د. وحيد عبدالمجيد
أُجريت الأحد الماضى انتخابات مجلس نواب الشعب الإثيوبى فى موعدها بدون تأجيل أو تأخير أو تعثر. لم يكن أشقاؤنا الإثيوبيون قد سمعوا كلمة انتخابات عندما أُجريت أول عملية اقتراع حديث فى مصر عام 1866.
ومع ذلك تتعثر مصر فى اجراء الانتخابات, بينما تنجح إثيوبيا فى ذلك وتنجز الاستحقاق البرلمانى فى موعده. وإذا كان برلمانها السابق قد أنهى مدته دون أن يتحقق ما تطلع إليه رئيسه وأعلنه خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السياسى إلى أديس أبابا، وهو بناء علاقات تعاون مع البرلمان المصري، فليس واضحاً بعد متى سيكون لدينا برلمان.
والحال أن استمرار التعثر فى إجراء انتخابات مجلس النواب لأكثر من عام منذ الانتخابات الرئاسية لم يعد يليق بتاريخ مصر وقدرها ومكانتها، فضلاً عما يؤدى إليه من إضعافها داخلياً وخارجياً. فقد صدر نحو ثلاثمائة تشريعاً جديداً ومعدَّلاً فى غياب البرلمان. وفى بعض هذه التشريعات عوار دستورى لا يصح فى مرحلة يُفترض أن تشهد إعادة بناء على أسس جديدة .. نظيفة. وفى بعضها الآخر، إن لم يكن الكثير منها، مشاكل شتى على نحو يفاقم الخلل القائم فى نظامنا القانونى الذى يحتاج إلى مراجعة جذرية، بعد أن تضخم وأصبح بعض جديده متعارضاً مع بعض قديمه.وفى هذا كله ارتباك يؤدى إلى مزيد من الإرباك.
وفضلاً عن ذلك، يساهم تأخر الانتخابات فى حرمان الساحة السياسية من أحد أهم الأنشطة الضرورية لإضفاء حيوية عليها، فى الوقت الذى تعانى من ضمور آخذ فى الازدياد. ولا تقل أضرار تأخر الانتخابات وغياب البرلمان على سياسة مصر الخارجية ودورها، فضلاً عن صورتها فى عالم ينظر إلى البلاد التى لا توجد فيها مجالس نيابية منتخبة نظرة سلبية بغض النظر عن مدى تعبير هذه المجالس عن الإرادة الشعبية أو مستوى تمثيلها للمجتمع.
فالانتخابات التى أُجريت فى إثيوبيا الأحد الماضى ليست رائعة. فقد كانت محسومة سلفاً لمصلحة الائتلاف الحاكم منذ عام 1991. غير أن وجود برلمان حتى إذا لم يكن ديمقراطياً تماماً ضرورة فى حد ذاته. وإذا كان غياب البرلمان مؤلماً فى مصر التى عرفته قبل أى بلد آخر فى الشرق الأوسط كله، فلا يقل إيلاماً أن يأتى هذا البرلمان ضعيفاً بسبب رداءة نظام الانتخاب بعد كل هذا الانتظار.