د. وحيد عبدالمجيد
تنظيم "داعش"، الذى يسيطر على جزء لا يستهان به من سوريا ويتمركز فى محافظة الرقة، ليس سورياً.
ولكن نظام بشار الأسد لم يعد كذلك أيضاَ. فقد أصبح هذا النظام، الذى يجد فى منطقتنا والعالم من يراهنون عليه حتى الان، جزءاً من "الإمبراطورية الإيرانية" التى يرفضها البعض فى اليمن ويقبلونها ضمناً فى سوريا.
يعتمد نظام الأسد بشكل كامل على إيران وقواتها "الحرس الثوري" والميليشيات التابعة لها. وأصبح قاسم سليمانى قائد "فيلق القدس" فى الحرس الثورى هو الحاكم الفعلى فى المناطق التى مازالت خاضعة شكلياً لنظام الأسد. وتضاءل دور ما بقى من جيش بشار الأسد مقارنة بهذه القوات والميليشيات. فلا يثق سليمانى فى هذا الجيش بسبب كثرة أعداد من انشقوا عنه.
ولكن صمت العالم ومعظم العرب بشأن هيمنة إيران على أجزاء من سوريا، بخلاف موقفهم تجاه وضع لا يختلف جوهرياً فى اليمن، يعود إلى تنامى الإرهاب وخاصة بعد أن أصبح تنظيم "داعش" قوة يحسب لها ألف حساب.
ولذلك يستثمر الأسد، ومن ورائه إيران، الإرهاب سعياً إلى إعادة تأهيله دولياً. ويعتمد هذا الاستثمار على تضخيم التهديد الإرهابى عبر دعاية تجعله يبدو أكبر بكثير من حجمه الحقيقى على الأرض.
وتنشط هذه الدعاية الآن لتقديم صورة مضللة للوضع فى محافظة إدلب التى فقد الأسد آخر مواقعه فيها أخيراً. وتقوم هذه الصورة على أن جبهة النصرة تسيطر بشكل كامل على إدلب، مثلما بسط "داعش" سيطرته التامة من قبل على محافظة الرقة. فبعد أن صار نظام الأسد عارياً، لم يعد لديه من غطاء إلا خوف العالم من تنظيمى "داعش" و"النصرة" اللذين قام هو بأكبر دور فى فتح الطريق أمامهما فى سوريا.
وساهم تخبط قوى المعارضة المدنية والإسلامية المعتدلة فى تمكين الأسد من استخدام هذا الغطاء إلى آخر مدي. غير أن تطوراً جديداً يحدث فى صفوف هذه المعارضة الآن، بالتزامن مع معركة إدلب التاريخية، قد يؤدى فى حالة استمراره وتوسعه إلى بداية تغيير فى خريطة الحرب السورية. فقد اندمجت ألوية "صقور الشام" بقيادة أبو عيسى الشيخ فى تنظيم "أحرار الشام" بقيادة هاشم الشيخ، الأمر الذى يجعلها القوة الرئيسية فى إدلب بخلاف ما يتردد عن سيطرة "جبهة النصرة" عليها بشكل كامل.
ورغم أن تجارب تعاون بعض قوى المعارضة لم تنج من قبل، يظل هذا التعاون هو السبيل الوحيد لتحرير سوريا من إيران والإرهاب فى آن معاً.