بقلم - سليمان جودة
سوف تجد أربع مقدمات تنتظرك لتدخل من خلالها إلى الجزء الثانى من مذكرات عمرو موسى، الذى صدر قبل أيام عن سنوات موسى العشر أميناً عاماً لجامعة الدول العربية تحت هذا العنوان: سنوات الجامعة العربية.. اثنتان من المقدمات الأربع لصاحب المذكرات، والثالثة للمهندس ابراهيم المعلم، والرابعة للأستاذ خالد أبو بكر الذى حرر المذكرات وساعد فى توثيق وقائعها!
وقد توقف المهندس المعلم أمام طعم السنوات العشر فى تاريخ الجامعة، وكيف أن الجامعة خلال تلك السنوات كانت مختلفة عنها بعدها، دون أن يكون فى ذلك إقلال من شأن الدكتور نبيل العربى، الذى خلف موسى فى الأمانة العامة، ولا بالطبع من شأن السيد أحمد أبو الغيط، أمين عام الجامعة الحالى.. فالظرف هناك ليس هو الظرف هنا ولا الأجواء هى الأجواء!
وتوقفت من جانبى أمام تفاصيل القمة العربية التى انعقدت فى تونس ٢٠٠٤، ففيها قرر حسنى مبارك خوض مواجهة مع الأمريكان، الذين راحوا وقتها يتحدثون عن مشروع للإصلاح السياسى فى المنطقة ويعملون على تسويقه، وكان إحساس الرئيس الأسبق أن وراء المشروع الأمريكى أهدافاً أخرى غير معلنة، وكان قد ذهب إلى القمة يطلب من الزعماء العرب الحاضرين مساندته فى مواجهته التى قرر خوضها.. ولم يكن بطبيعة الحال يرغب فى صدام مع واشنطون، وإنما كان يعمل على لفت نظر صانع القرار فيها، إلى أن الحكومات العربية ليست ضد الإصلاح، ولكنها تتعامل معه حسب قائمة أولويات تراها من مكانها فى مقاعد الحكم!
وما حدث فى تلك القمة كان مؤسفاً لأنها لم تسعف مبارك فيما رآه، فعاد غاضباً إلى القاهرة ولم يحضر جلسة ختامها!.. أما تقدير عمرو موسى فهو أن مبارك عاد وهو غاضب أيضاً على وزير خارجيته أحمد ماهر، بمثل ما هو غاضب من الذين خذلوه فى القمة، وقرر بينه وبين نفسه تغيير وزير الخارجية!
بقية القصة أجدها أنا فى مذكرات أبو الغيط الذى جاء خلفاً لماهر بعدها بشهرين، والذى سافر وقتها فى مهمة عمل إلى العاصمة الأمريكية ثم عاد يقدم لرئيس الدولة تقريراً عنها!
قدم التقرير فى قصر الرئاسة ثم قام مغادراً، فإذا بمبارك يصحبه إلى الباب ثم يهمس إليه بأن عنده إحساساً بأن الأمريكان يخططون لإقصائه عن الحكم.. ولا تعرف من أين بالضبط جاءه هذا الإحساس، ولكن ما نعرفه أن ما قاله همساً لوزير خارجيته، كان قد قاله بشكل مختلف فى قمة تونس قبلها، ثم كان على موعد درامى معه فى أثناء ما لا يزال يسمى بالربيع!