بقلم احمد المالكي
تعتبر وفاة عدد كبير من الحجاج، سواء في كارثة "رافعة الحرم" أو "حادث مشعر منى"؛ كارثة، بكل المقاييس، وتكرار حوادث مثل هذه كل عام؛ دليل على الاستهانة بأرواح الحجاج، ولا أريد الحديث في هذا المقال عن تقصير المملكة العربية السعودية، في تنظيم وإدارة الحج على نحو مقلل، على الأقل الخسائر في الأرواح؛ لكن وبحسب رواية الحجاج المصريين؛ بدأت أميل إلى تصديق الرواية الإيرانيه حول تجاوز عدد القتلى في حادث "مشعر منى" حاجز الـ2000 قتيل والآلاف من المفقودين.
وبلا شك أنّ إيران استغلت حادث "مشعر منى" سياسيًا لمصلحتها؛ لذلك حديثي في هذا المقال سيكون بعيدًا كل البعد عن الصراع السياسي بين إيران والمملكة العربية السعودية، فهناك تقصير واضح من أعضاء البعثة الرسميه للحج تحت قيادة وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة الذي رفض هذا الاتهام جملة وتفصيلًا، واعتبر أنّ كل من يوجه إليه اللوم بالتقصير؛ ينتمي إلى جماعة "الاخوان".
فالتقصير من أعضاء بعثة الحج الرسمية؛ فضحه المتطوعون من المصريين العاملين في المملكة الذين بذلوا جهودًا ومازالوا للبحث عن جثث الحجاج المصريين، في الوقت الذي وجدت فيه سفارات وقنصليات دول أخرى، مواطنيها؛ لكن أعضاء السفارة والقنصلية المصرية؛ كانوا في إجازة عيد الأضحى، ولم يتحركوا لطمأنة أهالي الضحايا الذين حاولوا التواصل معهم؛ لكن من دون جدوى.
وعمل الإعلام، للأسف، بهذا الدور بدلًا من الحكومة، وحاول توصيل أهالي الضحايا مع المتطوعين في المملكة، وربما لأن الإعلام وجد أنّ أعضاء البعثة الرسمية في الحج تقبع داخل الغرف المكيفة، وبدلًا من أن تنفذ دورها وتكون مسؤولة عن الحجاج؛ أهملت وفضلت الغرف المكيفة على خدمة الحجاج المصريين.
وأبرز التلفزيون المصري، صباح الثلاثاء، في نشرة الساعة الواحدة صباحًا، أنّ عدد الوفيات وصل إلى 54، بينما قبل هذه النشرة، كان هناك تصريح على لسان وزير الاوقاف يقول فيه إن عدد الوفيات ارتفع إلى 74، فحتى التلفزيون المصري الذي من المفترض أنّه جهة رسمية أو تلفزيون الدولة كما نقول؛ لم يمتلك المعلومة الصحيحة، وهذه كارثة ثانية.
وقال قنصل مصر في جدة السفير علاء الأفي، خلال إحدى البرامج، إن أعضاء البعثة الرسمية لا يتحدثون، وأنه لا يستطيع التحدث لأن لديهم أمرًا أو تعليمات لعدم الحديث في هذا الموضوع؛ كي لا تتضارب التصريحات، ولا أفهم صراحة، هل حياة الناس أصبحت مجرد تصريحات متفق عليها وأصبحت حياة الناس لاتهم هؤلاء المسؤولين؟ وإذا كان هناك تخوف من التضارب في التصريحات، متى تظهر الحقيقة؟ ولماذا لا يكون في بعثة الحج الرسمية "إدارة أزمة" تتحرك عندما يكون هناك كارثة أو تمنع عن الحجاج المصريين الكوارث؟
وبالعودة إلى إيران، فالرئيس الإيراني حسن روحاني، قرر العودة من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ لحضور تأبين جثامين الحجاج الإيرانيين، أما الحجاج المصريين مازال البحث جاريًا عنهم، وبحسب رواية المتطوعين، هناك الآلاف من الحجاج المصريين مفقودين، وكنت أتمني ألا أكتب مقالًا في هذا الشأن؛ لأنه من المفترض أنّه بعد ثورتين في مصر؛ سيكون هناك اهتمام بالإنسان المصري، سواء في الداخل أو الخارج.
لكن للأسف، وباْعتراف السفير الالفي فهناك جثث للمصريين داخل عربات فيها ثلاجات خارج المستشفيات وفي الشوارع تنتظر دورها، وهذه "قمة المهزلة" أن تهان كرامة المصريين حتى في خارج الوطن وبعد موتهم، هناك غضب عارم من الأهالي الذين فقدوا ذويهم، ولا يعرفون عنهم أي شيء، فمن يطمئن قلوب هؤلاء، ومن سيشفي غليل هؤلاء بعد تقصير أعضاء بعثة الحج الرسمية بقيادة وزير الأوقاف الذي يرفض توجيه اللوم إليه بالتقصير؟
كتبت على صفحتي الشخصية وسأكرر ذلك هنا في المقال للقراء الأعزاء، أنه بعد تقصير أعضاء بعثة الحج الرسمية ووزير الاوقاف بالاهتمام بالحجاج المصريين، وحمايتهم، والتقصير في البحث عنهم، بعد حادثة المشعر؛ أطالب بتحويلهم إلى المحاكمة، وأطالب بإقالة وزير الأوقاف؛ لأنه غير جدير بهذا المنصب، وتعيين الدكتور أسامة الأزهري وزيرا للأوقاف.
وبصراحة، ومن وجهة نظريـ فالدكتور الأزهري يستحق منصب وزير الأوقاف عن جدارة، شخص محترم ومحبوب عند كثير من الناس، ويستطيع مواجهة الأفكار الهدّامة، وقادر على إجراء مناظرات فكرية في الدين، وأتمنى من الله أن يطمئن لأهالي الحجاج على ذويهم، وأن يعود كل حاج غائب إلى أهله سالمًا غانمًا بإذن الله، وأن يرحم الضحايا ويجعل مثواهم الجنه إن شاء الله.