أسامة الرنتيسي
مشاهد قطعان المستوطنين الاسرائيليين في شوارع القدس المحتلة، وفي باحات المسجد الاقصى لا تستفز فقط الشبان المقدسيين للهجوم عليهم بالسكاكين فقط، بل تستفز كل من لدية مشاعر انسانية في العالم.
والعنجهية التي تمارسها حكومة إسرائيل الاكثر تطرفا من اي حكومة اخرى برئاسة بنيامين نتنياهو، لا تستفز الفلسطينيين، والعرب فقط، بل تستفز مسلمي العالم، وكل المؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية، لكن وعلى ذكر المسلمين، لا أعرف كم سيكون حجم احتجاجهم إن تجاوزت يمينية نتنياهو التفكير بهدم المسجد الاقصى الى مرحلة التنفيذ.
هل سيتجاوز احتجاج العالمين العربي والاسلامي- تحديدا- مستوى البيان والشجب والادانة والشكوى، ومسيرات تنطلق الجمعة بعد الصلاة، يحرق فيها العلم الاسرائيلي… أشك، لا بل أنا متيقن، انه حتى القوى المتطرفة بدءًا من "داعش" حتى "النصرة" وما بينهما لن تحرك ساكنا، ولن تغير بوصلة بنادقها، لان الاقصى وفلسطين ليسا على أجنداتهم الان.
سعار نتنياهو في تصعيد الاستيطان، من دون مراعاة لحفظ ماء وجه وزير الخارجية الاميركي جون كيري، الذي لا يكاد يغادر المنطقة، حتى يعود اليها.. لا يوجد له هدف سوى تدمير عملية السلام وخيار حل الدولتين بكل الوسائل.
مواجهة شعار "الاستيطان أولا" يبدأ بحرب ضروس على الاستيطان، وعلى جبهات مختلفة، في مؤسسات الشرعية الدولية والمنظمات الحقوقية الدولية، إلى أن يتوج بحراك شعبي فلسطيني حقيقي يرفع شعارا بدأت الآذان تعتاد عليه: "الشعب يريد إزالة الاستيطان".
الأهم في موضوع الاستيطان، اذ تجاوز عدد المستوطنين في الضفة الفلسطينية 360 ألفا، حملة التهويد التي تقوم بها حكومة الاحتلال الإسرائيلي للقدس وما حولها، وشق طريق بعرض 4 أمتار داخل بلدة سلوان التي خطط كيري يوما ما لان تكون العاصمة الفلسطينية ورفضها محمود عباس.
بعيدا عن أنظار العالم المندهش مما يحدث في العالم العربي، وخاصة تمدد تنظيم داعش الارهابي، تستكمل إسرائيل مخططاتها في عزل القدس، بعد أن استكملت مراحل التهويد الأخيرة للمدينة المقدسة، وحسب تقرير جديد حول الاستيطان، فإن هذه المراحل تتمثل في "إحاطة القدس بنظام دفاعي خاص لعزلها عن المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية، ومواصلة حفر أنفاق جديدة تحت المسجد الأقصى بهدف هدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه، وحظر دخول مواد الترميم التي يحتاج إليها المسجد بشكل عاجل. ومحاولة تقسيم الحرم القدسي على غرار ما حدث للحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1994، وشن حرب نفسية مكثفة ضد المقدسيين العرب داخل المدينة، ومصادرة المزيد من أراضيهم وبيوتهم بهدف إجبارهم على الهجرة. وتكرار محاولات الجماعات اليهودية المتطرفة تدنيس الحرم القدسي لإثارة مشاعر المسلمين".
مع كل هذا، نعرف ان كيري لا يتنزه ولا يقوم بجولات سياحية، تجاوزت العشرين زيارة، ولا يسعى لتمضية الوقت، لكنه يحاول ان يستفيد من الاوضاع البائسة التي تمر بها المنطقة، سياسيا واقتصاديا ودمويا، لعل وعسى يجد مشروعا يقترب من مشروع نتنياهو غير المخفي، غزة تعود إلى اكتاف مصر وما تبقى من الضفة الفلسطينية يرمى في حضن الأردن.