بقلم : سليمان جودة
أطلق الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد السعودى، مبادرتين لا تتعلقان ببلاده وحدها، ولكنهما تمتدان من حيث أثرهما البعيد إلى المنطقة على اتساعها!المبادرتان جرى إطلاقهما ٢٧ مارس، وقد حملت إحداهما شعارًا يقول: السعودية الخضراء.. بينما كان شعار الثانية: الشرق الأوسط الأخضر!.. وإذا جاز وصفهما بشىء محدد، فهذا الشىء هو أنهما مبادرتان تتميزان بالطموح الشديد!
ويكفى أن نعرف أن الأولى تسعى إلى زراعة عشرة مليارات شجرة فى المملكة خلال عقود قادمة، بما يرفع المساحات الخضراء فى السعودية ١٢ مرة عنها حاليًا.. ثم يكفى أن يكون هدف الثانية هو زراعة ٥٠ مليار شجرة فى المنطقة من خلال برنامج عمل مشترك يجمع الرياض مع العواصم الصديقة من حولها!.. وحين يتم الانتهاء من زراعة هذه الأعداد من الأشجار فى الشرق الأوسط فإنها فى مجموعها سوف تمثل خمسة فى المائة مما هو مستهدف عالميًا فى مجال البيئة النظيفة!
ولانزال نردد فى الكثير من المناسبات أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يوصى قادة الجيوش فى الفتوحات بألا يقطعوا شجرة فى طريقهم، وألا يقتلوا شيخًا، ولا امرأةً، ولا طفلًا!
وهذا حديث شريف نردده كثيرًا ولكننا ننسى أن نعمل به، وإذا تذكرنا معناه ففى المناسبات وحدها، وإذا عملنا به فإننا لا نكاد نبدأ حتى نتوقف، مع أن كل شجرة جديدة فى أى مكان هى رئة تعطيك وتعطى غيرك الأكسجين وتأخذ ثانى أكسيد الكربون، وتجعلك فى صحة أفضل بالتأكيد.. وسوف يظل أحسن شىء تفعله أن تزرع شجرة فى أى أرض، فإذا لم تستطع فليس أقل من أن تحافظ على كل شجرة تصادفك فى أى طريق!
ومن حسن الحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية عادت إلى اتفاقية المناخ، وأرسلت الوزير جون كيرى مبعوثًا رئاسيًا لها فى قضية البيئة حول العالم.. فالوزير كيرى كان هو الذى وقَّع على الاتفاقية أيام أوباما فى باريس ٢٠١٥، لولا أن ترامب أعلن انسحب بلاده منها يوم دخل البيت الأبيض، فأضاف، لا سامحه الله، همًا على صدر العالم فوق همومه التى لا حصر لها!
زراعة شجرة تعنى هواءً أنقى، وتعنى بيئة أنظف، وتعنى حياةً أرقى، وتعنى إنسانًا قادرًا على أن يعمر الأرض على الصورة التى أرادها الخالق.. زراعة شجرة فى أى اتجاه هى احتفاء بحياة الإنسان من حيث هو إنسان، دون تمييز على أساس دين ولا غير دين