الرياض ـ العرب اليوم
سجل المؤشر العقاري لقطاع التمليك أداء منخفضا ونشاطا متعثرا في النصف الأول من العام الحالي في كل فروعه وأذرعه التجارية التي تأثرت بشكل سلبي؛ إذ لم يستطع القطاع العقاري الخروج من أدائه المتواضع الذي استمر أكثر من خمس سنوات رغم محاولات الحكومة إنعاشه، إلا أن العزوف الكبير عن المبيعات هو أهم ما يميز السنة الأخيرة، التي شهدت أقل مستوى في عمليات البيع، نظرا لاستمرار ارتفاع الأسعار.
وبذلك دخلت السوق المحلية منحنيات مختلفة منذ بداية العام بين زيادة بسيطة في نسبة مبيعات الأراضي المنفردة وانخفاض مبيعات المباني القديمة، وبين ضمور في إنشاء المجمعات السكنية الكبيرة وتناقص في مبيعات الفيلات والمنشآت التي تعود ملكيتها إلى المواطنين.
من جهته، شخّص حمود الحارثي، يمتلك شركة «التطورات للاستشارات»، حالة السوق خلال النصف الأول من العام الحالي؛ حيث أكد أنها «لا تسير بالشكل المطلوب، بل بعكس معطيات الحالة الاقتصادية؛ إذ إنه في الوقت الذي يسجل فيه الاقتصاد المحلي فائضا في موازنته وارتفاعا في العرض، فإن الطلب ما زال منخفضا منذ خمس سنوات، لكن السنة الماضية كانت الأشد توقفا عن الطلبات، نتيجة تحليق الأسعار خارج السرب؛ مما أثار حالة من التساؤلات عن أسباب توقف الحركة، رغم حاجة السعودية إلى مئات الآلاف من الوحدات السكنية لسد العجز الحاصل في الإسكان».
وحدد الحارثي القطاعات العقارية الأكثر سكونا، فقد وضع على رأسها: «مبيعات المباني القديمة، ومبيعات الفيلات التجارية التي كانت تتزعم العمليات العقارية الأكثر نشاطا، إلا أنه ومنذ بداية العام فإن الهدوء إحدى السمات الرئيسة للعقار في سوق أصبحت في عداد أكثر القطاعات الاقتصادية توقفا عن تحقيق الأرباح»، لافتا إلى أن «اختصار وضع السوق خلال الأشهر الستة المنصرمة هو عزوف على الطلب رغم وفرة العرض؛ مما جعل السوق تعيش دوامة من الركود، ولم تنعكس عليها إيجابا حاجة السكان إلى التملك».
من جهته، قال عبد الله الإبراهيم، عقاري سعودي، إن «حال السوق خلال الفترة الأخيرة غير معروف؛ إذ من المفترض أن السعودية من أكثر الدول التي تحتاج إلى مزيد من الإنشاءات العقارية، لكن التوقف عن المبيعات جعل الشركات الإنشائية الكبرى تؤجل مشروعاتها أو تنهيها في ظل هذه الحالة المتردية»، لافتا إلى أن «مشروعات كبرى توقفت أو ألغيت بسبب نقص سيولة المواطنين، وباتوا متخوفين من عملية التمويل العقاري عن طريق البنوك التجارية؛ حيث أصبحوا يتفرجون على المباني دون أن تكون لديهم قدرة مادية على امتلاكها، أو بسبب تصحيح أوضاع العمالة، رغم تنافس البنوك على تمويلهم لتملك العقارات، لكنها لم تكن بالشكل نفسه الذي كان يطمح إليه المستهلك البسيط».
وأضاف: «يجب إعادة النظر في الأسعار الحالية للعقارات، لأنه مهما زادت العروض والمغريات فإن المواطن البسيط لا يستطيع امتلاك العقار إذا أخذ في الحسبان تمثيله شريحة كبيرة من السكان المحليين، وستستمر السوق في أدائها المنخفض إن لم تعد الأسعار إلى طبيعتها»، مبينا أن «تملك السكن على رأس أولويات المواطنين الذين تلاشى لديهم هذا الحلم بسبب ارتفاع الأسعار وعدم اقتناعهم بالتمويلات التجارية التي لم تكن جاذبة لهم».
وقال عبد الله الزير، يمتلك مؤسسة عقارية متخصصة: «إن مؤشرات السوق العقارية تشهد توقفا يلف قطاعاتها بشكل عام، بغض النظر عن بعض التحركات الفردية أو الصفقات الصغيرة التي تجري من فترة إلى أخرى، والتي تعد محركا بسيطا في قطاع كبير يعمل بمليارات الريالات، ومن المفترض أن يكون أداؤه أضعاف حركته الحالية»، لافتا إلى أن «الحال لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه إذا أخذ في الحسبان أن العقارات تشيخ مع الزمن وتنقص قيمتها، خصوصا أن بعضها تبلغ قيمته ملايين الريالات؛ مما يجعل الاستثمار فيها غير مرغوب رغم تزعمه شتى القطاعات الاقتصادية الأخرى في فترات ماضية».
وعن تأثير هذا الركود في الأداء العام للسوق، أوضح الزير أن «عمليات البناء شبه متوقفة في ظل ارتفاع أسعار الأراضي وأسعار المقاولين وعمليات تصحيح أوضاع العمالة، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف مواد البناء التي أصبحت تشكل ضغطا إضافيا على أداء القطاع الذي لم يعد يحتمل مزيدا من الضغوط، خصوصا أن السوق تترنح بشكل يعجز عن تفسير ما يحدث فيها».
وكانت الحكومة السعودية تحدثت عن ضخ مئات الآلاف من الوحدات السكنية خلال الأعوام القادمة عبر وزارة الإسكان، إلا أن السوق حتى الآن تشهد انخفاضا في المبيعات وضمورا يلف القطاعات العقارية بأكملها.
أرسل تعليقك