجنبية والمدفوعة بحدوث طفرة في قطاع النفط والغاز على وجه الخصوص. وذلك الأمر يهيئ فرصة مميزة للغاية لموقع البحرين، وبصفة خاصة للمجمعات السكنية الواقعة في محيط منطقة الهملة (على الساحل الغربي للمملكة)، حيث يمكن للوافدين المقيمين فيها التوجه إلى المنطقة الشرقية السعودية عبر الجسر الذي يربط بين البلدين.
أما في قطاع إيجار الشقق فلا تزال معدلات إيجار المساحات السكنية بجُزر أمواج ثابتة، ونسبُ الإشغال مرتفعةً، نظرًا لشهرة المنطقة بين أوساط المهنيين الوافدين من الشباب. وعلى الرغم من إخفاق العديد من مشاريع الشقق الفاخرة في هذه المنطقة، إلا أنه يوجد عدد قليل من الوحدات الجديدة الشاغرة، وتعد خيارات المستأجرين الوافدين محدودة للغاية فضلا عن ارتفاع الأسعار إلى حد كبير. وتمثل جزيرة ريف وضاحية الجفير أكثر الأماكن شهرة باستعلام المستأجرين عنهما، وذلك لقرب جزيرة ريف من المكاتب التجارية وحي التسوق في منطقة السيف، فضلا عن وجود أبنية جديدة على أرضها، أما ضاحية الجفير فتضم مختارات من الوحدات السكنية الجديدة الشاغرة بأسعار تنافسية.
ومن المناطق التي يسكنها الوافدون والأكثر تأثرًا بالأسعار أيضًا العدلية والماحوز اللتان تقعان في أقصى جنوب المنامة؛ إذ إنهما من المواقع الرئيسة، ولكن وجود عدد كبير من الأبنية القديمة أدى إلى تفاقم ظاهرة قيام بعض مالكيها بتأجيرها إلى أطراف أخرى يؤجرونها بدورهم لأغراض ''إقامة العمال''. وغالبًا ما ينتهي الأمر بهذه الأبنية إلى قيام عدد كبير من الشباب الوافدين بتأجيرها والسكنى وسط أحياء سكنية عادية. وقد باءت كل محاولات تنظيم مثل هذا النوع من النشاط بالفشل حتى الآن، نظرًا لوجود معوقات أساسية يتعذر معها إثبات الوضع أو تفعيل الإجراءات.
وتتواصل مبيعات المساحات السكنية، وإن كان ذلك بطيئًا وقاصرًا على فئة محددة من المشترين. فلا يزال التعامل مع احتياجات السوق ''ذي الأسعار المعقولة'' صعبًا لعدد من الأسباب. وغالبًا ما يكون أعقدها تأسيس الموقع والبنية التحتية، وكذلك أسعار الأراضي التي تتجاوز حدود الواقع التجاري، واللوائح الحكومية التي لا تتيح للقطاع الخاص في أغلب الأحيان طرح حلول مبتكرة فضلا عن ارتفاع تكاليف الرهن العقاري. فلا يزال هذا القطاع حاليًا خارجًا عن نطاق مسار التنمية والتطوير، حيث ينخرط المطورون إما بمشاريع الأبنية الجالبة للدخل المتوسط أو المرتفع، أو يسعون إلى مساعدة الحكومة في برامج مشاريع الإسكان الاجتماعي.
وقد تأثرت أيضا المبيعات الموجهة لأصحاب الدخل المرتفع، وخاصة فيما يتعلق بقطاع الشقق الذي واجه إخفاق عدد من مشاريع الإسكان الفاخر ذات التكلفة الباهظة، إذ لم تجرِ تسويتها بعد مع المستثمرين بطريقة فعالة، ولا تزال معلقة دون حل. وسيظل المستثمرون والمستخدمون النهائيون متحفظين بشأن الشراء من على الخريطة وسط هذه الأجواء، وسيستعيدون شعورهم بالحذر الذي سبق أن تخلوا عنه منذ عِقد مضى عندما كان المشترون يبتاعون فقط ما يرونه فعليًا أمام أعينهم.
وعلى صعيد قطاع الإسكان الاجتماعي، يبدو أن العمل في المرحلة الأولى من المساكن التي ستقام على الجزيرة المستصلحة في المدينة الشمالية قد أوشك أخيرًا على البدء، بعد عقد من إطلاق المشروع لأول مرة. فعلى الرغم من أن التصورات المبدئية للمشروع قد وضعت لاستيعاب ما يزيد على 75 ألف منزل إلا أن الجزيرة تُركت دون بنية تحتية أو ربط مناسب بشبكة من الطرق لعدة سنوات. وقد قوبل الإعلان عن العمل في الـ 500 منزل الأولى بترحيب شديد. وسيخصص معظم الإنفاق الحكومي لمحاولة حل مشكلة قائمة انتظار الإسكان الكبيرة التي تضم 50 ألف مستفيد من دعم مارشال المالي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي تبلغ قيمته عشرة مليارات دولار، إلا أن هذا العدد من الوحدات السكنية يستلزم عدة سنوات لإتمام أعمال إنشائه في الوقت الذي تتواصل فيه زيادة الأعداد في قائمة الانتظار.
أرسل تعليقك