بقلم - عماد الدين حسين
يفترض أن يصدر قانون تراخيص البناء الجديد بين لحظة وأخرى، وكل ما نرجوه، أن يأتى القانون الجديد واضحا ومحددا ومسهلا لحياة الناس، وفى نفس الوقت محافظا على الثروة العقارية للبلد، ومانعا لتجريف الأرض الزراعية.
نعانى منذ عقود طويلة من الثغرات التى تنشأ سهوا أو عمدا فى العديد من القوانين، ومن المهم أن يأتى القانون الجديد خاليا من هذه الثغرات، حتى لا ندور حول أنفسنا فى مشاكل وأزمات متكررة ومتجددة.
الذين يعملون على القانون الجديد نتمنى أن يدرسوا كل التفاصيل الدقيقة دراسة وافية، وألا يتركوا أى ثغرة تنفذ منها «شياطين الإنس والجن» ونعيد تكرار ما مضى.
النقطة الجوهرية الأساسية أو فلسفة القانون الجديد هى أن يأتى ملبيا لحاجات الناس فى التوسع والامتداد الطبيعى. الناس تتزايد ونحتاج إلى مساكن جديدة كل فترة، والمفترض أن القانون الجديد يلبى ذلك بصورة عادلة.
حينما يكون متاحا للناس البناء بسهولة ويسر وبصورة قانونية، فلن يلجأوا للمخالفات، وإذا لجأوا يكون من حق الدولة أن تضربهم بيد من حديد.
لا يعقل مثلا أن تغلق الدولة الأحوزة العمرانية، أو لا تبنى مساكن فى المدن الجديدة، ثم تعاقب الناس لأنهم خالفوا.
النقطة الثانية، أن يتم التأنى فى إصدار القانون حتى نتأكد أنه تم سد كل الثغرات والإجابة على كل الأسئلة وبصورة عاجلة، أعرف أن هناك ضغوطا من الناس ومن اتحاد ولوبيات المقاولات بسرعة إصدار القانون، وأعرف أيضا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى طلب قبل أسبوعين سرعة إصدار القانون حتى لا يتم تعطيل حياة الناس، لكن المهم ألا تأتى هذه السرعة على حساب القانون، فيأتى مهلهلا ومليئا بالثغرات التى تتيح «للفتنة الباغية» أن تعود لممارسة هواياتها.
النقطة الثالثة، والمهمة جدا أن يتم تفكيك شبكة الفساد التى نشأت تحت حماية كل قوانين البناء السابقة، وكونت ثروات حرام ولا تزال تقاوم حتى هذه اللحظة آملة فى عرقلة صدور القانون، أو صدوره متضمنا ثغرات تتيح لها العمل بنفس القواعد السابقة.
وفى الإطار فمن المهم ألا تكون هناك جهة واحدة هى التى تتحكم فى إصدار التراخيص، مما يجعلها قادرة على التجبر والتحكم مثلما حدث فى المحليات طوال العقود الماضية.
لا نريد لجانا كثيرة، فتعيد فرض الإتاوات بصورة كبيرة، لكن نريد نظاما مبتكرا يحارب الرشوة ويمنعها من المنبع، وهذا الأمر لا يتم بالقانون المشدد فقط، ولكن بتسهيل إصدار التراخيص وتهيئة البيئة الصحيحة للبناء مثلما يحدث فى كل بلدان العالم.
النقطة الخامسة، نريد أن تكون الإجراءات مبسطة وسهلة حتى لا يتحول القانون إلى وسيلة لتعذيب الناس، مما يجعلهم يلجأون للأبواب الخلفية، لا يوجد مواطن عاقل يحب أن يكون مخالفا، إلا إذا سدت فى وجهه كل أبواب السير فى الطريق القانونى، أو كان هناك «شيطان» فى جهة حكومية زين له السير فى طريق الحرام.
النقطة السادسة، هى أن يتضمن القانون الجديد آليات واضحة وعملية وقابلة للتنفيذ، بمعنى أن القوانين القديمة كانت تتضمن تحرير المخالفات وإصدار قرارات الإزالة، لكن لا يتم تنفيذها تحت مليون حجة بيروقراطية منها عدم كفاية أفراد شرطة المرافق أو الشرطة العادية لتنفيذ المخالفات، أو أن الظروف المختلفة لا تسمح بتنفيذ القانون.
لا يمكن تصور عدم الإجابة على مثل هذه النقاط فى القانون الجديد، لأنها كانت الباب الملكى لمرور غالبية المخالفات، وليس غريبا أو مفاجئا أن كل المرتشين الذين استفادوا فى الماضى، كانت أوراقهم سليمة جدا وقانونية!.
النقطة السابعة، أن تكون اللائحة التنفيذية التى ستصدر لتنفيذ القانون الجديد واضحة جدا، وتوفق بين حق الناس فى البناء القانون والسليم وحق الدولة فى حفظ هيبتها والمحافظة على الأرض الزراعية، والبناء السليم والمخطط.
النقطة الثامنة، أن تكون العقوبات للمخالفين مشددة طالما أن الدولة فتحت أمام الناس الطريق الشرعى للبناء، وأن يكون تنفيذ العقوبات سريعا وعلنيا حتى يكون القانون رادعا.
نتمنى للمرة الأخيرة ألا نعيد إنتاج الثغرات الماضية فى القانون الجديد.