بقلم - عماد الدين حسين
حينما قررت كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين قطع العلاقات مع قطر فى ٥ يونيو ٢٠١٧، وضعت ١٣ شرطا منها ٤ شروط أساسية، للتراجع عن قرارها، فما الذى تغير الآن، حتى نسمع هذه التصريحات المتفائلة من العديد من عواصم المنطقة والعالم بقرب نهاية المشكلة بين الدول الأربع أو حتى دولة واحدة، وقطر، وهل تراجعت بعض الأطراف عن مطالبها الأساسية، ولماذا حدث ذلك؟!
كما نعلم فإن سبب الخلاف الأساسى هو أن قطر ترعى جماعة الإخوان وتدعمها بكل الوسائل، ووفرت لها المال، لكى تؤثر فى الأمن القومى للدول الأربع، كما وفرت لها منصات إعلامية تنفق عليها المليارات، لا هم لها إلا بث الفتنة والإشاعات والأكاذيب.
وحينما دب الخلاف اتضح أن الولايات المتحدة ترعى قطر سريا وفعليا، ومعظم ما تفعله الحكومة القطرية كان يتم برضاء أو عدم ممانعة وبعلم كامل من أمريكا التى تمتلك أكبر قاعدة عسكرية خارج أراضيها فى العيديد والسيلية. ثم وسعت قطر من الفتوات لحمايتها من محيطها واستعانت بتركيا التى تستغل جماعة الإخوان من أجل تنفيذ أحلام رجب طيب أردوغان العثمانية الذى أقام قاعدة عسكرية فى قطر قبل ثلاث سنوات.
دولة الكويت بذلت جهودا مقدرة خلال السنوات الماضية بحكم أنها لم تنحز لأى من طرفى الأزمة على الأقل علنا، لكنها اصطدمت بأن الخلافات جذرية. فى حين أن الولايات المتحدة، لم تحاول فعليا الضغط على طرفى الأزمة للمصالحة، باعتبار أنها مستفيدة فى كل الأحوال، وباعت السلاح والنفوذ والحماية لكل الأطراف، فى الخليج، وحصلت على الثمن كبيرا، وأحيانا مقدما، ورأينا ترامب يتفاخر بذلك وبصورة مهينة لنا كعرب. فما الذى حدث، حتى تتطور الأمور إلى ما سمعناه قبل أيام، وتبدأ الكويت حملة مكوكية جديدة من الوساطة، ثم يأتى مبعوث الرئيس الأمريكى وزوج ابنته جاريد كوشنر، ويزور المنطقة، ويتصل ترامب بزعماء المنطقة، وفجأة نسمع عن اختراق كبير، وتسريبات تقول إن المصالحة سوف تتم خلال قمة خليجية تعقد فى العاصمة البحرينية المنامة خلال هذا الشهر؟!
لا يوجد عربى عاقل يكره حدوث المصالحة بين الدول الأربع وقطر، أو بين أى دولتين عربيتين بينهما خلاف، لكن المهم أن تكون المصالحة على أسس حقيقية، حتى لا يعاد إنتاجها مرة أخرى.
الواقع يقول إن قطر ومنذ تولى الشيخ حمد بن خليفة الحكم عام ١٩٩٦، وهى تتدخل فى الشئون الداخلية للبلدان العربية، وقررت أن تستخدم العديد من الأدوات، لتنفيذ ذلك، خصوصا جماعة الإخوان، ووسائل الإعلام التى تملكها أو تمولها وأموال الغاز.
نعلم أنه فى أى تسوية أو مصالحة، لا يحصل أى طرف على كل ما يطلبه، لكنه على الأقل يحصل على الحد الأدنى من مطالبه.
وطبقا لتقارير عديدة تتابع هذا الملف، فإن ما نحن بصدده هو صيغة أقرب إلى التهدئة والتعايش منها إلى المصالحة الكاملة.
ربما يكون كل طرف يبحث عن مصالحه الخاصة، وهذا ليس عيبا فى السياسة، وربما يكون كل طرف يحاول لملمة أوراقه وإعادة ترتيبها قبل تولى الرئيس الديمقراطى مهام منصبه فى الولايات المتحدة، وربما تكون بعض الأطراف ليست سعيدة بما يحدث، لكنها لا تود الظهور بمن يحاول إفساد الطبخة!
حينما نتأمل السلوك القطرى منذ عام ١٩٩٦، يصعب تصور أن تتخلى الحكومة القطرية عن جماعة الإخوان، أو عن سياساتها الإعلامية، التى تسببت فى العديد من المشكلات والأزمات، وبالتالى يطرح البعض العديد من الأسئلة التى لا توجد لها إجابات شافية مثل: هل ستكون المصالحة قطرية سعودية فقط، أم تنضم إليها البحرين فقط، أم ستكون شاملة؟!
خصوصا بعد تغريدة الأكاديمى الإماراتى الدكتور عبدالخالق عبدالله مساء أمس الأول والتى قال فيها: «لن يتحرك قطار المصالحة الخليجية مليمترا واحدا بدون علم وبدون موافقة وبدون مباركة الإمارات المسبقة».
مرة أخرى نتمنى أن تكون هناك مصالحة شاملة فعلا، حتى تتمكن الأمة العربية من مواجهة العديد من التحديات الصعبة التى تواجهها من الإرهاب والتنمية الاقتصادية وحتى مواجهة كورونا، لكن الشرط الجوهرى لذلك أن تكون مصالحة قائمة على أسس فعلية، تعلن فيها قطر تخليها الكامل عن دعم الجماعات المتطرفة الإرهابية، وهو أمر يصعب تصور حدوثه بصورة كاملة الآن واذا حدث فهى المعجزة الكاملة!!.