بقلم - خالد منتصر
الكابيتول هو المبنى الذى يضم مجلس النواب المصري ومجلس الشيوخ، والذى ظل هادئاً، رمزاً للمهابة وساحة للربط والضبط، حتى يوم ٦ يناير، حين تحول هذا المبنى ذو القبة الشهيرة التى تطل على العالم بارتفاع ٨٦ متراً وكأنها برج إنذار وعين ردع وعصا انضباط، تحول إلى ساحة سيرك ونصبة مولد وحلبة مصارعة، أكتب إليكم وأنا لا أصدق ما يحدث أمامى على الشاشة، أعرف أنه عند نشر المقال غالباً سيكون الكونجرس قد حسم الرئاسة لصالح بايدن، لكن المشكلة هى أن الشرخ قد حدث، شرخ فى جدار الحلم الأمريكى، البوتقة التى تصهر الجميع وتضم الجميع، احتلتها عقلية الكاوبوى، جلس جنكيز خان فى زيه التنكرى على منصة الكونجرس!! إنها ليست مجرد مظاهرات لمواطنين أمريكيين ينتمون إلى الحزب الجمهورى، إنها صرخات أسئلة مزعجة صار واجباً على العالم كله أن يجيب عنها، وأولها عن جدوى الديمقراطية التى صارت على المحك، ديمقراطية صندوق الانتخاب، هل هى اليوتوبيا؟ إنها أفضل الأشكال والآليات السياسية، لكن هل هذبت الكاوبوى القابع فى أعماق الروح؟ هل أجابت عن سؤال هل كان هناك تزوير فعلاً أم لا؟ هل خففت الاحتقان وحافظت على الصهر والاندماج؟ هل المواطن المنسحق تحت عجلات رب العمل الملياردير الرأسمالى، هو مواطن حر أمام الصندوق فى اختيار منافس رب العمل؟! هل المواطن مزيف الوعى ممسوح الدماغ من شيخه أو كاهنه أو حاخامه الذى ينقل إليه أنه الناجى الوحيد ومحتكر الحقيقة؟ هل هو أمام الصندوق حر فى الخروج من أسر كراهية الآخر؟ العالم الآن فى امتحان خطير، خاصة الأمريكان الذين من المفروض أنهم القبطان والربان فى عالم القطب الواحد، الصين وضعتهم فى هذا المأزق، نظام صاعد بقوة برغم عدم خضوعه للآلية الديمقراطية، بل عندما بدأ النظام الأمريكى يحاول تأديب التنين الأصفر بفرض الجمارك وسحب الشركات وغيرها من مظاهر العقاب، فشل الأمريكان وبدأوا يتهمون الصين بأنهم اخترعوا مؤامرة الكورونا لإركاعهم، سيقارن العالم رغماً عن أنفه بين ديكتاتورية الصين وديمقراطية الأمريكان، خاصة مع الصعود المتوقع للصين، الذى سندخل معه زمن سيطرة المارد الأصفر على الكون، والذى بدأت مناطق كثيرة فى العالم تنتبه إليه، لدرجة أننى عندما زرت أستراليا وجدت أكثر لغة يتعلمها الشباب هناك بشغف، هى اللغة الصينية!! ترامب هدد بأنه سيشكل حزباً مستقلاً تحت رئاسته، فهل سينفذ تهديده؟ هل تلك الثغرات التى ظهرت فى نظام التصويت والانتخابات الأمريكية سيتم إصلاحها أم أنها كتاب مقدس؟ هل سيتعاون الديمقراطيون مع الصين التى لو ترك لها الحبل على الغارب فى رأى الجمهوريين ستبتلع أمريكا؟ هل ستتعلم أمريكا الدرس وتنكفئ على نفسها ولا تهتم بالتوسع فى ظل حكم بايدن؟ هل الوجه الأصولى لأمريكا سيشجع الأصوليين على القفز على مقاعد الحكم فى البلاد الأخرى بتشجيع وضوء أخضر أمريكى؟ كلها علامات استفهام طرحتها ليلة اقتحام الكابيتول.