يوميات روسيا20
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

يوميات روسيا..20

يوميات روسيا..20

 الجزائر اليوم -

يوميات روسيا20

بقلم: يونس الخراشي

لكل مكان سحره الخاص. وحيث كنا، في ذلك النزل البعيد وسط قرية معزولة بكالينينغراد، شعرنا بشيء من الراحة المفتقدة لفترة طويلة من الزمن. وكان طبيعيا أن نشعر بالحزن ونحن نفارق أرضا وفرت لنا بعض الراحة. مع أننا في واقع الأمر كنا فرحين بالمغادرة، متشوقين إلى موسكو، بصخبها، وما تمنحه للإعلامي، في حالات كهذه، من فرص للكتابة، والتصوير، والتنويع.

كنا نلتقي بصاحبة النزل لنودعها، ونسلمها المفاتيح. فاقترحت علينا بعض الشاي. دعتنا إلى مطعم غير مستعمل. وهناك تذوقنا الحلويات التي كنت اشتريتها صباحا من الطرف الآخر للقرية، ونحن نتجاذب أطراف الحديث بشأن رحلتنا المتعبة، ومباراة الأمس، وما ينتظرنا في موسكو، وأشياء أخرى كثيرة، لعل أهمها طبيعة المكان، وجماله.

يا له من مكان جميل. قلناها وكررناها. كان أشبه بكنيس، أو بغرفة قصر. البناء بالطوب الأحمر، الذي يعني أن هناك بردا قارسا يتقى، ومطرا قويا يحذر. والنوافذ بالأقواس أعلاها، كي تستجلب أكبر كمية من أشعة الشمس العزيزة جدا في تلك المدينة المعزولة بين دولتين أوربيتين، مع أنها روسية، بفعل تكاليف الحرب العالمية الثانية.

قال الشباب:"يونس، إن صاحبة النزل تصلح لك زوجة". ضحكنا طويلا. وحين كنا نستعد للوداع، أعدت "الجاكيط" لصاحبها، وإذا ببنثابت يقول له:"معذرة، لقد فقدت مظلتك". توقعنا حينها أن يكون الرد كالتالي، مع ابتسامة عريضة، وتربيت على الكتف:"لا بأس عليك، هون عليك". غير أن الذي حدث هو العكس. انفعل الشاب، وقال بغضب ظاهر على وجهه:"إنها مظلة غالية". وراح ينتظر رد الفعل من قبلنا. كان بنثابت لبقا، كعادته، وقال:"اطمئن، أنا مستعد كي أدفع ثمنها، أيا كان". وتهللت أسارير الشاب، وأسارير أمه، وصاحبة النزل معا. ثم راح يحسب ما قدمه له بنثبات، ويضغط بيد على الروبلات، وبأخرى على "الجاكيط" الخضراء، فيما أمه وصاحبة النزل تحسبان معه، بعينين حادتين.

حين كنا نغادر، طلبت منا صاحبة النزل صورة. التقطناها ونحن نسارع كي نتفادى مطرا محدقا. ثم مضينا إلى محطة الحافلة بخطى متسارعة، ونحن نسخر من زميلنا بنثابت، ونستعيد المشهد العجيب. كان مشهدا نادرا في رحلتنا إلى روسيا. ولكنه كان معبرا جدا. فبعض الناس في كالينينغراد يعطونك الانطباع بأنك فرصة، لا غير. وهي الفرصة التي يتعين ألا تضيع. تشعر بذلك في جحوظ العيون، وتلمظ الشفاه، والانكفاء لحساب الروبلات، والمجادلة في الثمن، والحرص على المزيد. وهذا حدث لمرات هناك، بعكس ما كان عليه الوضع في موسكو وسابن بتيرسبورغ. ربما لأن الناس يعانون صعوبة العيش. من يدري؟

وصلنا إلى وسط المدينة، وقد قررنا، سلفا، أن نمضي بعض وقتنا في التبضع، ثم نتناول شيئا ما للغذاء، ونمضي قدما نحو المطار. وهكذا توجهنا إلى السوق. وهو عبارة عن حوانيت صغيرة، أشبه بما يوجد في بلادنا تماما. تجد في المدخل من يبيعون أشياء بسيطة، مثل التذكارات. ثم تجد بعد ذلك صفوفا منظمة لبائعي الخضر والفواكه، وفي الجانب الآخر لبائعي السمك واللحوم، وفي غيرهما لبائعي الأثواب والثياب الجاهزة، وغير ذلك كثير.

ما أثارنا كثيرا هو التذكارات المصنوعة من الكهرمان. فكالينيغراد هي عاصمة الكهرمان في العالم. ثم أثارتنا تلك الأسماء المجففة، ووفرة سمك السومون الذي نادرا ما يطعمه مغربي. وهناك أشياء أخرى مثيرة ايضا، بأثمنة معقولة بالنسبة إلى أجانب مثلنا، غير أنها قد لا تكون كذلك بالنسبة إلى مقيم. ومع ذلك، فالسلع لم تكن بجودة عالية. فمثلا عثرنا على مناديل صغيرة، لكننا فضلنا إلا نشتريها، رغم أن الزميل رزقو كان يرغب في اقتناء بعضها لأمه. 

التقينا، بعد العودة إلى وسط المدينة، في مقهى يضم محلا لبيع الخبز والحلويات. طعمنا بعض الأشياء هناك. ورحنا نتبادل أطراف الحديث مجددا، في انتظار موعد الرحلة إلى موسكو. كان الطقس ما يزال متقلبا. فبينما ترتاح في لباسك الخفيف لأشعة الشمس وهي تتساقط مثل الندى فوق الأزهار والأشجار والعشب الذي يبرز في كل مكان، إذا بك تفاجأ بمطر صاعق، يلطم وجهك، ويضطرك إلى أن تتلفع بالبلاستيك، لتحمي نفسك من البلل.

في الطريق من المقهي إلى المحطة الطرقية نحو المطار، وكان هناك باعة للخبز، والتذكارات، والمأكولات، وكأننا في سوق ممتد على الرصيف، سألنا رجلا بقوام رشيق، في حدود الستين، عن أيسر السبل إلى وجهتنا. وإذا بنا أمام نبيل من نبلاء العالم. قال إن أصله كوبي، ويعيش في روسيا. وابتسم ابتسامة لم تفارقه حتى بعد أن فارقنا. ألح على أن يصحبنا حتى يطمئن إلى أننا بخير وفي الطريق الصحيح. ولم يغادرنا إلا وقد حصلنا على التذاكر، وركبنا في ميكروباص أبيض. تحدث مع السائق والمرافقة. وقال لنا وهو يودع مبتسما:"سفر طيب". 
ونحن في المطار، بعد رحلة قصيرة بين طرق جميلة، تتوسط غابات خضراء جميلة، رحنا نشتغل على مواد الأعداد الجديدة. كل منا في زاوية. ومن سوء حظي، حينها، أنني لم أجد لي مكانا سوى بجانب المرحاض. وكان له باب يصفق، فيحدث رجة مدوية. ولأن الناس لم يتوقفوا عن استعماله، فقد أصيبت طبلة أذني بلوثة. كما أصيب أنفي هو الآخر بلوثة. للأسف، لم يكن لي بد من الاستمرار في العمل هناك، ذلك أنني كنت أشتغل وأستعمل الكهرباء لشحن الأيباد. "ويني راك مفوج لي مع راسك". قلتها في نفسي، وضحكت، وواصلت أيضا.

في لحظة تالية صعقنا بشاب مغربي يقول لنا بغضب:"مشات علي الطيارة". أسفنا لذلك جدا. غير أنه لم يكن لدينا ما نفعله إزاءه. وإذا بنا نكتشف أن طائرتنا هي الأخرى على وشك الرحيل. لقد تغير موعد الرحلة، وقيل ذلك مرارا باللغة الروسية، دون أن نفهمه. ولولا الصدفة التي قادت مغربيا يعيش بروسيا كي ينبهنا، لكنا في ورطة. رحنا نجمع حاجياتنا بسرعة، وكل منا يوصي غيره كي لتفقد الوضع، لكيلا لا ننسى شيئا مهما.

عرفنا، بعدها، بأن الرحلة كانت بالفعل على وشك الانطلاق. بدا المسافرون غاضبين وهم يتفرسوننا بعيون جاحظة، تكاد تقفز من المحاجر. ولأن الطائرة صغيرة، فقد كنا نبحث عن أماكننا فلا نكاد نتبينها. أما وقد جلس كل منا في موضعه، وحلقت الطائرة في السماء، فلم ننعم سوى بكأس ماء. وكأنما كالينينغراد تؤكد لنا مرة أخرى بأنها تأخذ أكثر مما تعطي. 

ما أن وصلنا إلى مطار موسكو، بعد حوالي الساعة ونصف، حتى رحنا نبحث عن محطة القطار إلى وسط المدينة. فوجئنا، حينها، بأن الرحلة الأخيرة على وشك الانطلاق. وكم كان منظرنا مثيرا للسخرية ونحن جميعنا نركض وسط المطار، من مكان إلى مكان، ثم نبدل الاتجاه حين يشعرنا أحد ما بأننا نركض في الاتجاه الخاطئ. وفي الأخير، وقد وصلنا إلى تلك المحطة العجيبة، إذا بالنبل يتجسد مرة أخرى أمامنا. فقد قرر رجال ونساء الأمن أن يفتحوا لنا المعابر الإلكترونية. بل إن أحدهم، وهو كبيرهم على ما يبدو، راح يطمئننا بأن القطار لن ينطلق حتى نركب جميعا. 

لم يكن ذلك قطارا. كان فندقا من خمس نجوم. فالكراسي وتيرة أكثر من اللازم. وهناك مساحة واسعة لكي تمد رجليك، وتمنحهما الراحة. ولديك فرصة كي تتابع شيئا ما مسليا على الشاشة التي أمامك. ثم هناك مرحاض بماء ساخن، ونظافة إلكينيكية ممتازة، حيث يمكنك أن تتوضأ. والنهوافذ الكبيرة تغريك بمتابعة شريط الخضرة والجمال وهو يمر بتؤدة. كان مثيرا جدا أن ذلك القطار لا يتحرك بإيقاع سريع جدا، بعكس الميترو. لكنه متعة، بصدق.

algeriatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوميات روسيا20 يوميات روسيا20



GMT 20:41 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

"الفار المكار"..

GMT 12:18 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

فريق لكل وزير

GMT 12:16 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

توجه فرنسي بالوداد

GMT 12:29 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

صفات حكام كرة القدم

GMT 12:27 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الشيخ المُستفز

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا

GMT 14:40 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

جولدبيرج يكشف شرطه للعودة إلى حلبة "WWE"

GMT 09:50 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

بوسعيد يعترف بارتفاع نسبة البطالة في المغرب

GMT 05:02 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

سلمى الصمدي تؤكد احترافها عالميًا في تصميم القبعات

GMT 15:55 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أفضل العاب فيديو على جهاز بلاى ستيشن 4 بمناسبة الكريسماس

GMT 14:40 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

جيب تطلق نظاماً بموقعها لتتيح لك بناء رانجلر 2018 الخاصة بك

GMT 06:00 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

10 جيوش أفريقية تنهي تدريباً كبيرًا في السودان
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria