العلمانية بين عبدالرازق والقرضاوي
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

العلمانية بين عبدالرازق والقرضاوي

العلمانية بين عبدالرازق والقرضاوي

 الجزائر اليوم -

العلمانية بين عبدالرازق والقرضاوي

بقلم : خالد الدخيل

تتفق أدبيات الإسلاميين في شكل عام على تحريم العلمانية. فهذا الشيخ سفر الحوالي يقرر في نهاية كتابه «العلمانية... نشأتها وتطورها وآثارها على الحياة الإسلامية» بأن العلمانية تتنافى مع الإسلام لأنها حكم بغير ما أنزل الله، ولكونها شركاً في عبادة الله. الشيخ يوسف القرضاوي من أبرز الإسلاميين الذين نافحوا كثيراً في كتاباته ضد العلمانية. وهو ينطلق في ذلك من أنها لا تتناقض وحسب مع الدين الإسلامي عقيدة وشريعة، بل ومع العقل والمصلحة والدستور، بل إن العلمانية تتناقض، كما يقول الشيخ مع الديموقراطية. هذا ما جاء في كتابه «الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه».

هناك رأي آخر، من داخل التيار الإسلامي نفسه يتناقض تماماً مع ما جاء في الأسطر السابقة. لا يتسع المقام لاستعراض جل آراء الإسلاميين حيال هذه القضية، سواء ما يتفق منها مع ما قال به القرضاوي والحوالي، أم ما يختلف معهما. وبما أن الرأي الذي يحرم العلمانية بين الإسلاميين هو الشائع، يصبح من المطلوب والمناسب إيراد رأي إسلامي آخر مخالف، ويصل أحياناً إلى حد التناقض مع رأي الغالبية. رئيس حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي، من بين من عبّروا عن رأي مناقض لما هو سائد بين الإسلاميين من هذه القضية. في حديث مطول له بتاريخ 7 كانون الأول (ديسمبر) 2015 في برنامج «في العمق» على فضائية «الجزيرة» القطرية، قال الغنوشي: «إن العلمانية في الغرب ليست أيديولوجيا إلحادية كما يظن البعض... هي تسويات، (و) فصل وظائف. فصل الوظيفة الدينية عن الوظيفة السياسية. ولا يعني ذلك أن الدولة ستكون حرباً على الدين. وإنما الدولة تحمي كل الديانات، وتقف على نحو ما فيه قدر كبير من الحياد إزاء الديانات...». ثم يضيف: «نحن نؤكد باستمرار». لاحظ هنا قوله إن العلمانية (ليست أيديولوجيا إلحادية»، وهو قول يخالف به الشيخ التونسي رأي سائد آخر بين الإسلاميين وغيرهم لا يرى في العلمانية، إلا أنها إحدى أيديولوجيات العصر الحديث. وهو بذلك يقترب من حقيقة العلمانية، وهي أنها ليست أكثر من آلية دستورية بهدف تحييد الدولة دينياً. وبما أنها كذلك فهي ليست محرمة إسلامياً، كما يقول الحوالي والقرضاوي. أما قول الغنوشي «إن الإسلام والديموقراطية يتواءمان، وإن الديموقراطية هي الممارسة الحديثة للشورى»، فيؤكد إمكان التناغم بين ثلاثية الإسلام والعلمانية والديموقراطية، وعلى العكس مرة أخرى مع ما يقول به الشيخ القرضاوي. (راجع صحيفة «الحياة»، 24 كانون الثاني (يناير) 2016).

قبل الغنوشي وغيره من المعاصرين بأكثر من 90 سنة كان هناك رأي الشيخ الأزهري علي عبدالرازق الذي ذاع صيته بعدما نشر كتابه الصغير والشهير «الإسلام وأصول الحكم» عام 1925. وهو الكتاب الذي فجر فور صدوره أكبر معركة فكرية، ربما منذ ذلك الحين وحتى الآن. والحقيقة أن عبدالرازق لم يتناول في كتابه هذا العلمانية، بل لم يرد هذا المصطلح في الكتاب كله. وربما أن العلمانية لم تكن هدفاً له. ما تناوله الشيخ الأزهري، وجعل منه محوراً مركزياً لفصول الكتاب هو ما يعبر عنه العنوان الفرعي «بحث في الخلافة والحكومة في الإسلام». وكان موضوع الخلافة سنة 1925 هو موضوع الساعة في العالم الإسلامي، خصوصاً العالم العربي بعد أن تم إلغاء الخلافة العثمانية سنة 1924. ولعله من الواضح في عنوان الكتاب أنه يتناول حكم الخلافة في الإسلام، بناء على ما جاء في الكتاب والسنة كما يؤكد المؤلف. بعبارة أخرى، كتاب الإسلام وأصول الحكم هو نص مبكر عن العلاقة بين الديني والسياسي، وتحديداً موقع الخلافة كشكل من أشكال الحكم، من الإسلام كما تعبر عنه نصوص الكتاب والسنة، وكما تجسد تاريخياً في التجربة السياسية الإسلامية. بالتالي مع أن الرجل لم يجعل من العلمانية قضيته المباشرة (وأنى له أن يفعل ذلك تحت ظروف ومعطيات ذلك الزمن)، إلا أنه كان معنياً كما يتضح من كل فصول الكتاب بموضوع العلمانية، وتحديداً مسألة علاقة الدين بالدولة في تجربة الخلافة الإسلامية منذ نشأتها وحتى سقوط الخلافة العثمانية.

يبدأ عبدالرازق كتابه بالخلاف بين المسلمين في مصدر سلطة الخليفة. فهناك مذهب يرى أن «الخليفة يستمد سلطانه من سلطان الله تعالى، وقوته من قوته». وهذا رأي ينزع أحياناً، خصوصاً بعد القرن الخامس الهجري، نحو إضفاء شيء من القداسة على الخليفة. وهذا رأي، كما يقول عبدالرازق، يكاد يكون موافقاً لما قال به الفيلسوف الإنكليزي توماس هوبز. أما الرأي الآخر فيرى أن «الخليفة إنما يستمد سلطانه من الأمة. فهي مصدر قوته، وهي التي تختاره لهذا المقام». وهذا مذهب «يشبه أن يكون المذهب ذاته الذي اشتهر به الفيلسوف «لك» (جون لوك). وهذا مع ملاحظة أن هذين الرأيين الإسلاميين سبقا ما قال به كل من هوبز ولوك بقرون.

ولعل الدلالة التي ينطوي عليها مثل هذا الخلاف الكبير إزاء مسألة بخطورة الخلافة كشكل من أشكال الحكم، والتي أراد عبدالرازق التأكيد عليها، أنه لو كانت هذه الخلافة تستند في نشأتها وفي تبنيها من المسلمين على الكتاب والسنّة لما كان هناك ما يسوغ مثل هذا الخلاف. ثم يشير في هذا السياق إلى إجماع المسلمين على وجوب نصب الخليفة، لكنهم يختلفون في ما إذا كان هذا الوجوب عقلياً أم شرعياً. بعد ذلك يقدم رأيه القاطع حول المسألة بالقول بأنه لم يجد «في ما مر بنا من مباحث العلماء الذين زعموا أن إقامة الإمام فرض من حاول أن يقيم الدليل على فرضيته بآية من كتاب الله الكريم...». وعلى رغم شمولية القرآن كما تقول الآية الكريمة: «وما فرطنا في الكتاب من شيء»، إلا أنك «لا تجد فيه ذكراً لتلك الإمامة العامة أو الخلافة». ولذلك انصرف العلماء «إلى ما رأيت من دعوى الإجماع تارة، ومن الالتجاء إلى أقيسة المنطق وأحكام العقل تارة أخرى».

لكن إهمال الخلافة، يضيف المؤلف، يمتد أيضاً إلى السنّة النبوية التي «تركتها ولم تتعرض لها». ماذا عن الأحاديث السياسية التي توجب نصب الإمام، وطاعة ولي الأمر؟ يرد عبدالرازق على ذلك بأنه «إذا كان صحيحاً أن النبي (عليه الصلاة والسلام) أمرنا أن نطيع إماماً بايعناه، فقد أمرنا الله تعالى أن نفي بعهدنا لمشرك عاهدناه. فما كان ذلك دليلاً على أن الله تعالى رضي الشرك، ولا كان أمره تعالى بالوفاء للمشركين مستلزماً لإقرارهم على شركهم». ثم يضيف: «أولسنا مأمورين بطاعة البغاة والعاصين إذا تغلبوا علينا وكان في مخالفتهم فتنة تخشى، من غير أن يكون ذلك مستلزماً لمشروعية البغي، ولا لجواز الخروج على الحكومة».

هكذا تسير مجادلة عبدالرازق في كتابه. وعلى رغم ما فيها من ثغرات وتناقضات أشار إليها منتقدوه حينها، إلا أن أكثر ما يلفت النظر فيها حقاً أنها في العموم مجادلة تنضح برؤية نقدية، مستندة في ذلك إلى مبادئ العقل والمنطق. واللافت في هذه المجادلة أن تصدر من شيخ أزهري قبل حوالى قرن من الآن. انطلاقاً من ذلك يمكن القول بأن مرافعة عبد الرازق ضد فكرة الخلافة، وإن صدر في ذلك من موقف سياسي ضد ملك مصر آنذاك، أحمد فؤاد، إلا أن مآلها ينتهي عند فكرة العلمانية.

بمقارنة ذلك مع ما يقوله الشيخ القرضاوي حول المسألة ذاتها يتضح الفرق بين رؤية المفكر، ورؤية الداعية. فالقرضاوي في كتابه المذكور (سنعرض له لاحقاً) لا يناقش حقاً مسألة العلاقة بين الدين والدولة، ولا يخضع موقف العلمانية منها لنقد علمي رصين. جل ما يفعله هو هجاء مستمر للعلمانية انطلاقاً من مسلمات دينية مسبقة. وهي مسلمات مستمدة في جلها من آراء واستنتجات العلماء، وتقديمها وكأنها مأخوذة بنصوصها مباشرة من الكتاب والسنّة. ولذلك تجد أن تحريمه للعلمانية يتضح من السطر الأول في كتابه، ما يعني أنه تحريم سابق للتحليل، وليس نتيجة له.

الشواهد على ذلك كثيرة. وكمثال ربما تساءل البعض عما يقصده القرضاوي بتناقض العلمانية مع الديموقراطية، واعتباره ذلك معياراً على فسادها. ما يقصده أنها لا تحترم رأي الغالبية، أي غالبية المسلمين الذين يرفضونها. وعلى رغم صحة ما يقوله الآن، إلا أنه لم ينتبه إلى أن هذا ليس معياراً يمكن الاستناد إليه في الحكم، وإنما هو معطى ظرفي قد يتغير بتغير موقف هذه الغالبية من القضية تبعاً لتغير الظروف والمعطيات المحيطة بها. لم يتساءل الشيخ عن رأي الغالبية حيال هذه القضية في البلدان غير المسلمة. فاته أن العلم ليس له هوية جغرافية أو دينية. لكن القضية بالنسبة إليه ليست قضية علم بقدر ما أنها إيمان عقدي مسبق يجب أن يخضع كل شيء لمقتضياته. للحديث بقية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلمانية بين عبدالرازق والقرضاوي العلمانية بين عبدالرازق والقرضاوي



GMT 06:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

يوم الدجاج المتعفن…يا رب رحمتك

GMT 06:47 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

روحاني ـ بنس وصندوق البريد اللبناني

GMT 06:45 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تكشف عن طموحات قيادية

GMT 06:40 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

روحاني يكشف وجهه…

GMT 06:38 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الى شعراء الأمة

GMT 00:16 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

صيحة جديدة من مكياج "المونوكروم" لموسم خريف 2017

GMT 17:51 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

اختيار تامر شلتوت سفيرًا للسلام في مهرجان ابن بطوطة الدولي

GMT 14:53 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب سلة الأهلي يواصل برنامجه التأهيلي في الفريق

GMT 11:36 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 20

GMT 21:44 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات ترتيب المطبخ وتنظيمه بشكل أنيق

GMT 02:22 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مؤسسات لبنانية تستثمر في إنتاج 2.6 ميغاواط كهرباء من الشمس

GMT 09:16 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

الفراعنة أول من عرفوا السلم الموسيقي

GMT 08:31 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بيروجيا إحدى بوابات التعليم للأجانب في إيطاليا

GMT 13:16 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

انطلاق تصوير الجزء الثاني من مسلسل عروس بيروت في تركيا

GMT 19:14 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

علي النمر يبدي سعادته بتحقيق فريقه الانتصار أمام الأهلي
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria