أسامة الرنتيسي
حجم سعادتي لا توصف وانا أرى ابتسامات الأطفال في مدينة الفحيص، وهم يتسامرون مع بابا نويل أمام البلدية احتفالا بعيد الميلاد المجيد، وطعم الأكلة المقدسة “بربارة” اللذيذ الذي لا يُقاوَم وقد دعاني لتناوله أكثر من صديق.
أشياء كثيرة هذا العام أضافت إلى عيد الميلاد المجيد رونقا خاصا مختلفا عن الأعوام الماضية كلها.
فرحتي بإضاءة شجرة الميلاد الكبيرة في أم الجمال أدخلت سعادة إلى نفسي وقلبي لم أشعر بها منذ زمن، وإطمأننت إلى أن الخير والمحبة هما مخزون شعبنا، وما خارجهما من ترهات زائلة لا تحفر في الوجدان شيئا.
فرحت بشجرة الميلاد في مدينة الزرقاء برغم العبث الطفولي بها، الذي لم يتوقف عنده الكبار.
شجرة السلط، تَحلَّق حولها كبار رجالات المحافظة، وكانت الفرحة في أعيُنِهم لا توصف لحظة إضاءتها، حتى أن العم ابو العبد مروان الحمود أطال الله عمره كان في قمة الفرح وسعادة الأطفال وهو يمسك اللحظة لاضاءة الشجرة كأنها شمعة يضيء بها عتمة هذا الزمان.
في إمارة غزة هذا العام كان الميلاد مختلفا فقد أضاء الغزيون شجرة عيد الميلاد بمشاركة واسعة من رجالات الدين الإسلامي والمسيحي في رسالة أن الإنسانية والمحبة لم يغادرا القطاع برغم السنوات العجاف.
وفي فلسطين، موطن ميلاد سيدنا المسيح، أول فلسطيني تعذب في التأريخ وحمل عذابات شعبه حتى الآن محملا برسالة المحبة والسلام، خوف يتسلل الى شجرة الميلاد في بيت لحم في قابل الأيام وشياطين صفقة القرن يعصفون بكل الأحلام والحقوق الفلسطينية، ولن ينزوي الشعب الفلسطيني تحت شجرة مريم ليتساقط عليهم رطبها جنيا.
الابتسامات وتبادل التهاني بعيد الميلاد المجيد، تُفرح القلب حقا، إذا ما نظرنا حولنا ورأينا كيف تستقبل شعوبنا العربية الميلاد بانفجارات وقتل ومجازر، حولت طعم الميلاد الى طعم الدم.
في يوم الميلاد المجيد، وأمام ما يحدث في العالم من تطورات، وما تشهده عواصم عربية من تغييرات، كله نتاج مخاض الربيع العربي الذي بتنا لا نعرف كيف ستكون زهوره، هل هي برائحة الياسمين، أم برائحة بخور قندهار، وهل سندخل مرحلة الخريف المبكر، أم أن نسمات الشتاء المنعشة ستكون محملة بالندى الطبيعي والسياسي لشعوبنا المتطلع للحرية والكرامة والعالم الجديد.
الدايم الله…