بقلم : سليمان جودة
الحركة الروسية فى المنطقة لا تخطئها العين، وفى الوقت نفسه فإن الغياب الأمريكى فى المقابل لا تخطئه العين بالدرجة ذاتها!.
ففى العشرين من هذا الشهر سيكون الرئيس جو بايدن قد قضى شهرين فى البيت الأبيض، ومع ذلك، فالإشارات السلبية من جانب إدارته تجاه المنطقة أكثر من الإيجابية!.. يكفى أنه رفع الجماعة الحوثية فى اليمن من قائمة الإرهاب، فراحت تمطر الأراضى السعودية بالطائرات المُسيرة والصواريخ، إلى حد أنها قذفت ميناء رأس تنورة والحى السكنى فى الظهران شرق المملكة!.. ولم تكن لتفعل ذلك لو لم تجد فى قرار رفعها من القائمة ما يشجعها ويغريها بالتمادى فيما تمارسه من عبث!.
ويكفى أن إدارة بايدن أعلنت أنها لن تربط بين مساعداتها لإثيوبيا وبين تقدمها فى ملف سد النهضة، فلم يختلف حال حكومة آبى أحمد بعدها فى أديس أبابا عن حال الجماعة الحوثية فى صنعاء، ورأينا كيف أن إثيوبيا قد راحت تتعنت أكثر وترفض مقترح القاهرة والخرطوم بإجراء التفاوض حول السد تحت رعاية الرباعية الدولية!.
على الجانب الآخر، كانت روسيا تنشط وتبدو وكأنها تحاول ملء فراغ تجده جاهزًا أمامها فى المنطقة، ولم يكن لقاء وزير الخارجية الروسى «لافروف» مع ولى العهد السعودى محمد بن سلمان فى الرياض، الأربعاء الماضى، سوى خطوة من خطوات هذا النشاط الروسى الظاهر، وربما المفاجئ!.
ومن الرياض انتقل «لافروف» إلى الدوحة حيث التقى أمير قطر، وكان الحديث عن تسوية للأزمة فى سوريا وعن جهد روسى تركى قطرى مشترك فى هذا الاتجاه!.. ومن قبل كان الوزير الروسى قد التقى فى أبوظبى سعد الحريرى، رئيس الحكومة اللبنانى المكلف، وتكلم معه عن سعى روسى إلى تسهيل تشكيل حكومة «الحريرى»، التى لا تريد أن تتشكل!.
وبعد غد سوف تستقبل موسكو وفدًا من حزب الله، بقيادة محمد رعد، رئيس الكتلة النيابية للحزب، وسوف يكون الكلام كله عن وزارة «الحريرى»، التى يقف الحزب فى طريق تشكيلها.. وإذا نجحت العاصمة الروسية فى تليين موقف الحزب فسوف تتشكل الحكومة اللبنانية خلال ساعات!.
يحدث هذا على الملأ، بينما إدارة بايدن تبدو غائبة، وإذا حضرت فمن أجل صب الزيت على النار فى المنطقة، فكأننا.. على حد تعبير الأستاذ طارق الحُميد فى صحيفة الشرق الأوسط اللندنية.. نرى أمامنا إدارة أوباما التى كان بايدن نائبًا للرئيس فيها وهى: باقية وتتمدد!.