بقلم - سليمان جودة
أستطيع أن أقول إن كتاب مذكرات عمرو موسى عن سنواته العشر على رأس جامعة الدول العربية، هو كتاب هذه السنة، هنا فى القاهرة، وفى كل عاصمة عربية من حولنا.. فلا يوجد بلد عربى إلا وقد حصل على نصيب فى الكتاب، بما فى ذلك دولة المقر طبعاً التى لابد أن يكون لها نصيب الأسد!.. وأستطيع أن أقول إنه كتاب يجب أن يكون فى يد كل مواطن عربى، وهو يغادر السنة إلى سنة أخرى سوف تشرق شمسها خلال ساعات!
وعندى الأسباب التى تدعونى إلى هذا كله، وفى المقدمة منها أنه كتاب مهموم بالبحث عن موطئ قدم للعرب فى عالم يعاد فيه ترتيب أوراق الإقليم على مرأى منا!.. وإذا كان هذا يحدث بالفعل أمام أعيننا، فلابد أن نكون كمصريين وعرب فى القلب مما يجرى أمامنا!
وليس خافياً على أحد أن ثلاثة لاعبين إقليميين يتنازعون المنطقة، ويسعى كل لاعب فيهم إلى أن يضع يده على ما يستطيع فيها.. وليس سراً كذلك أن اللاعبين الثلاثة هُم: إيران فى الشرق، وتركيا فى الشمال، وإثيوبيا فى الجنوب.. وتستطيع أن تضيف معهم إسرائيل لاعباً رابعاً يتقدمهم فى الكثير من الأحوال!
هذا كله ليس جديداً بحال، ولكنه كان قائماً وقت أن كان موسى أميناً عاماً للجامعة طوال العقد الأول من هذا القرن، وكان الموضوع يشغله بالضرورة، وكان له فيه رأى معلن فى قمة سرت المنعقدة فى ليبيا ٢٠١٠، وكان تقديره الذى أعلنه على القادة العرب المجتمعين فى القمة، أنه لا بد من «رابطة للجوار العربى» تنشأ دون إبطاء ويدور على أرضها حوار يحفظ لأمة العرب كيانها، وكرامتها، ومكانتها، ويحفظ فى ذات الوقت لكل بلد عربى سيادته الوطنية التى لا جدال حولها!
إننى أسارع فأقول إن التجربة أثبتت أن كل دعوة أطلقتها طهران للحوار مع عواصم الخليج بالذات، كانت شكلاً لا ينطوى على مضمون، وكانت تسقط عند كل اختبار حقيقى.. وأثبتت التجربة أيضاً أن سوء النية كان مقدماً من الجانب الإثيوبى فى موضوع السد على كل ما سواه، ولم يختلف الحال مع تركيا فى قضية ليبيا مثلاً، ولا مع تل أبيب فى قضية فلسطين!
ولكن ذلك لا يمنع من العودة إلى مبادرة موسى التى أطلقها فى سرت، لأن المبادأة بإطلاق حوار مع دول الجوار سوف يضعها ليس فقط أمام مسؤوليتها، ولكن يضعها أمام اختبار يجعل جديتها على المحك، ويبرئ الذمة العربية إذا ما اختارت بديلاً آخر غير الحوار!
لم تصادف المبادرة آذاناً تسمع فى سرت، ولو صادفت إصغاءً يومها ما كان هذا هو الحال العربى الذى نراه.. فلا تجعلوها فرصة أخرى ضائعة!