بقلم - خالد منتصر
المتعصب الكروى صار هو الصيد السهل للتنظيمات الدينية المتطرفة، وأظنه سيصبح حصان طروادة الجديد الذى تراهن عليه تلك التنظيمات، وعلى رأسها تنظيم الإخوان، لمحاولة العودة والتوغل والتغول فى قطاعات كبيرة ومؤسسات كثيرة داخل الدولة فى خطة للسيطرة على مفاصل الدولة. تجولت كثيراً فى صفحات السوشيال ميديا وحاولت بقراءة تحليلية أن أتابع الشباب المتطرف الذى يشتم ويسب ويروج لمقولات الإخوان وينخرط فى لجانها الإلكترونية، وجدت معظمهم يضع صور لاعبى كرة أو أندية على البروفايل الخاص، ومعظم بوستاته تتأرجح ما بين الكروى والدينى، العبارات حادة وعنيفة، واللغة السوقية الخشنة هى السائدة والغالبة، والشجارات تصل إلى سب الأم والأب بأقذع الألفاظ!!، لكن ماذا يجمع ما بين الفاشية الكروية والفاشية الدينية؟، وما الذى يجعل المتطرف والمتعصب كروياً هو الجاهز للتجنيد والانخراط فى تنظيمات التطرف الدينى؟
هناك أوجه شبه، وهناك نقاط التقاء كثيرة، المتعصب الكروى ابن بار لثقافة القطيع، وتلميذ مخلص فى مدرسة السمع والطاعة، لا يستطيع أن يشجع وحيداً، ولا يطرح أسئلة عن أسباب الفشل أو الخطأ، دائماً ما يبرر، دائماً ما يلتمس الأعذار، لا يمتلك المنهج النقدى فى التفكير، مغمض العينين عن السلبيات، يحتاج فى كل تحركاته إلى صنم يقدم إليه القرابين، يتحرق شوقاً إلى مرشد يقبِّل يديه كل صباح ومساء، يدافع عنه حتى ولو أجرم، يحلل له كل محرماته ويقلب خطاياه إلى لمسات ملائكية، المتعصب الكروى لا يقبل الحوار، يكره آلياته، حواره أصم، فى اتجاه واحد، يشخصن الأمور، مخاصم للموضوعية، لا يعترف بالإنصاف، وغرضه ليس الحقيقة، لكن غرضه الانتصار لفريقه، مستعد لممارسة العنف فى أى لحظة، عنف اللاعبين داخل الملعب الذى أحياناً ما تبرره المنافسة ويكون غير مخطط أو بحسن نية، يصير عند المتعصب مشروعاً بل مطلوباً، صار العنف طقساً عنده، وصارت الفوضى فريضة لديه، وصار العنف اللفظى والجسدى مطلوباً لتحقيق الانتصار حتى ولو على حساب مبادئ الرياضة نفسها.
ما نراه من صراع إعلامى على الساحة الرياضية فى بعض القنوات صار ردحاً لا يليق حتى بالجهلة والمسجلين خطر فما بالك بأصحاب مهن محترمة ومناصب رفيعة يدخلون فى خناقات وألفاظ غير لائقة وتلويث سمعة وتجريس! كله من أجل عيون الفريق والكرة، لا بد أن ننتبه إلى أن ظاهرة التعصب الألتراساوى، وتغذية النار لتأجيجها، هو انتحار، ليس للرياضة فقط، ولكن لمستقبل هذا الوطن وشبابه، وكما نادينا بعدم الخلط بين الدين والسياسة، ننادى بعدم الخلط بين الرياضة والسياسة، البعض يظن أنه يربى قطاً أليفاً، الحقيقة لا، ففى النهاية سينقلب نمراً شرساً يلتهم أول ما يلتهم مَن ربَّاه وسمَّنه وروى أرض التعصب فيه وضخ دماء التطرف فى شرايينه، بدعوى الانتماء وهو فى الحقيقة انتهاء.